أدى انتشار آلاف من جنود الأمن المركزي في محافظات مصرية عدة واعتقال نحو 200 من ناشطي المعارضة واشتباكات بين الشرطة ومواطنين أمس، إلى تقليل نسبة المشاركة في إضراب عام دعا إليه ناشطون احتجاجاً على ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، على رغم خلو غالبية شوارع القاهرة من السيارات والمارة على غير عادتها. وبدت الحركة في الميادين والشوارع الرئيسة في القاهرة أمس أقل من المعتاد بكثير. وانخفضت نسبة إشغال المواصلات العامة إلى الثلث، بسبب عدم خروج آلاف إلى وظائفهم مشاركة في الإضراب أو خوفاً من وقوع أعمال شغب. وبلغت نسبة الاستجابة للإضراب في المصالح الحكومية نحو 30 في المئة، كما سجلت دفاتر الغياب في المدارس عدم حضور أكثر من 40 في المئة من الطلاب، خلافاً لتأكيد وزير التعليم الدكتور يسري الجمل أن نسبة الحضور في المدارس"لم تتأثر، وواصل الطلاب دراستهم في شكل اعتيادي، بما يعكس وعي الأسرة المصرية بعدم الاستجابة للانقطاع عن الدراسة ووعي المواطن بمصالحه". وانتشرت قوات الأمن مدعمة بفرق العمليات الخاصة والأمن المركزي في وسط القاهرة. وتحول ميدان التحرير إلى ثكنة عسكرية لم يسمح فيها بالتواجد إلا لرجال الأمن الذين طوقوا أيضاً نقابتي المحامين والصحافيين حيث تظاهر مئات الناشطين أمس. وهتف المتظاهرون:"الإضراب مشروع، ضد الظلم والجوع"، وطالبوا برحيل الحكومة. واعتلقت الأجهزة الأمنية أكثر من 67 ناشطاً سياسياً، كما أحبطت تظاهرة لحركة"كفاية"في ميدان المنشية في محافظة الإسكندرية. وقال القيادي في الحركة عبدالحليم قنديل إن الأمن اعتقل رئيس لجنة الحريات في نقابة الصحافيين القيادي في"الإخوان المسلمين"محمد عبدالقدوس، ومنسق"كفاية"عادل العطار، وأمين"الحزب الناصري"جمال منيب، والأمين العام لحزب"العمل"مجدي حسين، والأمين العام المساعد للحزب مجدي قرقر، والقيادي في حركة"الكرامة"محمد الأشقر، والناشط في حركة"شباب من اجل التغيير"محمد الشرقاوي، والصحافي في جريدة"الشعب"محمد أبو المجد، إضافة إلى عدد من الناشطين وزعوا منشورات تدعو إلى الإضراب. الطريف أن الأمن أوقف الطالب في كلية الشريعة سعد محمد أحمد في محافظة الغربية بعد ضبطه وهو يوزع منشورات تدعو إلى الإضراب. وتبين أنه عضو في"الحزب الوطني الديموقراطي"الحاكم. وشملت قائمة المعتقلين أكثر من 150 ناشطاً من عمال شركة مصر للغزل والنسيج في مدينة المحلة الكبرى في دلتا النيل كانوا يخططون لحض زملائهم على الإضراب عن العمل أمس. وقال ناشطون في صفوف عمال غزل المحلة إن المئات من رجال الأمن الذين يرتدون الزي المدني انتشروا منذ الصباح داخل الشركة وفي الطرق المؤدية إليها بهدف إحباط محاولة إضراب دعا إليها العمال للمطالبة بزيادة الأجور في مواجهة الزيادات المستمرة في الأسعار. ولم يتمكن عمال كثيرون من الوصول إلى المصانع بسبب ذلك الحصار الأمني. ونقلت وكالة"رويترز"عن شهود أن مصادمات وقعت بين قوات الأمن ومئات المتظاهرين في مدينة المحلة الكبرى، وأن هناك مصابين من الجانبين. وقال شاهد إن الشرطة أطلقت أعيرة مطاطية وقنابل مسيلة للدموع لتفريق مئات العمال المطالبين بزيادة أجورهم، ما دفع العمال إلى الرد بإلقاء الحجارة على القوات وإشعال النار في إطارات السيارات. وأضاف أن عمالاً أشعلوا النار على ما يبدو في عدد من المتاجر وحطموا واجهاتها. وفي المقابل، أكدت تقارير وبيانات حكومية"انتظام العمل في جميع المصالح والهيئات العامة والمواقع الإنتاجية والخدمية والدراسية في مختلف المحافظات"، مشيرة إلى أن"المواطنين على درجة عالية من الوعي، وهم الركيزة الأساسية للأمن والاستقرار، وهم يرفضون المزايدة على مشاكل لا سبيل لمواجهتها إلا بالعمل الجاد". وأكد محافظ القاهرة الدكتور عبدالعظيم وزير أن"أحياء القاهرة عاشت يوماً عادياً وطبيعياً"، مشيراً إلى"انتظام العمل في الدواوين والمدارس والحركة في الأسواق، وأن أجهزة المحافظة لم تتلق أي شكاوى أو بلاغات من حوادث أو أمور تؤثر على انتظام العمل". وأكد رئيس جامعة القاهرة الدكتور علي عبدالرحمن أن"الدراسة والأنشطة الجامعية منتظمة في مختلف الكليات ومعاهد الجامعة، والتزم أعضاء هيئة التدريس والعاملون بأداء واجباتهم ورفضوا المشاركة في الدعوة للإضراب"، مشيرا إلى أن"حرية التعبير عن المطالب مكفولة للجميع داخل الجامعة بشرط عدم التأثير أو الإضرار بالطلاب وسير المرحلة التعليمية". وبدأت الدعوة إلى الإضراب على موقع"فايس بوك"على الإنترنت. وبلغ عدد مؤيديها حتى صباح أمس أكثر من 65 ألفاً. وتردد أن السلطات ألقت القبض على الناشطين الذين يتولون الحملة على الموقع. وكانت وزارة الداخلية أصدرت بياناً حذرت فيه من"أن أجهزتها ستقوم باتخاذ ما يلزم من إجراءات فورية وحازمة إزاء أي محاولة للتظاهر أو تعطيل حركة المرور أو إعاقة العمل بالمرافق العامة أو التحريض على أي من هذه الأفعال".