لم يمنع إعلان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وقف عمليات الدهم والاعتقالات، لأنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، من الاعتصام أمام مكاتبهم الموزعة في ارجاء البلاد، مطالبين بفك الحصار المفروض على بعض أحيائهم في بغداد. واتهم الصدر في بيان اطرافاً حكومية بأنها تخيره بين"السلة والذلة". فيما أكد قيادي في"المجلس الاسلامي الأعلى"بزعامة عبدالعزيز الحكيم، دور ايران"المحوري"في انهاء الأزمة الأمنية الاخيرة في جنوبالعراق. وبدأ المئات من الموالين للصدر، نساء ورجالاً، اعتصاماً أمام مكاتب الشهيد الصدر في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية في انتظار إعلان فك الحصار عن مدينتهم والمناطق الاخرى التي تعيش الظروف ذاتها. وقبل ساعات من بدء الصدريين اعتصامهم اعلن المالكي في بيان تلقت"الحياة"نسخة منه"وقف عمليات الدهم والملاحقات في كل المناطق لفسح المجال للمسلحين لإلقاء السلاح". ونقل البيان عن المالكي قوله انه أمر ب"وقف الملاحقات والمداهمات في جميع المناطق ويحاسب من يعود الى حمل السلاح، ومنح الأمان لمن يلقي السلاح من المشاركين في اعمال العنف التي حدثت في الفترة الاخيرة". وأشار البيان الى"ارجاع العائلات التي اضطرت الى ترك مناطق سكناها في جميع المحافظات بسبب حوادث العنف ومنح مبالغ مالية لعائلات الشهداء والمصابين جراء العمليات العسكرية". لكن النائب الصدري فلاح شنشل أكد ل"الحياة"ان"اعلان رئيس الوزراء الاخيرالذي اشار فيه الى التزام الحكومة بنود الاتفاق الذي دعا اليه الصدر لن يلغي استمرار ابناء الخط الصدري في اعتصامهم الى أن تستجيب الحكومة مطالب اهالي المناطق المحاصرة وفك الحصار عنها وسحب القوات الاميركية التي تتمركز عند مداخل هذه الاحياء". وتابع:"نحن نريد التزاماً واضحاً بالبنود المتفق عليها بين الطرفين لضمان التهدئة والعمل من اجل تطهير كل مؤسساتنا من المفسدين والخارجين عن القانون". الى ذلك، اشارت اسماء الموسوي، عضو اللجنة السياسية للتيار الصدري الى ان"موافقة رئيس الوزراء على مطالب الصدر جاءت رداً سريعاً على بيان الصدر الأخير وهذا أمر يبعث على التفاؤل في حلحلة الامور وضمان التهدئة في عموم انحاء البلاد". واضافت ل"الحياة"أن"المالكي حاول من خلال اعلانه الأخير حفظ ماء وجه حكومته بعدما اكد الصدر اكثر من مرة ضرورة حقن دماء العراقيين والالتزام ببنود الاتفاق المبرم بينه واللجنة الخماسية الحكومية". وزادت:"ننتظر ان يترجم المالكي التزامه الجاد بهذه المطالب من خلال فك الحصار عن مدينة الصدر والشعلة فالأوضاع هناك تنذر بكارثة انسانية خطيرة بعد منع دخول المساعدات الى تلك الأحياء التي يعاني سكانها من نقص حاد في الادوية والمواد الغذائية". وطالب الصدر في بيان صدر عنه مساء الخميس حمل ختمه وتوقيعه وتلقت"الحياة"نسخة منه الحكومة ب"انهاء الفتنة ووقف سفك الدماء والاعتقالات والمساهمة في تطهير الاجهزة الأمنية من عناصر البعث والميليشيات والقاعدة". واتهم اطرافاً حكومية بأنها"تسعى الى جعلنا بين السلة والذلة، بين ان نرفع أيدينا عن المواجهات العسكرية والسياسية والشعبية مستقبلاً، وبين السكوت على ظلمهم من اعتقالات وسفك دماء الشعب العراقي من مدنيين ومعارضين وصدريين وغيرهم، بحجة او بأخرى". كما اتهم الصدر هذه الاطراف التي لم يسمها، بتخييرهم بين"فقد الامن والخدمات وعدم الاستقلال، بل التبعية للمحتل، ورغبتهم في وقف المقاومة الشريفة التي تستهدف المحتل فقط". وقال:"اذا لم تكن الحكومة قادرة على اخضاع المندسين في الجيش والشرطة وغيرها من البعثيين والارهابيين وميليشيات الأحزاب والمفسدين، فنحن على استعداد للتعاون معها لتطهير جيشنا وشرطتنا منهم"، داعياً الى ان يكون الشعب والحكومة"يدا واحدة لتحرير العراق واستقلاله". في سياق متصل، نفى المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أن تكون الحكومة دخلت في مرحلة المواجهة ضد التيار الصدري، على خلفية العملية العسكرية في البصرة. وأوضح ان"الحكومة تواجه مجموعات الجريمة والعصابات الخارجة عن القانون وستلاحق كل من يخرق النظام ويهدد المواطن". وأكد عدم صحة الاتهامات التي ساقها قياديون في التيار الصدري بأن رئيس الوزراء أمر بقطع الخدمات الأساسية عن مناطق نفوذ التيار الصدري، نافيا معلومات اوردها القيادي في التيار بهاء الأعرجي عن نقل قوات عسكرية من"صحوة الرمادي"إلى الشعلة للمشاركة في العمليات، وقال:"هذه أخبار عارية عن الصحة". وكان الاعرجي اشار في تصريحات صحافية الى مشاركة"قوات الصحوة"في العمليات مهددا ب"معركة حاسمة"ضد القوات الحكومية"في حال استمرت الحكومة باستهداف اتباع التيار". الدور الإيراني على الصعيد ذاته، كشف المستشار السياسي لرئيس"المجلس الاسلامي الاعلى"محسن الحكيم"دوراً ايرانياً محورياً وبناء قامت به الجمهورية الاسلامية في احلال الأمن والاسقرار في العراق". واشار الحكيم في تصريحات نشرتها أمس وكالة"مهر"الايرانية الى ان وفداً من"الائتلاف"الشيعي زار إيران الجمعة الماضي لمدة اربعة أيام وأجرى محادثات مع المسؤولين في طهران التي"استخدمت نفوذها الايجابي لدى الشعب العراقي ومهدت الأرضية لإعادة الهدوء الى العراق"، وأكد أن"الوضع الجديد هو نتيجة الجهود التي بذلتها ايران". وأوضح الحكيم ان الوفد تشكل من علي الاديب القيادي في حزب"الدعوة"الاسلامية، وهادي العامري رئيس منظمة"بدر"، وقاسم السهلاني عضو المكتب السياسي لحزب"الدعوة". واشار الى عودة الاستقرار والامن"نسبيا الى المناطق الجنوبية"، مضيفاً:"ان اداء الحكومة لإرساء الأمن كانت له نتائج جيدة ونأمل في ان تستقر الاوضاع اكثر من خلال تعاون وتضامن الفصائل الشيعية".