سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان ينزلق الى الحرب : قذيفة على جدار منزل الحريري والمسلحون يحتفلون ب"انتصارهم" والجيش يفتح طريق دمشق الدولية : 15 قتيلاً و45 جريحاً وأضرار كبيرة ... و"ليرحل من لا يعجبه الوضع الجديد "
سقطت بيروت الغربية أمس، في أيدي مسلحي "حزب الله" وحركة "أمل" بعد اقل من 17 ساعة على بدء هجوم منظم على أحيائها مستخدمين كل أنواع الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية التي أصابت مؤسسات اقتصادية واستشفائية فضلاً عن المنازل والمواطنين الذين سقط منهم 15 شهيداً وأصيب نحو 45 شخصاً بجروح وبينهم نساء وأطفال ومسنون وشبان لم تتجاوز أعمارهم بداية العشرينات. فقد استفاقت بيروت المصدومة أمس، على دم سال في زواريبها الضيقة بحثاً عن مسلحين يفترض انهم، وبحسب مواقف المعارضة، على مدى الأشهر الماضية"خضعوا لتدريبات مسلحة وهم مدججون بالسلاح، ويقبعون في مراكز جمعية التنمية الاجتماعية التابعة لتيار المستقبل، فإذا بهؤلاء الشبان يقعون ضحية الرصاصات الأولى لقلة خبرتهم بالقتال وافتقادهم أي دعم لوجستي مفترض. كثر من اهل بيروت استحضروا خلال الساعات التي قضوها في الملاجئ او تحت إدراج أبنيتهم او في حمامات منازلهم ذاكرة"حرب العلمين"في عام 1986 حين استباحت الميليشيات مدينتهم قتلاً وتدميراً. ولم يشفع لأهل بيروت أمس، ما صبروا عليه، بل أتبعه المسلحون بكل أنواع الإهانات والشتائم والتوقيف على الهوية واعتقال حتى الفتية، وراحوا يطلقون النار في الهواء بين الفينة والأخرى احتفالاً بانتصار تحقق. وبدا عناصر الجيش اللبناني كالمسعفين، كلما سقط واحد تلقوه وأمنوا له مغادرة"مشرفة". في محلة رأس النبع التي تحولت مفارقها المؤدية نحو شارع محمد الحوت، الى محاور هجومية على ثلاث مراكز اجتماعية، احترقت عشرات السيارات او تهشمت بفعل الرصاص المنهمر عليها من كل الجهات، ولم يجرؤ العديد من السكان على الخروج من المنازل في ساعات الصباح الأولى ولا حتى الى الشرفات خوفاً من صرخات المسلحين التي كانت تتردد طوال الليل. وعلى رغم اختفاء المسلحين بأعدادهم الكبيرة فان عائلات كثيرة قررت النزوح من المنطقة خوفاً من تجدد الاشتباكات، خصوصاً بعد انقطاع التيار الكهربائي ومياه الشفة، وقالت أم سمير طبارة ان ما حصل"فاق كل قدرة على الاحتمال وكأنهم يحررون فلسطين، وكأننا نحن المحتلون لها، هذا حرام، انها الحرب من جديد، الا يشبعون حروباً؟". ويتكرر مشهد الحرائق التي أتت على منازل ومحال علق بعضها صور الرئيس رفيق الحريري منذ اغتيل قبل ثلاث سنوات، في كركول الدروز والمنلا والمصيطبة، حيث لم يخل المسلحون الشوارع بل أصروا على إطلاق النار في الهواء كلما ساد الصمت ونهروا الناس عن الخروج من منازلهم، وقالت السيدة بشيرة:"إن المسلحين يصرخون منذ الصباح على رجالنا ويقولون لنا ان لا رجال لدينا وان كانوا فعلاً رجالاً فلينزلوا الى الساحات لمقارعتهم، وان الذي لا يعجبه ما يحصل فليرحل عن بيروت!". وتسأل بشيرة: انها بطولات المنتصرين ولكن على من؟ هل نحن العدو، لماذا يخاطبوننا بهذه الطريقة، لماذا كل هذا الاستفزاز، لندع النفوس تهدأ، وعسى لا تتطور الأمور أكثر من ذلك، لكن ما حصل اكبر من ان ينتهي بهذه السهولة مرت حروب علينا ونعرف كيف تتطور". وفي المراكز التابعة ل?"جمعية التنمية الاجتماعية"تشاهد عمليات تخريب لمحتوياتها وحرق لبعضها، وظهرت أمام مداخلها صور للرئيس السوري بشار الأسد وأخرى للرئيس اللبناني السابق اميل لحود. وقال رمزي ان أقسى ما التقطته عيناه أمس، مشهد اعتقال مناصري"المستقبل"وبينهم فتية عصبت عيونهم في محلة الظريف وكركول الدروز واقتيدوا الى مراكز تابعة لحركة"أمل". والمفارقة كما قال ان هؤلاء المسلحين يسلمون المعتقلين الى الجيش على اعتبار انهم"مسلحين"وكأنهم هم الدولة". المسلحون الذين أخفى بعضهم وجهه خلف أقنعة سود او كوفيات انتشروا في مختلف شوارع بيروت، او تجمعوا في الزوايا، واظهر بعضهم شارات حمراً على الأذرع او حملوا رايات لأحزاب في المعارضة، وأوقفوا الناس لسؤالهم عن وجهتهم او منعهم من متابعة سيرهم او لطلب هوياتهم والتدقيق بها. وقالت السيدة سناء في محلة بربور ان الوضع ازداد سوءاً طوال الليل"كنا نسمع إطلاق القذائف الصاروخية وحتى الهاون من منطقتنا في اتجاه منطقة الطريق الجديدة، وكنا نسمع صرخات الناس ولا نعرف كم جريحاً سقط ولا من يسعفه". وكانت منطقة الطريق الجديدة عاشت ذروة حال القلق خلال الليل وساعات الفجر، مع تردد إشاعات عن قرب اقتحامها من المسلحين، وبدا ان اتصالات مع الجيش نجحت في تجنيبها هذا الكأس، إذ تولى جنوده إخلاء المنطقة من شبان من"المستقبل"الى أمكنة اختاروها، وكثف الجيش تواجده في الشوارع وصادر سلاحاً قرر أنصار"المستقبل"تسليمه الى الجيش بإيعاز من النائب الحريري الذي طلب الى الناس"التزام المنازل والهدوء لان هذه المدينة لنا ولا نريد تعريضها للخراب ولا ان تسيل فيها الدماء". وأصابت إحدى القذائف مبنى مستشفى المقاصد في المنطقة. وشوهد صباحاً في محلة عين المريسة عشرات المسلحين من"حزب الله"و?"أمل"وتحديداً على مقربة من تمثال الرئيس رفيق الحريري في المكان الذي اغتيل فيه. وسجل استهداف لمحيط منازل تقطنها قيادات من الاكثرية وأبرزهم وزير الداخلية حسن السبع في كركول الدروز ومنزل الوزير احمد فتفت في رأس النبع والنائب عمار حوري في مار الياس الذي دخله المسلحون وجرت اتصالات حضر الجيش على أثرها الى المكان وأخرجهم منه، ومنزل وائل أبو فاعور في ساقية الجنزير وفيصل الصايغ في عين التينة والوزير غازي العريضي في فردان، وتم سحب عناصر الأمن المولجة عادة بحماية هذه المنازل وتم تكليف وحدات الجيش بهذه المهمة التي شملت أيضاً منزل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في محلة تلة الخياط. وكانت الاشتباكات عنفت صباحاً في محيط شارع السادات في رأس بيروت وعند تقاطع محلة قريطم حيث منزل النائب الحريري الذي أصيب بقذيفة"آر بي جي"اصطدمت بجداره الخارجي. وظهراً ترددت الطلقات النارية في محيط السراي الكبيرة، وتردد انها طلقات الفرح بالانتصار وليس محاولة لاقتحام السراي من قبل المتواجدين في خيم اعتصام المعارضة في وسط بيروت والذين واصلوا منع أي كان من العبور في اتجاه قلب بيروت وكانوا يدققون في الهويات. وكان الوزير فتفت علق على احتمال اقتحام السراي التي يتواجد فيها الى جانب وزراء آخرين ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة بالتأكيد"أن الجيش اللبناني سيدافع عن السراي إذا حاولوا اقتحامها". واتهم"حزب الله"بأنه"جيش منظم ميليشوي كان يفترض أن يحارب اسرائيل فإذا به يحارب بيروت". وأوضح فتفت أن معظم القتلى هم من المدنيين، مشيراً الى ان شرطيا في المجلس النيابي قتل نتيجة إصابته برصاصة طائشة. وشهد مرفأ بيروت انتشاراً أمنياً لافتاً لعناصر من أفواج المغاوير والمجوقل واتخذت إجراءات أمنية مشددة على طول الخط الممتد من جريدة"النهار"مروراً بالبيت المركزي الكتائبي في الصيفي وصولاً إلى مرفأ بيروت للحؤول دون أي محاولة لقطعها كما تردد صباحاً. وكانت الطرق في محيط بيروت ظلت على حالها من الإقفال بواسطة الردميات والعوائق ولا سيما طريق المطار المقفلة منذ الأربعاء الماضي، الا ان الجيش اللبناني أعاد أمس، فتح طريق دمشق الدولية في البقاع والتي كان مناصرون لتيار"المستقبل"قطعوها صباح أول من أمس احتجاجاً على ما حصل في بيروت. وفتحت كذلك الطريق التي تربط بيروت بجنوب لبنان والتي كان مؤيدون للأكثرية قطعوها يوم الخميس في محلة حارة الناعمة. لكن عصر أمس، سجل على طريق خلدة - الدوحة إطلاق نار أدى الى مقتل كل من علاء شعبان وعفيف ناصر، وإذ اتهم"الحزب الديموقراطي"يرأسه النائب السابق طلال إرسلان تيار"المستقبل"بقتلهما، نفى التيار بشدة الأمر مؤكداً"ان لا مراكز له في تلك المنطقة". كما نفى النائب وليد جنبلاط أي علاقة للحزب التقدمي الاشتراكي بالحادث. وإذ أعاد الجيش اللبناني فتح طريق مدخل طرابلس الجنوبي"مستديرة الملولة"بعدما أزال الإطارات المشتعلة والعوائق التي كان وضعها مناصرون ل"المستقبل"في الطريق، فإنه سجل مساء إطلاق نار من قبل مجهولين في اتجاه مكتب المحكمة الجعفرية في مدينة طرابلس ومكتب حزب البعث العربي الاشتراكي ومكتب للرئيس السابق عمر كرامي معارضة الا ان مصادر الأخير قللت من أهميته. وكان عدد من الأهالي قطعوا طريق المنية - عكار عند مدخل بلدة بحنين بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على ما يحصل في بيروت، ثم أعيد فتحها لاحقاً. واستتباعاً لتداعيات أحداث بيروت، سجل في صور اقتحام عشرات الشبان مقر دار الإفتاء الجعفري الذي يترأسه المفتي علي الأمين المعارض ل"حزب الله"، وهو أعلن في وقت لاحق أن"مسلحين من حركة"أمل"دخلوا الى مكاتب دار الإفتاء الجعفري في صور وما يزالون داخلها"، لافتاً الى أن"عدداً من المسؤولين ومن رجال الدين موجودون داخل المكاتب وكانوا يقومون بعملهم". وأشار الى أنه"لم يتبلغ عن وقوع أية اشتباكات ولكن ما يحدث هو عمل مستنكر ومرفوض"، داعياً"القوى الأمنية الى القيام بواجباتها". وأكد المفتي الأمين أن"السنة والشيعة إخوان في الدين وما يجري يشكل فتنة سياسية مرفوضة بكل المعايير".