قد يبدو من الظلم القول إن اللبنانيين يسعون إلى تحقيق إنجاز تلفزيوني ولا يوفقون كثيراً. فمسلسلاتهم التي ينتجونها ويعرضونها على شاشاتهم هذه الأيام، لا تغري المشاهد كثيراً بمتابعتها لئلا نقول إنها تقدم له مللاً بدلاً من المتعة، والطامة الكبرى إذا كانت فعلاً، تعكس، برأي المؤلف والمخرج والمنتج، صورة المجتمع اللبناني. واللافت أن بعض المحطات تحاول إشراك بعض العرب في هذا النمط من المسلسلات، ومنها مسلسل"جيران"الذي يعرض على شاشة"أل بي سي". فهذا المسلسل المنسوخ عن البرنامج الأميركي"أصحاب"فراندز، ليس واضحاً ما هو الهدف منه سوى التنفيذ غير الموفق بالطبع، لفكرة البرنامج الأميركي الفكاهي والظريف. قد تبدو الفكرة جيدة أن تقدم طريقة حياة أصدقاء يعيشون في شقة واحدة بمسلسل تلفزيوني يقوم على المواقف الطريفة وسوء الفهم بقوالب كوميدية على أن يتوج ذلك بمصالحة تعقبها مشكلات فمصالحات فمواقف... وقد يبدو ذكياً الإفادة من"نجومية"10 شبان وشابات من جنسيات عربية عدة، مرّوا في برنامج"ستار أكاديمي"، إلا أن ذلك، أي الفكرة الجيدة والذكاء في اختيار الممثلين، انعكس مللاً وتصنّعاً في التمثيل. فهؤلاء الشبان والشابات الذين تابع جمهور عريض من الشباب، حياتهم اليومية شهوراً عبر محطة فتحت خصيصاً لهم، إضافة الى التقارير اليومية عن تلك الحياة ومراحل التقدم في تعلم الغناء والمسرح وحلقة أسبوعية طنانة رنانة، كان يتوقع أن يصبحوا نجوماً في الغناء والاستعراض لا أن يؤتى بهم الى التمثيل على اعتبار أن دروس التمثيل التي أعطيت لهم في الأكاديمية تكفيهم. كان يتوقع من المحطة وكبير مخرجي منوعاتها الذي يبدو أنه تنازل عن برنامجه الشهير"استوديو الفن"لمصلحة"ستار أكاديمي"، أن يعملا عليهم في الإطار الذي نجحوا فيه أي الغناء ومساعدتهم تلفزيونياً على الانطلاق في هذا العالم، ربما مقابل عقد على غرار خريجين كثر من"استوديو الفن"، واستضافتهم دورياً في برامج المنوعات ليطلوا على جمهورهم... وكل هذا يبقى هيّناً أمام المشاهد"الإباحية"التي تتضمنها بعض الأفلام اللبنانية الحديثة، ويبثها مقدمو خدمة"الدش"إلى مشتركيهم. ومن هذه الأفلام"تحت القصف". الفيلم يروي حكاية امرأة لبنانية جاءت تبحث عن ولدها في جنوبلبنان غداة حرب تموز يوليو، لتنتهي الى اكتشاف أنه مات وأن ولداً آخر يرتدي سترته. في الفيلم مشهد إباحي مقحم لعلاقة سريعة وعابرة بين خبّاز وعاملة فندق. لم يرق للمخرج الاكتفاء بالايحاء بحصول الفعل الجنسي بينهما، بل أظهره للمشاهدين على افتراض أنهم لا يمكنهم استنباط الأفعال وفهمها، أو ربما لأن السينما اللبنانية يجب أن تتطور والتطور لا يحصل إلا بتصوير تلك المشاهد. على أي حال هم أحرار في أعمالهم"الثقافية"، وأصحاب دور العرض أحرار في قطع هذا المشهد وهذا ما حصل فعلاً، وبائع خدمة"الدش"حر في بث الفيلم بين محطاته... لكن هناك لبنانيين كثراً يخشون أن ينعكس ذلك مزيداًَ من الحرية للأطفال والمراهقين بالاقتداء بهذه الأفعال التي يراد لها في التلفزيون والسينما أن تكون"لبنانية"؟