الجزائرية الثلاثينية رشيدة براكني هي موضع فخر بالنسبة الى العرب المقيمين في فرنسا، خصوصاً الفنانين منهم. فقد نالت حتى الآن ثلاث جوائز فنية قيمة في المسرح والسينما. الجائزة الأولى التي حصدتها كانت"لوميار"، كأحسن ممثلة واعدة ومنحتها لها لجنة تحكيم الصحافة الأجنبية في باريس، تلتها جائزة"سيزار"الفرنسية كأفضل"أمل شاب"في السينما الفرنسية. ثم منحت جائزة"موليير"المسرحية كأجدر ممثلة شابة، عن دورها الصعب في مسرحية"روي بلاس"من تأليف فيكتور هوغو وإخراج بريجيت جاك والتي عرضت فوق خشبة أعرق مسرح باريسي"لا كوميدي فرانسيز"، خصوصاً ان براكني أصبحت من الأعضاء الرسميين في هذه الفرقة المعروفة باختيارها أعضائها تبعاً لتصفيات صعبة، فكان عليها اذاً ان تقنع لجنة تتألف من نقاد وفنانين كبار لم يعتادوا التعامل مع ممثلين من غير فرنسيي الجذور. والمعروف ان فرقة"لا كوميدي فرانسيز"تتبع من هذه الناحية قواعد صارمة ولا تفتح أبوابها للأجانب حفاظاً على هويتها المدونة في اسمها"لا كوميدي فرانسيز". ولقد أثار هذا الوضع مشكلة في العام 2007 عندما اضطرت مديرة الفرقة مورييل مايت إلى إلغاء عروض مسرحية"العودة إلى الصحراء"تلبية لرغبة شقيق المؤلف الراحل برنار ماري كولتيس لمجرد أن إحدى الشخصيات في المسرحية هي شخصية عربية وأن الدور منح لممثل فرنسي كون الفرقة لا تضم بين اعضائها أي ممثل عربي. وأصر الشقيق على ضرورة احترام ما كتبه كولتيس وتعيين ممثل عربي للدور أو وقف العروض بأمر من المحكمة، وهذا ما حدث في نهاية الأمر. ونالت رشيدة براكني الجائزة على دور الملكة الإسبانية"دونا ماريا دو نوبور"المحبوسة رغماً عنها في قصر ملكي تسوّره قضبان من ذهب، في المسرحية الكلاسيكية العالمية"روي بلاس". وتقول براكني:"بسبب مظهري وشخصيتي في الحياة ومزاجي الشرقي وجذوري التي تحثني على التمرد ضد الطغيان والعنصرية، أثير عند أهل المهنة رغبة في منحي الأدوار التي قد تعثر عندي على أرض خصبة تستقبلها وتغذيها، فربما أصلح لها أكثر من فنانة غربية لم تعش تجاربي نفسها، مثلما يستحسن منح الأدوار الناعمة والبورجوازية مثلاً، لممثلات فرنسيات أصليات، إذ إنني قد لا أكون أفضل من تؤديها". وعن التحاقها بفرقة"لا كوميدي فرانسيز"تقول براكني:"دخلتها لأنني فرنسية الجنسية، فأنا مولودة في ضاحية باريسية من أصل جزائري وبالتالي استطعت متابعة حصص معهد التمثيل والإلتحاق بالفرقة الوطنية لدى حصولي على نسبة معينة من الدرجات، وأنا العربية الوحيدة حالياً فيها، وإن كانت اللجنة التحكيمية مضطرة إلى اعتباري فرنسية بسبب شهادة ميلادي، واللجنة عموماً لا تحبذ تشجيع غير الفرنسيين ولو من ناحية الجذور، على الانضمام إليها. لقد عملت ودرست وتعلمت وأديت أصعب الأدوار الكلاسيكية في الاختبارات ورددت على كل الأسئلة الخاصة بتاريخ الفرقة وبالمؤلفين الفرنسيين ما أهّلني لدخول ساحة"باليه روايال"العريقة. وتروي الفنانة حكاية عائلتها مع الهجرة:"أتى والداي من الجزائر في شبابهما وعملا في باريس في وظائف بسيطة وشاقة، لكنهما لم يبذلا كل التضحيات اللازمة لتربية أولادهما الثلاثة. وكم من مرة سمعتهما يرددان عبارة:"تنشطي يا رشيدة وأحصلي على شهادة البكالوريا المدرسية حتى نعود كلنا إلى الجزائر وتبحثين عن عمل هناك". ولكن الذي حدث هو إننا مع مرور الأيام، بدأنا نتكلم الفرنسية بدلاً من العربية. وتراجعت عزيمة أبي في شأن العودة. وأنا رغبت أساساً، وفي شبابي الأول، في احتراف رياضة السباق والقفز وبما إنني رياضية منذ صغري شاركت في سباقات عدة. لكن"فيروس"التمثيل طغى على ميولي الرياضية فأجبرني على الاعتزال والتفرغ لتعلم الدراما، لكنه ترك في نفسي بعض الآثار إلى درجة تجعلني أقول الآن أن البطولات الرياضية علمتني المثابرة وأنني لولاها لما حققت في ميدان التمثيل ما أنجزته إلى الآن". آخر أخبار رشيدة براكني التي تزوجت نجم كرة القدم الفرنسي السابق اريك كانتونا أنها أصبحت سفيرة رسمية لماركة"لوريال"المتخصصة في مستحضرات التجميل، وستحضر مهرجان"كان"السينمائي المقبل بهذه الصفة.