منذ اكتشاف كريستوفر كولومبوس أميركا عام 1492، وتذوّقه لدى حلوله فيها مشروب الشوكولا، عبر ما اعتبره البحار الإسباني مشروباً بنياً غريباً مختلف القارات واحتل مكانة متقدمة في قلوب الصغار والكبار. وأخيراً ارتفعت الأسعار العالمية للكاكاو، المادة الرئيسة التي ينتج منها الشوكولا، أسوة بالمواد الغذائية الرئيسة الأخرى المستهلكة عالمياً، ومنها الرز والقمح والسكر والبن، نظراً إلى ارتفاع الطلب عليه وتراجع المحصول لعوامل طبيعية. ووفقاً لإحصاءات"منظمة الكاكاو العالمية"مقرّها بريطانيا ارتفع السعر الوسطي للكاكاو 38.8 في المئة بين آذار 2007 وآذار مارس الماضي إلى 2670.41 دولار للطن. ويرتفع الطلب العالمي على محصول الكاكاو بحسب إحصاءات"مؤسسة الكاكاو العالمية"مقرّها الولاياتالمتحدة بمعدل ثلاثة في المئة سنوياً، في السنوات المئة الأخيرة. وبلغ الإنتاج العالمي نحو 3.73 مليون طن عام 2005/2006، بقيمة إجمالية بلغت خمسة بلايين دولار. وتراجع المحصول عام 2006/2007 بواقع تسعة في المئة إلى 3.40 مليون طن، جراء تراجع المحصول في أفريقيا من 2.66 مليون طن إلى 2.34 مليون طن بسبب هطول أمطار موسمية أغزر من المعتاد، كما تراجع في آسيا وأوقيانيا إندونيسيا وبابوا غينيا الجديدة وماليزيا اللتين تنتجان نحو 20 في المئة من إنتاجه العالمي بسبب ضآلة الأمطار الموسمية ومرض يضرب الحبوب. الشوكولا ويلاحظ محبو الشوكولا بمختلف أصنافه في الآونة الأخيرة ارتفاع سعره. وفي بعض الأحيان قد تلجأ الشركات، بهدف الحفاظ على القدرة التنافسية لمنتجاتها، إلى حيل أخرى عوضاً عن رفع سعر التجزئة، فتقلل من وزن اللوح أو تعدّل في مواد صنعه، وتبقي على سعره مستقراً. وحول هذا الموضوع، أوضح رئيس منطقة المشرق وقبرص ومالطا في شركة"كرافت"الأميركية ثاني أكبر شركة للأغذية في العالم بعد"نستله"السويسرية، أحمد كردي، لپ"الحياة"ان موجة ارتفاع أسعار منتجات الشوكولا بدأت منذ نحو سنتين، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية المختلفة التي تدخل في صناعته، وهي بودرة الكاكاو وزبدته والحليب والمكسّرات والدقيق وغيره. ولفت إلى ان معظم أصناف الشوكولا التي يستهلكها العالم العربي مصدرها أوروبا، وهي بالتالي مسعّرة باليورو، في حين ان معظم عملات الدول العربية مرتبطة بالدولار الذي تراجع سعر صرفه عالمياً، وأمام اليورو تحديداً. وأضاف ان"كرافت"، التي تملك ماركات شوكولا ذات نوعية فاخرة ومتوسطة، مثل"توبليرون"وپ"كوت دور"وپ"دايم"وپ"ميلكا"، لا تضحّي بجودة ونوعية منتجاتها، لذلك"تحمّلت كلفة الفارق في سعر التجزئة لمدة معيّنة، لكن طول أمد هذه الظاهرة وتفاقمها، جعلها أخيراً تقرر رفع سعر منتجاتها". ومثالاً على ذلك، رفعت في الشهرين الأخيرين سعر لوح واحد من شوكولا"ليو"، المكوّن من أربع أصابع من البسكويت المغلّفة بالشوكولا، في السوق اللبنانية من 500 ليرة لبنانية 0.33 دولار إلى 750 ليرة 0.50 دولار. ولفت إلى ان"أسعار منتجات الشوكولا في الدول العربية تتقارب، ويمثّل الاختلاف الطفيف بينها فوارق الضرائب الجمركية بين بلد وآخر، ومعدل ضريبة القيمة المضافة، ان وُجدت". وحول الاختلاف في نوعية الشوكولا وأسعاره، أكد ان نوعية الشوكولا مرتبطة بنوعية المواد المستخدمة كمية زبدة الكاكاو مثلاً وطريقة تحضيره التي تجعله منتجاً متوسطاً أو عالي الجودة. ففي شركة"كوت دور"البلجيكية، التابعة لپ"كرافت"،"يمزجون مكونات الشوكولا ويحركونها لمدة طويلة لتعطي الطعم المميز لمنتجاتهم وترفع أسعارها". أما بالنسبة إلى تأثر نسبة مبيعات الشوكولا في الفترة الأخيرة، فأفاد بأن"من يشتري النوعية العالية الثمن مستعد لذلك، حتى لو ارتفع سعرها قد يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من الصنف الفاخر مئة دولار، في حين ان المنتجات التي تستهدف شرائح المجتمع كلها قد تتأثر لفترة محدودة من ارتفاع سعرها"، الأمر الذي اعتبره"مقبولاً"لغاية الآن. ومن اللافت ان صناعة الشوكولا توفّر إيرادات ضخمة للشركات. وبلغت مبيعات شركات الشوكولا الكبرى، مثل"مارس"9.5 بليون دولار وپ"كادبوري"ثمانية بلايين دولار وپ"نستله"7.9 بليون دولار وپ"كرافت"2.25 بليون دولار عام 2005، وفقاً لإحصاءات"منظمة الكاكاو العالمية". ويتفق الخبراء والأفراد على أنه مهما ارتفع سعر هذا"السحر البنّي"، سيستمر التهافت على شرائه والتلذذ بطعمه والاستفادة من فوائده الصحّية المؤكدة علمياً. فهو، إذا صحّ التعبير الاقتصادي، كالماس لا يتأثر الإقبال على شرائه بسعره المرتفع. ويكفي ان نشير إلى نتائج استطلاع صدرت أخيراً في بريطانيا أفادت بأن"معظم السيدات يضعن تناول الشوكولا في أعلى سلّم مصادر سعادتهم، فيتقدم بذلك أهمية على شريك حياتهم حتى". مصدر عيش 50 مليون شخص تُعرف ثمرة الكاكاو، ومصدرها أميركا اللاتينية، وفقاً لپ"مؤسسة الكاكاو العالمية"باسمها اللاتيني العلمي وهو"ثيوبروما كاكاو"أي غذاء الآلهة. وهي تُنتَج عالمياً بثلاثة أصناف تجارية، الأول والأكثر شيوعاً هو"فوريستيرو"الذي يشكل 90 في المئة من إنتاج الكاكاو عالمياً ويُزرع في دول غرب القارة الأفريقية ساحل العاج وغانا ونيجيريا والكاميرون التي توفر 70 في المئة من إنتاجه عالمياً. والثاني"كريولا"، وهو صنف ذو جودة عالية يزرع في وسط أميركا اللاتينية وجنوبها، تحديداً البرازيل والإكوادور اللتين تؤمّنان 10 في المئة من الإنتاج العالمي، والصنف الأخير"ترينيتاريو"، وهو حصيلة التلاقح بين الصنفين السابقين. ويبلغ عدد مزارعي الكاكاو عالمياً نحو ستة ملايين، معظمهم في افريقيا، ويعتاش 40 إلى 50 مليون فرد من محصول هذه السلعة الزراعية المستهلكة عالمياً.