يبدأ الرئيس جورج بوش اليوم زيارة للمنطقة تشمل السعودية ومصر وإسرائيل يركز خلالها، بحسب مصادر مسؤولة، على التحدي الإيراني في المنطقة وأفق عملية السلام. إلا أن التطورات الأخيرة على الساحة اللبنانية والأزمة الداخلية التي تعترض رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، إلى جانب تراجع الدور الأميركي في المنطقة، جعلت الخبراء يخفضون التوقعات من الزيارة الثانية لبوش هذا العام قبل سبعة اشهر من مغادرته البيت الأبيض. وغادر الرئيس الأميركي واشنطن أمس في جولة شرق أوسطية تستمر خمسة أيام يبدأها باجتماعات مع نظيره الإسرائيلي شمعون بيريز ورئيس الحكومة ايهود أولمرت اليوم في القدسالمحتلة، قبل المشاركة في احتفالات الذكرى الستين لتأسيس الدولة العبرية غداً. ويتوجه بعدها بوش والوفد المرافق له إلى الرياض للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجمعة. وستبدأ اجتماعات الزعيمين بمأدبة غداء يجريان بعدها محادثات مطولة تستمر نحو خمس ساعات في مزرعة الملك في الجنادرية، تشمل إيران والعراق وأفغانستان والأوضاع في لبنان وعملية السلام. وسيعود بوش إلى شرم الشيخ السبت لاجتماعات ثلاثية على مدى يومين مع الرئيسين المصري حسني مبارك والفلسطيني محمود عباس والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. وأكدت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة"أن المسعى الأميركي الى إقناع أولمرت بالمشاركة في لقاءات شرم الشيخ، لم يلق تجاوباً من الجانب الإسرائيلي، خصوصاً في ضوء الضغوط الداخلية التي تعترض حكومته، وتفاديه الظهور في موقع تقديم التنازلات للجانب الفلسطيني في هذه المرحلة. وستتصدر عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والملف الإيراني محادثات الرئيس الأميركي الذي قال في مقابلات إعلامية قبل الزيارة إن النظام الإيراني يمثل بالنسبة إليه أكبر تهديد للسلام في الشرق الأوسط بسبب برنامج طهران النووي ودعمها وتمويلها ل"حزب الله"في لبنان. وقال:"انظروا إلى ما يحدث اليوم في لبنان بسبب تمويلهم لحزب الله"، مشيراً إلى أن"من مصلحة إسرائيل ان تبقى الديموقراطية اللبنانية. عليكم أن تقلقوا في شأن إيران، أنتم قلقون في شأن إيران، وكذلك نحن". وأبدى خبراء أميركيون، بينهم مسؤولون سابقون، تشاؤماً من أفق الزيارة، مستبعدين أي اختراق على صعيد عملية السلام في هذه المرحلة. ورأى المسؤول السابق عن مكتب وزارة الخارجية للشرق الأدنى في ولاية بيل كلينتون، مدير قسم الشرق الأوسط في"مركز الدراسات الاستراتيجية"جون ألترمان أن"من الصعب إيجاد توقيت أسوأ من اليوم للدفع بعملية السلام في ظل الظروف الإقليمية المتردية وموقع الولاياتالمتحدة المتراجع على الساحة الدولية". وأشار إلى أن الزيارة غير"متناغمة"مع أحداث المنطقة بل مع"رغبة بوش بالاحتفال بذكرى إسرائيل". واعتبر أن"عناصر الديبلوماسية الناجحة غير موجودة اليوم"بسبب ضعف عباس وأولمرت داخلياً وضيق الوقت أميركياً مع انتهاء ولاية بوش في 21 كانون الثاني يناير 2009. ورأى أن هذه العوامل وراء تردد المعتدلين العرب في"احتضان"خطة بوش، وتراجع الثقة بقدرة إدارته على إحداث اختراقات، سواء لناحية عملية السلام أو التعامل مع التحديات الإقليمية ومن بينها إيران والأزمة اللبنانية. إلا أن الباحث في"معهد وودرو ويلسون"المسؤول السابق في ست إدارات أميركية آرون ميلر، رأى أن"هناك فرصاً حقيقية لنجاح الإدارة في إبرام اتفاق صلب قبل نهاية العام"يشمل تفاصيل عن قضايا الحل النهائي ويذهب"أبعد من أي اتفاق سابق". وبرر تفاؤله بقناة الاتصال بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي لم تكن موجودة سابقاً ودور الأطراف الإقليمية، خصوصاً العربية في الدفع بحل كهذا. واشار إلى أن نتيجة كهذه سيصعب على أي إدارة مقبلة تجاهلها، سواء كانت جمهورية أو ديموقراطية، وأن متابعتها ستكون أمراً حيوياً للمصالح الأميركية في المنطقة بعد بوش. غير أنه رأى أن القلق المتزايد من دور إيران، والتطورات الأخيرة في لبنان، إضافة إلى الوضع الداخلي الإسرائيلي والفلسطيني، قد يحتم تغييراً في أولويات الادارة وقيادات المنطقة.