تقاسمت القضية اللبنانية والمسألة الاقتصادية النصيب الأكبر من اهتمام القمة التشاورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي عقدت أمس في مدينة الدمام شرق السعودية، وترأسها أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للمجلس. وأعلن الأمين العام للمجلس عبدالرحمن العطية، عقب القمة، ان"اللقاء كان تشاورياً، والقادة يتطلعون إلى توصّل الفرقاء إلى حل للازمة اللبنانية بما يحقق الأمن والاستقرار والرخاء لشعب لبنان". وقال ان القادة"أكدوا تأييدهم جهود قطر في استضافتها الفرقاء اللبنانيين لإجراء حوار جاد حول الأزمة اللبنانية"، مشيراً إلى ان أمير قطر قدم عرضاً لتطورات حوار الدوحة. وقالت مصادر خليجية ل"الحياة"ان القادة"أكدوا ضرورة أن يصل الفرقاء في لبنان إلى حل سريع للمشكلات العالقة بينهم، وأنهم يأملون من خلال مؤتمر الدوحة في تسريع العمل للوصول الى تسوية سياسية وانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان وتشكيل الحكومة الوطنية وانتخابات برلمانية". وذكر العطية ان القادة"عرضوا تطورات الأوضاع في المنطقة، وابدوا أسفهم الشديد لاستمرار الصراعات وبؤر التوتر في فلسطين والعراق ولبنان والسودان والصومال وأزمة الملف النووي". وحذّر القادة من"خطورة استمرار إسرائيل في تجاهل المساعي السلمية العربية والدولية، وتحدي قرارات الشرعية الدولية، وتهويد القدس وبناء وتوسيع المستوطنات، وفرض الحصار الظالم على قطاع غزة". وبالنسبة إلى السودان"عبّر القادة عن إدانتهم للاعتداء الذي قامت به حركة العدل والمساواة على أم درمان، وأكد المجلس تضامنه مع حكومة السودان". إلى ذلك، أشار العطية إلى ان الاجتماع"اقر مقترحات الملك عبدالله بن عبدالعزيز حول تطوير قوات درع الجزيرة". وبحث قادة الدول الست في التقارير التي رفعتها الأمانة العامة للمجلس عن تطبيقات السوق الخليجية المشتركة التي انطلقت في أول كانون الثاني يناير الماضي، مؤكدين ضرورة تجاوز العقبات وايجاد الحلول المناسبة لها والوصول إلى أفضل تنفيذ لبنود السوق وانظمتها. وكانت الأمانة العامة شكلت لجاناً في الدول الأعضاء لمتابعة تنفيذ الاتفاق، ورفع تقارير لعرضها على القادة لوضع الحلول العاجلة لها. كما بحث القادة في قضايا اقتصادية مهمة، في مقدمها الاتفاق الجمركي الذي يواجه صعوبات كبيرة في تطبيقه، إضافة إلى قضيتي ارتفاع الأسعار في دول المجلس والتضخم المتصاعد. وذكرت مصادر ل"الحياة"، أن السوق المشتركة تشكل اتفاقاً بين الدول الأعضاء لتحقيق المساواة التامة في المعاملة بين مواطنيها في المجالات الاقتصادية، تم التوصل إليه من خلال ممثلي الدول الأعضاء في اللجان المختصة، وصدرت به قرارات من المجلس الأعلى. وأشارت المصادر إلى ان السوق المشتركة تعبير واضح عن الإرادة التي ابداها قادة دول المجلس في إعلان الدوحة، وسيتم إيجاد حلول سريعة للعقبات التي تعترضها حتى لا تصاب بانتكاسة مشابهة للاتحاد الجمركي. وأكد الزعماء الخليجيون في تصريحاتهم أهمية الجانب الاقتصادي في القمة التشاورية. وقال العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة:"إننا في هذا اللقاء التشاوري نواصل حمل الآمال الكبيرة للنهوض بالعمل الخليجي المشترك، بتكاتف جميع الجهود وحشد كل الطاقات، من أجل الحفاظ على مصالحنا ومكتسباتنا وتلبية طموحات شعوبنا الخليجية وآمالهم في الغد الأفضل"، مؤكداً أن"التطورات الراهنة تستلزم من قادة دول المجلس الارتقاء بمستوى العمل الخليجي المشترك، بما يعزز روح العمل الجماعي ومواكبة متطلبات المستقبل، خصوصاً في المجالات الاقتصادية"، معتبرا"ان الاقتصاد الذي هو الخيار الأفضل في توثيق عرى الروابط بين شعوبنا كافة، يتطلب منا العمل على تعزيز وتحقيق اندماج اقتصادي متين وراسخ لما فيه رخاء شعوبنا الشقيقة وترابط مصالحها". وقال نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في عمان فهد بن محمود آل سعيد:"إن المرحلة المقبلة من مسيرة التعاون الخليجي مهمة للغاية ولا تخلو من التحديات، ما يتطلب المزيد من التطوير لآليات عمل المجلس سعياً للتغلب على أي معوقات تحول دون تحقيق السياسات الموضوعة التي تستهدف توسيع نطاق التعاون وتفعيله في مختلف المجالات وفي مقدمها الجوانب الاقتصادية والعلمية وتطوير الموارد البشرية، انسجاماً مع متطلبات كل مرحلة من مراحل المسيرة الخليجية". وذكرت مصادر ل"الحياة"أن القادة الخليجيين استعرضوا ما تم الوصول إليه لاستكمال تحقيق المعايير المالية والنقدية لتقارب الأداء الاقتصادي بين دول المجلس، إضافة إلى عرض ما توصل إليه وزراء الدفاع واقتراح خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي نص على تطوير ورفع مستوى قوة"درع الجزيرة"، إلى جانب مناقشة عدد من الملفات المشتركة.