أعلنت إسرائيل رسمياً أمس رفضها وقف عدوانها على قطاع غزة والضفة الغربية، وتباهى أركانها بأن "بنك الأهداف الواسع لم يستنفد بعد"، متوعدين الفلسطينيين بمزيد من عمليات القصف الجوي والتصفية الجسدية. وأعلن رئيس الحكومة ايهود اولمرت أن أحداً"من الضالعين في الإرهاب"لا يتمتع بحصانة، بينما رأى رئيس جهاز الأمن العام شاباك ضرورة مواصلة"جباية الثمن"من حركة"حماس التي تعيش ضائقة وتدرك ان الوقت ليس في مصلحتها". وقال اولمرت في تصريحات لوسائل الإعلام في مستهل الاجتماع الأسبوعي لحكومته:"لن يتمتع أي من الضالعين في الإرهاب بأي حصانة"، مقراً في الآن ذاته بتعذر تحقيق وقف تام للقذائف الفلسطينية. وتابع ان التعليمات صدرت للجيش بمواصلة نشاطه"ضد الإرهابيين"وانه في الأيام الأخيرة"سقط العشرات من عناصر حماس والجهاد الإسلامي". وفي إشارة إلى احتمال تدخل دولي لوقف العدوان الإسرائيلي، قال اولمرت:"لسنا محكومين بأي جدول زمني في هذه المسألة... ولن نقبل بأي جدول زمني يُملى علينا من الخارج. نحن سنقرر متى وكيف وإلى أي مدى ننشط عسكرياً من دون أي قيد أو إملاء لأي جهة خارجية". مقتل اسرائيلي بقذيفة وجاءت هذه التهديدات قبل سقوط دفعة اخرى من الصواريخ على بلدة سديروت أدت الى مقتل إسرائيلي. ووجه اولمرت نداءه لسكان البلدة ب"الصمود في هذه الأيام العصيبة"ووعدهم بتعويضات مالية كبيرة عن الأضرار التي لحقت بمنازلهم وبأشغالهم، آملاً في أن تخفف من وطأة الانتقادات الشديدة له ولحكومته على عجزها عن توفير الأمان للسكان جنوب إسرائيل. ونقلت وسائل إعلام عبرية عن اولمرت قوله خلال اجتماع الحكومة إن إسرائيل"لن تلتزم ملاءمة سلوكها وفقاً لسلوك حماس، سواء أطلقت الأخيرة النار أو أوقفتها". وأضاف أنه حتى في حال توصلت الفصائل الفلسطينية إلى اتفاق لوقف النار، فسيكون هذا اتفاقاً داخلياً حتى إن صمد،"بينما ينبغي على إسرائيل أن تكون مستعدة لمواجهة طويلة الأمد غير متعلقة بتفاهمات فلسطينية داخلية، وأن تتحرك عسكرياً وفقاً للظروف وبإدراك بأن المواجهة طويلة الأمد". وأبدى ارتياحه للموقف الدولي"كما انعكس، ضمن أمور أخرى، في زيارة مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا لسديروت، وفي مواقف دول عربية تبرر ردنا على النيران الفلسطينية". وأطلع وزير الدفاع عمير بيرتس زملاءه على العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش في القطاع، وقال ان إسرائيل سترد على أي تصعيد فلسطيني بضرب أهداف أخرى، مضيفاً أن لا علاقة بين عدد القذائف الفلسطينية والهجمات الإسرائيلية. وزاد ان"لدى الجيش خطة شاملة واضحة تشمل أيضاً توغلاً برياً داخل المناطق المحاذية للسياج الأمني المحيط بالقطاع". وتابع ان العمليات ستنصب أساساً على ضرب مطلقي القذائف"وكل من له يد في التخطيط وورش تصنيع الصواريخ وتقديم الدعم المالي لذلك". وأضاف ان الجيش ضرب نهاية الأسبوع 14 موقعاً، وأنه منذ بدء العدوان في 15 الجاري وحتى صباح أمس قتلت إسرائيل 59 فلسطينياً"منهم 49 من عناصر حماس وأربعة من الجهاد وتسعة مدنيين". من جهتها، حذرت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني من"تهدئة لا تحقق كبح تعاظم قوة حماس العسكرية". وقالت إنه ينبغي على إسرائيل أن تبقي في يدها خيار النشاط العسكري في القطاع والضفة الغربية حتى في حال التهدئة، وأن تطالب بموازاة ذلك بتغيير الوضع في الشريط الحدودي محور فيلادلفي. وختمت أنه ينبغي أن تشمل أي تسوية رداً لمسألة تعاظم قوة"حماس". المعارك بين"فتح"و"حماس"ستتجدد وقال رئيس جهاز الأمن العام شاباك يوفال ديسكين في تقريره للحكومة ان تقديرات جهازه تقود إلى أن"حماس"تعيش ضائقة متفاقمة وان قادتها يجرون مداولات في شأن وقف النار،"فيما يبدي رئيس المكتب السياسي خالد مشعل قلقاً من المزاج في الشارع الفلسطيني الذي يرى ان إطلاق القذائف على إسرائيل لا يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية". وأضاف ان الوقت ليس في مصلحة"حماس"وينبغي على إسرائيل"مواصلة جباية الثمن يومياً ورفض أي اقتراح بالتهدئة في الضفة". وتابع ان معظم القتلى جراء القصف الإسرائيلي هم من"القوة التنفيذية"وليس من عناصر الذراع العسكري، مضيفاً ان الخسائر في الأرواح"زعزعت الثقة بالنفس"، لكنه أضاف ان مزيداً من الخسائر ستدفع الحركة إلى توجيه قذائفها الصاروخية نحو مدينة اشكلون عسقلان. وزاد ان الحركة تستعد دفاعياً تحسباً لعملية برية واسعة تعتقد ان إسرائيل ستنفذها، وتعد للجيش الإسرائيلي"كل ما يطيب مثل أنفاق تفجيرية وقناصة وألغام وانتحاريين، كما تريد أن ندخل في المناطق المأهولة". وأضاف ان الاقتتال بين"فتح وحماس مسألة أيام أو أسابيع، وسيكون قاسياً وضارياً". وقال نائب وزير الدفاع افرايم سنيه للإذاعة الإسرائيلية إن"نجاعة العمليات العسكرية الإسرائيلية تكمن في المثابرة لتحقيق التأثير المتراكم الذي سيحقق النتائج المنشودة"، وان الجيش يقصف كل بضع ساعات هدفاً جديداًَ ويدمر مواقع ل"حماس". وكرر:"لسنا بصدد معركة يمكن أن ننهيها بضربة قاضية أو بين ليلة وضحاها". ورداً على تهديد الفلسطينيين باستهداف رئيس الحكومة الإسرائيلية في حال أقدمت إسرائيل على تصفية رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية، قال سنيه إنه لو كان بمقدور الفلسطينيين فعلاً اغتيال شخصيات إسرائيلية رفيعة لفعلوا في الماضي من دون انتظار مبرر. وتابع ان إسرائيل"ترى في حماس كلها وحدة إرهابية واحدة... سواء من يوفر الإلهام الروحاني للعمليات أو من يساهم في الإرهاب. حتى الصراف الذي ينقل ملايين الدولارات من ايران وغيرها هو أيضاً جزء من الإرهاب. كل من هو ضالع في الإرهاب بهذا الشكل أو غيره مستهدف". وعن احتمال تعرض الجندي المخطوف غلعاد شاليت للأذى، رد سنيه مهدداً:"أوضحنا انه في حال حصل سوء لشاليت، لا قدّر الله، فإن من سيرتكب العمل الإجرامي والأحمق سيدفع الثمن الباهظ جداً". دعوة لتدمير قرى فلسطينية وكما قبيل كل اجتماع للحكومة، تنافس وزراؤها في إطلاق التهديدات للفلسطينيين. وأعاد زعيم حركة"شاس"الدينية الشرقية المتزمتة، نائب رئيس الحكومة ايلي يشاي إلى الأذهان دعواته خلال الحرب الثانية على لبنان إلى تدمير قرى لبنانية، ودعا أمس إلى تدمير قرية فلسطينية في مقابل كل قذيفة تضرب بلدة إسرائيلية، وقال إنه بعد تدمير قرية أو اثنتين، فإن الفلسطينيين سيوقفون إطلاق"القسام". وقال زعيم حزب"المتقاعدين"الوزير رافي ايتان إن رئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية يعرف انه"في حال سقطت شعرة واحدة من رأس شاليت، فسيدفع هو الثمن برأسه كله". وقال وزير الداخلية روني بارؤون إن"على الفلسطينيين أن يتذكروا أنهم سيدفعون ثمنا دموياً باهظاً على إطلاق النار على سديروت والبلدات الإسرائيلية في محيط قطاع غزة". "هدوء مقابل هدوء" وسبقت اجتماع الحكومة تسريبات عن رفض إسرائيل وقف عدوانها على القطاع. ونقلت تقارير صحافية عن أوساط اولمرت اشتراطه وقف العدوان الإسرائيلي بوقف تام لإطلاق الصواريخ. وادعت هذه الأوساط ان لا قيمة للجهود التي يبذلها الرئيس محمود عباس للتوصل إلى تهدئة"لن تتحقق سوى على الورق". وتابعت هذه الأوساط ان إسرائيل ليست طرفاً"في هذه المرحلة"في المفاوضات للتوصل إلى تهدئة، وأنها لا تعتزم الدخول في مفاوضات حولها. إلى ذلك، أكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى"رفض إسرائيل القاطع"اشتراط التهدئة في القطاع بوقف الجيش عمليات الاعتقال الواسعة التي ينفذها داخل الضفة. من جهتها، قالت مصادر عسكرية لصحيفة"معاريف"إن ثمة بنك أهداف واسعاً في القطاع يستدعي وقتاً لاستنفاده. وأضافت ان العمليات العسكرية ستتواصل"إلى حين تيقننا من أن للفلسطينيين نيات حقيقية لوقف القسام".