عقد الرئيسان الأميركي جورج بوش والروسي فلاديمير بوتين آخر قمة بينهما كرئيسين لبلديهما في منتجع سوتشي جنوبروسيا. وخيمت على المحادثات أجواء ودية وصريحة، وتناول البحث الخلاف على الدرع الصاروخية التي تعتزم واشنطن نشرها في شرق أوروبا، وانسحاب موسكو من معاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية. كما استغل بوش زيارته روسيا للقاء الرئيس المنتخب ديمتري ميدفيديف الذي أكد عزمه على تطوير العلاقات مع الولاياتالمتحدة. وأشار الرئيسان الأميركي والروسي الى"بعض التقدم"بخصوص الدرع الأميركية المضادة للصواريخ في أوروبا، من دون حل الخلاف نهائياً، واقترحا إنشاء نظام دفاع صاروخي مشترك يشمل الأوروبيين. وتبنى الرئيسان في لقائهما في سوتشي المطلة على ساحل البحر الأسود، نصاً ختامياً يذكر بمعارضة الكرملين للدرع الأميركية، لكنه يؤكد أن الإجراءات التي تقترحها واشنطن لطمأنة موسكو"مهمة ومفيدة". وفي مؤتمر صحافي مشترك مع بوش، صرح بوتين الذي يغادر الكرملين في 7 ايار مايو المقبل، بأنه"متفائل بحذر"حول فرص الاتفاق مع الولاياتالمتحدة. وقال:"اعتقد بأن الأمر ممكن. الأهم هو العمل معاً"على هذا المشروع. من جهته عبر بوش عن ارتياحه لحصول"اختراق مهم"في المسألة الشائكة المتعلقة بمنظومة الدرع المضادة للصواريخ في أوروبا. وقال:"إنه اختراق مهم. كنت معنياً جداً بهذا الملف، واعلم كيف تقدمت الأمور". لكنه اقر في الوقت نفسه بأن"أمامنا الكثير من العمل لإقناع الخبراء بأن النظام ليس موجهاً ضد روسيا". وتختلف روسياوالولاياتالمتحدة على المشروع الأميركي القاضي بنشر عناصر من الدرع المضادة للصواريخ في بولندا والجمهورية التشيخية. وتؤكد واشنطن ان الدرع تهدف الى صد تهديدات محتملة من"الدول المارقة"كإيران. غير ان موسكو تصر على أنها تشكل تهديداً مباشراً على حدودها. وتطرق الرئيسان الى خيار ثالث، يقترح"إنشاء نظام دفاعي مضاد للصواريخ تشارك فيه روسياوالولاياتالمتحدة وأوروبا على قدم المساواة". وتأتي محادثات سوتشي إثر قمة الحلف الأطلسي التي دعي اليها بوتين، لتحدد إطاراً للعلاقات الروسية -الأميركية قبل استلام الرئيس الروسي المنتخب ديمتري ميدفيديف منصبه. واستهل بوش محادثاته في سوتشي، بكيل المديح لبوتين، بعد سبعة أعوام من العلاقات المعقدة والحادة بين بلديهما، وقال موجها الحديث لنظيره الروسي:"إنكم لا تخشون قول ما تفكرون به وعندما يقال كل شيء وينتهي الأمر نتصافح". ووصف بوش بوتين ب"الزعيم القوي". في موازاة ذلك، تعهد بوش وميدفيديف العمل معاً لحل المشاكل الثنائية. وعبر بوش عن سروره لفكرة إقامة علاقات مع خلف بوتين"تسمح لنا بحل المشكلات المشتركة". وقال ميدفيديف إن العلاقات الروسية -الأميركية لن تشكو من أي"توقف". وأضاف: أن"العلاقات الروسية -الأميركية هي عامل أساس للأمن العالمي". ونقلت وكالة أنباء"انترفاكس"عن ميدفيديف قوله:"بعد بدء مسؤولياتي أود العمل من اجل تطوير علاقاتنا من دون توقف". وأثار مشروع الدرع الصاروخية توتراً حاداً بين القوتين العظميين كما لم يحدث منذ الحرب الباردة. واتى بوش الى سوتشي بعد حصوله على دعم الحلف الأطلسي أبان قمته قبل يومين، لمشروع نصب عشر بطاريات صواريخ في بولندا ونظام رادار فائق التطور في الجمهورية التشيخية. غير أن توسع الدرع"الأميركية"في أوروبا ليس الا واحدة من نقاط الخلاف مع موسكو، اذ تعهد الحلف الأطلسي بضم جمهوريتين سوفياتيتين سابقتين هما جورجيا وأوكرانيا في وقت لاحق. غير أن بوتين أبدي خلال قمة الحلف اعتراضه الشديد على توسيع منظمة شمال الأطلسي الى عتبات روسيا. من جهة أخرى، قال مصدر روسي رسمي إن هناك إمكاناً لتوقيع معاهدة جديدة تهدف إلى تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية بين موسكووواشنطن قبل نهاية العام المقبل. وأبلغ المصدر في الكرملين وكالة أنباء"نوفوستي"أن معاهدة جديدة في شأن تقليص الأسلحة الإستراتيجية الهجومية قد توقع بين روسياوالولاياتالمتحدة قبل نهاية عام 2009. وأعرب المصدر عن اعتقاده ب"أن عدد الرؤوس الحربية المخزنة في المستودعات لا بد من أن يحدد بدقة وبصيغة قانونية واضحة. وحينئذ سيكون كل شيء مفهوماً وشفافاً. ولكنهم الأميركيين غير مستعدين إلى حد الآن. وعلى رغم ذلك نواصل الجهود ونرى أن المعاهدة يمكن أن تكتسب الصيغة القانونية في عام 2009 فيما لو ركزنا على هذا العمل بقدر كاف من الهمة". وقعت واشنطنوموسكو معاهدة تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية في تموز يوليو 1991، وبدأ سريان مفعولها في كانون الأوّل ديسمبر 1994 لينتهي في 5 كانون الأوّل 2009 . وتضع المعاهدة حدوداً متساوية لعدد الرؤوس النووية ووسائل إيصالها لدى الطرفين وكذلك تحدد وزن الصواريخ البالستية.