دعا خطباء الجمعة في العراق أمس إلى إنهاء المظاهر المسلحة الخارجة عن القانون، فيما طالب السيد أحمد الصافي خطيب وإمام الصحن الحسيني ممثل المرجع الأعلى علي السيستاني في كربلاء حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالتراجع عن قرارها رفع أسعار الخدمات، وحذر من استمرار مسلسل اغتيال العلماء والشخصيات العراقية المبدعة. وقال إن هذا المسلسل كان أمراً منظماً وتقف وراءه جهات معينة تريد إفراغ العراق من هذا النوع المميز من أبنائه لتنتهج معه بعد ذلك استراتيجية جديدة تتلاءم وعراق خال من هذه الكفاءات. وأكد وجود مجموعات خارجية سرّية جاءت الى العراق لمطاردة العلماء والباحثين والمفكّرين والأطباء، لافتاً الى أن استهداف الكفاءات ليس على أساس الانتماء لحزب أو جهة أو قومية أو طائفة معينة، أو ضمن أحداث العنف الجماعية التي تطال الأبرياء من المواطنين. وأكد أن هذا الاستهداف فردي ونوعي لهذه الشخصيات بدليل اغتيالهم في دورهم أو في أماكن عملهم، ما يكشف وجود أياد خفية خططت لهذا الأمر لإخلاء العراق من كفاءاته والتعامل معه باستراتيجية جديدة. وأضاف:"على رغم أننا لا نميل الى نظرية المؤامرة، لكن مجريات الأمور وشواهدها تدل على أن هناك مؤامرة ضد العقل العراقي تنفذ على الأرض". وعرض ممثل السيستاني تقريراً جاء فيه أن 5500 عالم وأكاديمي عراقي قُتلوا منذ سقوط النظام السابق، معتبراً الأمر مخيفاً ويكشف كارثة ألمت بالعقل العراقي. وقال إن هناك إحصاء يخص بغداد، يؤكّد أن 80 في المئة من عمليات الاغتيال استهدفت العاملين في الجامعات، فيما يحمل أكثر من نصف الضحايا لقب أستاذ أو أستاذ مساعد، وأكثر من نصف عمليات الاغتيال وقع في جامعة بغداد، ثم البصرة والموصل تليها الجامعة المستنصرية. وأكد أن الإحصاء يشير الى ان 62 في المئة من العلماء الذين تعرضوا الى التصفية يحملون شهادة دكتوراه دولة من جامعات غربية، مشيراً الى أن ثلثهم مختص بالعلوم والطب، و17 في المئة منهم أطباء ممارسون. وأشار الى مقتل ثلاثة أرباع الذين تعرّضوا الى محاولات اغتيال فيما فر الربع الذي نجا، إلى الخارج. وطالب السيد الصافي الحكومة العراقية بوضح حد لهذه المأساة، مبيناً أن التحقيقات الرسمية أشارت الى أن جماعات مسلّحة مجهولة قتلت عشرات الأكاديميين والباحثين، واستهدفت الأطباء والمهندسين، لكن هذه الإيضاحات لا تكشف هويّة تلك الجماعات سواء كان ذلك في شكل مباشر أو غير مباشر. ولم يستبعد وقوف جهات أجنبية وراء هذه الظاهرة لإفراغ العراق من كوادره المميّزة. وأثنى الشيخ جلال الدين الصغير على جهود قوات الأمن العراقية في التصدي للخارجين على القانون. وقال إن تلك القوات استطاعت أن تعيد الأمن الى المواقع التي دخلتها على رغم المشكلات والمفاجآت التي حصلت في أول يومين من أزمة البصرة. وأضاف أن الخارجين عن القانون حاولوا برمجة سياسة الوطن باستخدام السلاح، مشيراً الى أنهم أقدموا على خلق نوع من الفوضى بعدما ضربوا جميع المناطق المأهولة بالسكان لقلب الموازين ضد الحكومة وإجبار رئيس الوزراء على التراجع عن خطته. وقال إن هؤلاء يقاتلون بحجة طرد المحتل وهم بفعلتهم هذه يطيلون بقاءه في العراق لأن وجودهم يمنح القوات الأميركية الحجة بالبقاء مدة أطول في لبلاد نتيجة عدم استقرار الوضع الأمني، واصفاً الأسلوب الذي اتبعه مسلحو"جيش المهدي"في نهب الدوائر وحرق محطات الكهرباء في مدينة البصرة بأنه"الأسلوب البعثي". وأضاف أن 200 محطة كهربائية أُحرقت في اليومين الأول والثاني فضلاً عن نهب عشرات الدوائر الرسمية في المحافظة. وطالب رئيس الوزراء العراقي بالتحرك باتجاه القضاء على الفساد في أنحاء العراق وليس في البصرة وحدها. وقال إن بعض الميليشيات والخارجين عن القانون بات يهدد العائلات التي تسكن في مناطق محددة، بإعلان الولاء لها، لافتاً الى أن هناك عائلات مهجرة اضطرت الى ترك منازلها للمرة الثانية بعد أيام من عودتها إليها بسبب الضغوط التي تعرضت اليها بسبب عدم تأييدها تيارات سياسية معينة. ورأى أن الدولة باتت مطالبة بأن تقول كلمتها في شكل جدي، وبعدم ترك بعض المناطق في بغداد مغلقة لتيارات معينة. وطالب العشائر العراقية في بغداد وبقية المحافظات بالنهوض بمسؤولياتها والتحرك جدياً لدعم الحكومة. ودعا الشيخ محمود الصميدعي خطيب وإمام جامع أم القرى إلى الابتعاد عن بث الفتن بين أبناء المذهب الواحد. وقال إن كل الفتن بين العراقيين مرفوضة، مشيراً الى أن معالجة الملف الأمني يجب ألا تخضع الى تحريك مثل تلك الفتن. وطالب حكومة المالكي بفرض القانون في أنحاء البلاد وبمعالجة ملف التسلح غير الحكومي على أن لا تكون هذه المعالجة على حساب الفتنة بين المسلمين. كما طالب الخارجين على القانون من شمال العراق الى جنوبه، بالخضوع إلى سلطة القانون والدولة وعدم التمرد عليهما. وأشاد الشيخ علي الحسين خطيب وإمام جامع سعاد النقيب في الغزالية بدور أفواج"الصحوة"في حفظ الأمن في مناطقهم أثناء اندلاع الأزمة الأخيرة في بغدادوالبصرة وبعض المدن الأخرى. كما أشاد بدورهم في مساعدة إخوانهم في المناطق المحاصرة وتقديم العون لهم.