أقر مجلس الشعب البرلمان في مصر مد حال الطوارئ المعمول بها منذ 27 عاماً، لمدة عامين أو لحين صدور قانون مكافحة الإرهاب، أيهما أقرب، في خطوة تأتي وسط رفض المعارضة السياسية ومنظمات حقوق الإنسان وعلى رغم وعد الحكومة قبل عامين النواب بأن يكون التمديد الذي ينتهي السبت المقبل هو الأخير. وكان البرلمان تلقى أمس قرار رئيس الجمهورية بمد العمل بحال الطوارئ"لمدة سنتين اعتباراً من أول حزيران يونيو 2008 أو لمدة تنتهي بصدور قانون لمكافحة الإرهاب". وبعدما ألقى رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف بياناً حول مبررات الحكومة لمد حال الطوارئ، أحال رئيس البرلمان الدكتور أحمد فتحي سرور القرار على اللجنة العامة في البرلمان لمناقشته. وطلبت اللجنة من البرلمان الموافقة على مد الطوارئ ل"مواجهة المكائد التي تدبر لزعزعة الاستقرار". ثم صوّت النواب على التقرير في جلسة منفصلة. ووافق عليه 305 نواب بينما رفضه 103 نواب من إجمالي الذين أدلوا بأصواتهم 408 نواب. وبرر نظيف، في بيانه، إقدام الحكومة على طلب مد حال الطوارئ بالحاجة إلى"مواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد أمتنا"، معتبراً أن الحكومة"لم تخلف وعدها أبداً ولم تتعسف في استخدام مواد قانون الطوارئ إلا للغرض الذي حددته الحكومة وهو مواجهة الإرهاب وإجهاض أعماله"، موضحاً أن قانون مكافحة الإرهاب في حاجة إلى مزيد من النقاش كي"نجد صيغة التوازن بين حقوق المواطنين وسلامة المجتمع المطلوب التي تكفل توافقاً حول نصوصه وتجنبه الانتقادات التي كانت بدأت تنطلق في أثناء بحثه وقبل أن تنكشف نصوصه ويستقر على مضمونه". وأوضح نظيف أن الحكومة كانت تملك خيارين:"أن تنتهي اللجنة من إعداد مشروع قانون مكافحة الإرهاب في أسرع وقت أو أن نمد حال الطوارئ مدة أخرى". واستبعد نظيف من خيارات الحكومة"إنهاء حال الطوارئ والاكتفاء بالقوانين العقابية والإجرائية القائمة لمواجهة ظاهرة الإرهاب"، عازياً ذلك إلى أن الحكومة لم تكن على"استعداد للتضحية بالاستقرار الذي ننعم به والأمان الذي نشعر به والنمو الاقتصادي الذي تحقق في ظلهما ولأن رياح الإرهاب عاتية من حولنا والأعداء يتربصون بنا والقوانين العادية لا تكفي لردعهم"، مضيفاً:"الحكومة اختارت أن تطلب مد حال الطوارئ وهو كره لها فهي لا ترغب في العمل في ظل أوضاع استثنائية". وتعهد إجراء حوار مجتمعي حول قانون مكافحة الإرهاب، كما وعد بألا يستخدم قانون الطوارئ إلا في مواجهة الإرهاب. وكشف وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب أن مصر"ضبطت العديد من الجرائم والخلايا الإرهابية في العامين الماضيين في ظل العمل بحال الطوارئ ولم تعلن عنها". وقال شهاب أمام جلسة البرلمان في أثناء مناقشة مد حال الطوارئ:"تم خلال شهر نيسان ابريل عام 2006 ضبط مجموعة إرهابية تدعى"الطائفة المنصورة"كانت تخطط لاستهداف المنشآت الحيوية في البلاد وقدمت للمحاكمة"، مضيفاً:"تم أيضاً ضبط وإجهاض تحرك إرهابي في محافظة القليوبية وبحوزته منشورات واسطوانات كمبيوتر مدمجة عن عمليات إرهابية تمت في العراق فضلاً عن ضبط عناصر أخرى في الغربية والإسكندرية بينها سوريان وثلاثة ليبيين على اتصال بتنظيم القاعدة". وقال شهاب"إذا كنا نريد الأمن والاستقرار لمصر فلا بد من مد حال الطوارئ لأننا عانينا من العمليات الإرهابية ومن منا ينسى حوادث الأقصر ودهب ونويبع"، موضحاً أن"الحكومة كلفت لجنة من 15 عضواً من مستشاري ورجال دفاع وأمن لإعداد قانون يحقق التوازن الأمثل بين حقوق المواطن وأمن البلد ويكون عادلاً ومتوازناً ومتكاملاً، وأنها لم تنته منه لأن هناك بعض النقاط الحساسة التي تحتاج إلى مزيد من الدرس". وشهدت جلسة التصويت على تقرير اللجنة العامة مشادات حادة بين نواب الحزب الوطني الحاكم ونواب المعارضة و"الإخوان". وقاطع نواب المعارضة - الذين وضعوا شعار"لا للطوارئ"على صدورهم - ممثل الغالبية عبدالأحد جمال الدين أثناء حديثه الذي أكد فيه أن لا أحد يشعر بقانون الطوارئ"إلا الفئة التي تريد تدنيس الوطن وأمنه وتجار المخدرات والبلطجية". ورفضت جماعة الإخوان المسلمين تمديد حالة الطوارئ، وقال مرشدها العام محمد مهدي عاكف ل"الحياة":"هذا القرار مخالف لكل القواعد ولوعد الرئيس حسني مبارك، ومبررات الحكومة واهية وخارجة عن المنطق، فالإرهاب أصلاً لم يعد موجوداً في مصر". ورأى أن الهدف من التمديد"استهداف كل الأصوات الداعية إلى الحرية والديموقراطية من أجل إخمادها، وليس الإخوان وحدهم"، مضيفاً"هناك مجموعة من المتمكنين في قيادة هذه الأمة سخروا الأمن لحمايتهم فأصبح الأمن هو الحاكم حتى وصلنا إلى هذا المستوى المتدهور في كل المجالات". من جانبه، قال الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة ل"الحياة":"سنشن حملة ضد تمديد حال الطوارئ"، معرباً عن دهشته من حديث رئيس الوزراء"لأن مد الطوارئ متناقض مع وعد الرئيس مبارك، ولا يجوز ربط الطوارئ بقانون مكافحة الإرهاب لأن هناك قانوناً للتعامل مع الجرائم الإرهابية"، مشيراً إلى أن"تمديد الطوارئ مخالف للدستور الذي ينص على العمل بها فقط في حالة الحروب والكوارث".