تواصل السجال بين موسكو وتبليسي حول الوضع في منطقة النزاع الجورجي - الأبخازي، وانعكست التحركات الميدانية للطرفين وزيادة حجم القطع العسكرية، على مناقشات مجلس روسيا - الأطلسي، وسط جهود جورجية لإحلال قوات غربية مكان الروس في منطقة النزاع قابلها الأبخاز برفض قاطع. واتجه الموقف على الحدود بين جورجيا وإقليم أبخازيا الساعي إلى الإنفصال عنها إلى مزيد من التعقيد مع الإعلان عن زيادة حجم القوات الروسية العاملة في المنطقة ضمن قوات حفظ السلام، وهو أمر رأى فيه الجورجيون"إعلان حرب". وقال رئيس الوزراء الجورجي فلاديمير غورغينيدزة إن معطيات بلاده تشير إلى أن آليات روسية عبرت الحدود مع أبخازيا، وتمركزت في مواقع داخل الإقليم الإنفصالي، كما أقامت موسكو 15 نقطة تفتيش إضافية تقطع الطرق الرئيسة الواصلة إلى أبخازيا، معتبراً أن التطور يعكس"نيات عدوانية روسية". وسارعت جورجيا أمس، إلى نقل ملف الأزمة إلى أروقة"الحلفاء"الذين قالت إنها ستستعين بهم"للتصدي لعدوان روسي محتمل"والمقصود حلف الأطلسي والإتحاد الأوروبي، إذ شكل ملف العلاقات الروسية - الجورجية والوضع في إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، المحور الأساسي للنقاش خلال جلسة مجلس"روسيا - الأطلسي". وطالبت تبليسي خلال الجلسة بإحلال قوات غربية مكان الوحدات الروسية العاملة في المنطقة باعتبار أن"موسكو اصبحت طرفاً في المشكلة وليست جزءاً من الحل". في المقابل هاجم مندوب روسيا لدى"الأطلسي"ديمتري روغوزين بعنف، القيادة الجورجية واتهمها بأنها تدفع شعبها نحو الحرب عبر التصعيد المتواصل على الجبهة مع أبخازيا، ومعلوم أن موسكو كانت اتهمت الجورجيين بتعزيز قواتهم وزج وحدات إضافية إلى المنطقة خلال اليومين الماضيين. وكما كان متوقعاً حصلت تبليسي على دعم مباشر من جانب الأطلسي والاتحاد الأوروبي، وأعلن المفوض الأعلى لشؤون السياسة الخارجية خافير سولانا بعد لقائه أمس في لوكسمبورغ مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن خطوة موسكو بتوسيع حجم قواتها العسكرية في منطقة النزاع"غير حكيمة وتؤدي إلى توتير الموقف أكثر". وعلى رغم اتفاقه مع الموقف الروسي المستند إلى أن التوسيع جاء تلبية لاتفاقات سابقة بين أطراف الأزمة، قال سولانا إن توقيت التطور يمكن أن يؤدي إلى عواقب سيئة. وعلى رغم أن"الأطلسي"من جانبه أيد الموقف الجورجي الداعي إلى سحب القوات الروسية من منطقة النزاع، فإن مصدراً في الحلف أعتبر أنه من المبكر الحديث عن إمكان تلبية المطلب الجورجي حول إحلال قوات"أطلسية"مكان الروس. وأكد وزير خارجية أبخازيا سيرغي شامبا في حديث إلى"الحياة"أمس أن الطرف الأبخازي"لن يقبل في كل الأحوال بحلول قوات أطلسية أو أوروبية في المنطقة، مشيراً إلى أن الطرفين يؤيدان سلفاً الموقف الجورجي ما يعني عدم تمتعهما بالحياد. واعتبر مسؤول الديبلوماسية في الجمهورية المعلنة من طرف واحد الوضع في أبخازيا"صعب للغاية والخطوات التي تقوم بها جورجيا خطرة وتشكل مخالفة لكل الاتفاقات الموقعة برعاية الأممالمتحدة وعلى رأسها اتفاق وقف إطلاق النار". وزاد أن الأيام الأخيرة شهدت توغلاًَ جورجياً في منطقة وادي كودور الفاصل بين الطرفين وهي منطقة محظورة عسكرياً بحسب الاتفاقات ما يعكس"نيات مبيتة لمحاولة حسم الخلاف عسكرياً". واتهم شامبا الجورجيين يتعطيل مفاوضات التسوية عمداً والمراهنة على الحل العسكري، مشيراً إلى أن أبخازيا تعرضت لأكثر من هجوم عسكري منذ وقف إطلاق النار في العام 1993. وشدد شامبا على أن الطرف الأبخازي يرفض أيضاً محاولات توسيع الأطراف المعنية بحل الأزمة بإضافة"الأطلسي"أو أي طرف آخر، واعتبر أن قيام موسكو بتعزيز قواتها العاملة في المنطقة"لا يشكل مخالفة للاتفاقات الموقعة بحضور كل الأطراف". وقال وزير الخارجية الأبخازي إن بلاده تدعو إلى توقيع اتفاق تعاون عسكري إستراتيجي مع الروس يضمن لأبخازيا مصالحها الأمنية ويمنح موسكو امتيازات أستراتيجية بينها الحق في نشر قواعد عسكرية دائمة في أبخازيا، ما يشكل عنصر توازن في حال أصرت جورجيا على الانضمام إلى الحلف الأطلسي متجاهلة الاعتراضات الروسية. ومعلوم أن أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية تسعيان إلى الاستقلال عن جورجيا والانضمام إلى روسيا. وعلى رغم أن موسكو لم تعترف رسمياً باستقلال الإقليمين فإنها سارت خطوات أخيراً نحو تعزيز التعاون معهما وأعلنت انها سترد عسكرياً وبعنف في حال تعرضا لهجوم جورجي.