تسود الائتلاف الحكومي في صربيا علاقات متوترة بين جناحيه المتنازعين على السلطة. ويرأس الجناح القومي رئيس الحكومة، فويسلاف كوشتونيتسا، في حين يقود الجناح الإصلاحي الأوروبي رئيس الجمهورية، بوريس تاديتش. وأدى نزاع الجناحين الى تعطيل عدد من مؤسسات الدولة، وعرقلة إصدار القرارات الحكومية وعقد اجتماعات البرلمان. وثمة إجماع بين أطراف الائتلاف الحكومي على عدم الاعتراف بالاستقلال الذي أعلنه الألبان في كوسوفو بدعم من دول غربية. ومدار الخلاف بين القوميين والإصلاحيين هو على التعامل مع الاتحاد الأوروبي. وهذا يعد العدة لإرسال بعثة أمنية لمواكبة استقلال كوسوفو. ويدعو الإصلاحيون الى انتهاج سياسة مرنة وهادئة تستند الى القوانين الدولية. ويرى القوميون أن هذا الضرب من السياسة لا يؤجج غضب صرب كوسوفو، ويميّع حقوق صربيا، ويرسخ الأمر الواقع في كوسوفو. فتبرد عزيمة صرب الإقليم على التمرد وعلى المطالبة بالبقاء في دولة صربيا. وعلى رغم ان معظم وزراء الحكومة ينتمون الى الجناح الإصلاحي الأوروبي النزعة، تحول عراقيل دون اتخاذ الغالبية القرارات. فيتعذر عقد اجتماعات الحكومة الروتينية الأسبوعية، على ما حصل الأسبوع الماضي. وتخول صلاحيات رئاسة الحكومة الرئيس عرقلة أي قرار. وبموجب هذه الصلاحيات، يعرقل كوشتونيتسا القرارات التي لا تتماشى مع ميله القومي، ومع دعوات المواجهة المتشددة مع الجهات الدولية الداعمة لاستقلال كوسوفو. وتتحد أصوات القوميين، وهم يهيمنون على غالبية مقاعد البرلمان، على اختلاف مشاربهم الديموقراطية والراديكالية، في مواجهة قضايا مصيرية، مثل استقلال كوسوفو. ويقيد رئيس البرلمان، أوليفر دوليتش الإصلاحي الأوروبي النزعة، نفوذ هذه الغالبية. ففي وسعه تعطيل اجتماعات البرلمان، وادراج بنود جلساته. واذا لم يقر الاصلاحيون قرارات البرلمان أصيبت سياسة الحكومة بالشلل. وإزاء تناقض طرفي الائتلاف، فإن مساعي نائب رئيس الحكومة للعلاقات الأوروبية، بوجيدار ديليتش الاصلاحي، الى توقيع الاتفاقات مع الاتحاد الأوروبي تبوء بالفشل عندما يشهر كوشتونيتسا معارضته لها. وتبدو تصريحات وزراء الحكومة الائتلافية، وهي تجمع تحت قبتها نهجين سياسيين مختلفين، متضاربة، وتبعث الحيرة في الأوساط الدولية. فعلى سبيل المثال، تعهد الوزير الصربي لشؤون كوسوفو، القومي سلوبودان سامارجيتش، استخدام كل امكانات صربيا لدعم صرب كوسوفو، بينما أعلن وزير الدفاع، دراغان شوتانوفاتس، وهو إصلاحي، بقاء الجيش خارج صراعات كوسوفو. وتسعى الحكومة الى اخفاء خلافاتها للحؤول دون استغلال معارضيها الخلافات. ويصب انهيار الائتلاف الحاكم في مصلحة الراديكاليين. ويؤدي الانهيار الى احتمالين: انضمام كوشتونيتسا الى صف الراديكاليين القوميين الذين يشغلون ثُلث كراسي البرلمان، وتشكيل حكومة متشددة والدوران، تالياً، في الفلك الروسي، أو إجراء انتخابات مبكرة يفوز فيها الراديكاليون. وأفضى الوضع الحكومي المضطرب الى استياء عامة الناس، وشعورهم بأن الحكومة لا تحرك ساكناً. ويراهن الغرب على استفحال المشكلات الداخلية بصربيا، ولجمه النزعة الشعبية المتوارثة الى انتهاج سياسات متشددة في القضايا المصيرية الصربية، وفي مقدمها كوسوفو. عن ديانا ميلوشيفيتش ، "غلاس يافنوستي" الصربية، 2/3/2008