ثمة مفارقة في ارتفاع سعر طن النحاس 30 في المئة، منتصف شهر نيسان أبريل الفائت، وبلوغه 8800 دولار، في وقت تنهار فيه أسعار العقارات في الولاياتالمتحدة. فهذا الانهيار، يصيب، مبدئياً، مواد البناء، والمعدن الأحمر من أكثرها طلباً، خصوصاً أن سوق النحاس، يستبق عادة مؤشرات الركود. وحصل ذلك في الخريف الماضي، قبل أن تعود الأسعار لترتفع. ومن أسباب الظاهرة المستغربة هذه أن الولاياتالمتحدة لم تعد المستهلك الأول والحاسم للنحاس، وحلت الصين محلها. وهذه خف تأثّرها بتقلبات السوق الأميركية. فطلبها الداخلي على المنتجات الجاهزة يفوق صادراتها إلى الولاياتالمتحدة. وخلافاً للاعتقاد السائد، لا تتأثّر الصين بالأزمة التي تضرب القوة الغربية الأولى. ولكن هذا الأمر لا يكفي لتفسير الارتفاع المذهل للنحاس، لأن طلب الصين عليه تدنى في الربع الأول من السنة. وينبغي الالتفات إلى جهة العرض. فقد خفّ الإنتاج، بسبب الإضرابات والتوقف الذي سببته أعمال الصيانة وانقطاع التيار. ولأن الأسعار ترتفع، يريد أصحاب المناجم تحقيق كسب أكبر، ما دعاهم إلى الإضراب. وجراء ارتفاع الأسعار، يريد المنتجون رفع معدّل الإنتاج، ما أدى إلى انقطاع الطاقة، وتعطّل المعدّات ومركبات النقل والشحن، فاضطرت الشركات إلى تعليق أعمال الاستخراج أكثر مما كانت تتوقّع. وكانت النتيجة فشل شركات المناجم في تحقيق أهداف الإنتاج، في السنوات الست الماضية. ولا يتوقع تغير المسار هذا، في 2008. وحدد معظم المحللين متوسط سعر النحاس في الأشهر التسعة المقبلة. عن دومينيك بايار،"راديو فرانس أنترناسيونال"الفرنسية، 29/4/2008