سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير صادر عن رئاسة القمة التاسعة عشرة . السعودية : منطقتنا شهدت تطورات خطيرة ومتسارعة وتمر بأدق المراحل عملنا بحرص على تنفيذ قرارات القمة وحماية مصالح العرب وعلاقاتهم
قدم الوفد السعودي الى القمة تقريراً باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن الانجازات التي تحققت خلال تولي المملكة العربية السعودية رئاسة القمة العربية التاسعة عشرة لعام مضى، والتطورات التي شهدها. وفي ما يأتي نص التقرير: "أثناء رئاسة المملكة العربية السعودية للقمة العربية ال 19 التي تشرفت الرياض باستضافتها في 28 و29 آذار مارس 2007، شهدت الأوضاع العربية تطورات خطيرة ومتسارعة، وما تزال تمر بأدق المراحل، وتفرز أوضاعاً بالغة التعقيد، حيث تشابكت الأحداث واتسعت رقعة الأزمات، مما يهيئ الأجواء للتدخلات، وإذكاء النزاعات خاصة في فلسطينولبنانوالصومال والسودان. والتزاماً بالمهمات الموكله إلينا، وانطلاقاً من مسؤولية رئاسة القمة في متابعة تنفيذ ما توصل اليه القادة العرب نتشرف بعرض تقريرنا عن ما قمنا به من اتصالات واجراءات نحو مواجهة التحديات ودرء الأخطار عن أمتنا المجيدة. ولما كانت المسؤوليات نحو أمتنا تفرض علينا التعامل مع المجتمع الدولي بحكمة، فإننا عملنا بجهد حثيث الى استنهاض مواطن القوة لدى أمتنا لحماية مصالحها، وتعزيز مواقفها في حوارها مع الآخر. وحيث أن الوطن العربي يعيش وسط بيئة اقليمية تتكون من دول متعددة الاتجاهات والانتماءات فقد كثفنا معها الحوار، ونسقنا المواقف، حفاظاً على المصالح المشتركة، من منطلق ادراك كل طرف لمصادر التهديد والخطر التي قد يتعرض لها الطرف الآخر، وإبراز الإمكانات المتاحة لتحقيق الأهداف العليا للأمة. في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع في الأراضي العربية المحتلة فقد أمعنت اسرائيل في رفض كل ما صدر ويصدر عن الشرعية الدولية من قرارات، وفي إجهاض كل المساعي السلمية وآخرها ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر أنابوليس، كما أمعنت اسرائيل في مخططها الهادف الى استمرار تدهور أوضاع الشعب الفلسطيني بانتهاج سياسة الحصار، والاغتيالات، ومصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، وتهويد مدينة القدس. ونظراً لكون القضية الفلسطينية تعتبر محور الصراع في المنطقة، ولما تمثله من أهمية، فقد واصلنا اثناء رئاستنا للقمة الاتصالات والمشاورات، سعياً لرأب الصدع بين الإخوة الفلسطينيين، واصلاح ذات البين، للوصول الى جبهة واحدة تمثل كل أطياف الشعب الفلسطيني، فمن دون ذلك ستزداد الأمور تعقيداً مما يتيح للعدو الاسرائيلي تنفيذ كل مخططاته، والتمادي في اعتداءاته. ولن تكون هناك فرصة للسلام في ظل التشرذم والتناحر. وفي هذا السياق قمنا بالتباحث مع القيادة الفلسطينية والأطراف الأخرى، حيث تواصلت مقابلاتنا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والسيد اسماعيل هنية، سعياً لإعادة اللحمة بين الأطراف الفلسطينية، كما تباحثت بشأن القضية مع عدد من اخواني قادة الأمة العربية. وقد خصصنا لها جانباً كبيراً من لقاءاتنا واتصالاتنا بقادة الدول الاقليمية والدولية، ومن بينهم قادة الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والمانيا وايطاليا واسبانيا وتركيا وايران للتأكيد على أن تحقيق السلام لا يمكن تأجيله في الأراضي الفلسطينية، محذرا من ممارسات اسرائيل العدوانية، ومطالباً بضرورة التحرك وبذل الجهود لاحتواء الصلف الاسرائيلي، وضرورة تضافر المواقف لنيل الشعب الفلسطيني لحقوقه في تحرير أرضه، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية. وقد حرصنا على المشاركة في كل المحافل الاقليمية والدولية، لإبراز الحقوق المنتهكة للشعب الفلسطيني، باغتصاب أرضه، وهدر كرامته، وحصاره، مما يتعارض مع أبسط حقوق الانسان التي تقرها وتكفلها وتحميها المواثيق الدولية. كما تابعنا مع الأمانة العامة للجامعة وأعضاء لجنة مبادرة السلام العربية العمل على تفعيل المبادرة، حيث عقدت اللجنة اجتماعات عدة وقامت بالعديد من الاتصالات وفق خطة تحرك مدروسة من أجل حشد التأييد الدولي لهذه المبادرة، وإحياء عملية السلام، وفي هذا الاطار كان قرارنا بحضور مؤتمر أنابوليس للسلام أملاً في دفع مسيرة السلام وحشد التأييد الدولي لها، وقد أثمرت هذه الجهود عن بلورة موقف دولي مؤيد للمبادرة العربية ومرحباً بها مما جعلها من مرجعيات عملية السلام، وأظهرت للعالم مدى جدية العالم العربي في السلام مقابل مراوغة اسرائيل وإفشالها لكل المساعي السلمية. وفي اطار متابعتنا لتطورات الوضع في لبنان وما يواجهه من أزمة سياسية داخلية، فقد تابعنا بقلق بالغ اتساع شقة الخلاف بين الأطراف في لبنان، وتطور الأزمة الى حد خطير يكاد يعصف باستقرار ووحدة لبنان. نتيجة عجز الفرقاء اللبنانيين عن التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية كخطوة أولى ضمن تطبيق المبادرة العربية لمعالجة الأزمة. وخلال زياراتنا للعديد من دول العالم وكذلك استقبالنا لهم بالرياض، تباحثنا حول خطورة الوضع القائم في لبنان على أمنه واستقراره. أما في اتصالاتنا مع فريقي الحكومة والمعارضة، فقد سعينا لدفع الطرفين الى تحقيق التوافق وحذرنا في الوقت ذاته من الأبعاد الخطيرة من استمرار المأزق السياسي الراهن في لبنان، وما يحمله من تداعيات تهدد كيانه وتعصف بوحدته الوطنية. وعلى رغم تعذر الوصول الى الغاية المرجوة إلا أننا سنواصل المساعي والاتصالات مع مختلف الأطراف للوصول الى ما نصبو إليه من عودة لبنان الى سابق عهده حين كان مثالاً يحتذى في الاستقرار والتعايش المنسجم. أما في ما يخص الوضع في العراق، فقد واصلنا المساعي للحد من التدخل الخارجي في شؤون العراق الداخلية من قبل أي طرف، واحترام سيادته واستقلاله، ورفض دعاوي التجزئة والتقسيم، وأكدنا في اتصالاتنا ومقابلاتنا على اعتبار الوفاق الوطني مفتاح الحل في العراق. وقد حرصنا أن تشارك المملكة العربية السعودية بكل الاجتماعات والمؤتمرات التي تعقد لبحث التطورات على الساحة العراقية، للتعبير في تلك المحافل عما أجمع عليه القادة العرب من رؤية لتحقق المصالحة الوطنية بين مختلف مكونات الشعب العراقي، والاستعداد لتقديم الدعم لإعادة الإعمار. وقد تابعنا باهتمام وقلق ارتفاع عدد المهجرين العراقيين في الداخل والمهاجرين للخارج بسبب دوامة العنف، وتردي مستوى الخدمات الأساسية. وفي ظل دعم السلام والوفاق في السودان ظل هذا الموضوع محل اهتمامنا منذ انعقاد قمة الرياض، حيث دعونا لاجتماع على هامش القمة ضم كلا من فخامة الرئيس السوداني، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، والأمين العام للجامعة العربية، لمناقشة تطورات قضية دارفور من جميع جوانبها. وتمنينا على جميع الأطراف الإسراع في تنفيذ اتفاق أبوجا للسلام، والتفاهمات التي تم التوصل اليها، وتكثيف التعاون بين الجامعة العربية والأممالمتحدة والاتحاد الافريقي، للوصول الى تسوية شاملة وعاجلة للنزاع، وقد أثمر ذلك بحمد الله عن اتفاق الحكومة السودانية والأممالمتحدة حول نشر القوات الهجين من الأممالمتحدة، والاتحاد الافريقي. كما عقد في الخرطوم المؤتمر العربي لدعم ومعالجة الأوضاع الانسانية في هذا الاقليم برئاسة المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان الذي أسفر عن تقديم التزامات بحوالي 250 مليون دولار. كما قمنا بمناشدة الزعماء الذين تحادثنا معهم على دعم جهود الحكومة السودانية في علاج أزمة دارفور، وتقديم الدعم الكامل لها في كل المجالات: السياسية والأمنية والاقتصادية. وعلى صعيد الوضع في الصومال، فإن الأوضاع هناك تمر بمرحلة دقيقة تتعلق باستعادة الدولة لمؤسساتها، عبر تثبيت الشرعية الصومالية مما يمكنها من تحقيق الأمن والاستقرار، بمساعدة الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والأممالمتحدة، وقد حرصنا منذ تقلدنا رئاسة القمة على القيام بمساع حثيثة لجمع الأطراف الصومالية، وتشجيعها لوضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، بغية التوصل الى حلول سلمية للأزمة، تنهي الويلات التي يعاني منها الشعب الصومالي. ومن هذا المنطلق تبنى القادة اقتراح المملكة العربية السعودية دعوة لجنة الصومال العربية وبمشاركة مختلف الفئات الصومالية، الى عقد اجتماع للمصالحة في جدة، وحرصاً منا على تنفيذ قرارات قمة الرياض فقد تابعنا باهتمام مراحل عقد مؤتمر المصالحة الموسع في العاصمة الصومالية، وفي اطار هذه الجهود أبدينا لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية استعداد المملكة العربية السعودية لاستضافة اجتماع لجنة الصومال في جدة بمشاركة الحكومة الانتقالية، والقوى السياسية والدينية والمدنية الصومالية، وأن المملكة حريصة على أن يكون الاجتماع محققاً للغاية المتوخاة، وقد أيدنا عقد اجتماع تمهيدي للجنة الصومالية في مقر الأمانة العامة للجامعة، ومن ثم عقد اجتماع اللجنة في جدة في توقيت يتلاءم مع تطورات مؤتمر المصالحة في مقديشو. وعلى أثر انعقاد مؤتمر مقديشو للمصالحة الوطنية وجهنا الدعوة للرئيس الصومالي، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان الاتحادي، ورئيس اللجنة الوطنية للحكم والمصالحة، وشيوخ القبائل، وممثلي مختلف الفصائل، فاجتمعوا في ضيافتنا في جدة وأثمر ذلك التوقيع على اتفاق لتنفيذ التوصيات التي اقرها مؤتمر المصالحة الوطنية. كما أكدنا في مقابلاتنا مع زعماء العالم خصوصاً ممن لهم علاقة مباشرة في الشأن الصومالي على أهمية العمل من أجل التوصل الى التسوية السياسية، وتحقيق المصالحة وإلى أهمية تقديم الدعم السياسي، وتوفير المساعدات العاجلة للتخفيف من معاناة الصوماليين ولإعادة الإعمار. وفي ما يتعلق بتطوير العمل العربي المشترك، تابعنا وآزرنا جهود الأمانة العامة للجامعة العربية للعمل على تنفيذ قرار القمة المتعلق بالأمن القومي العربي والقاضي بتشكيل مجموعة عمل لدراسة وتحديد طبيعة الأخطار، والتحديات الراهنة والمستقبلية. وتابعنا مع معالي الأمين العام تفعيل هذا القرار، ونأمل التوصل الى إعداد اقتراحات عملية لتطوير أشكال التعاون والتكامل بين الدول العربية في الميادين ذات الصلة بالأمن القومي العربي. وفي هذا المجال أيضاً تابعنا مع الأمانة العامة للجامعة حض الدول العربية على التصديق على النظام الأساسي لمجلس السلم والأمن العربي وبعد أن اكتمل النصاب لسريان ذلك النظام تابعنا استكمال الاجراءات المطلوبة لإعداد مشروع النظام الداخلي لمجلس السلم والأمن، كما جرى تعديل النظام الداخلي لمجلس الجامعة، حتى يتلاءم مع تعديل الميثاق بعد أن أصبح التعديل ساري المفعول بمصادقة ثلثي الدول الأعضاء عليه، وبحمد الله صدرت قرارات من المجلس الوزاري للجامعة باعتماد تلك الأنظمة. وفي ما يتعلق بعقد قمة عربية متخصصة لمناقشة المسائل الاقتصادية والاجتماعية والتنموية المقرر عقدها هذا العام في دولة الكويت من أجل بلورة برامج وآليات تعزيز وتفعيل الاستراتيجيات التنموية الشاملة المتفق عليها، فقد تابعنا أعمال اللجنة التحضيرية الوزارية لهذه القمة. وإيماناً بأهمية التربية والتعليم والبحث العلمي، فقد تابعنا الجهود المبذولة من الأجهزة العربية المختصة والأمانة العامة، لوضع مشروع خطة لتطوير التعليم في العالم العربي. أما على صعيد التعاون مع الدول والتجمعات الاقليمية الأخرى، فقد شهد هذا المجال نشاطاً مكثفاً، ففي ما يتعلق بالتعاون العربي - الافريقي تم الاتفاق على تشكيل لجنة تحضيرية من الجامعة العربية والاتحاد الافريقي للإعداد للقمة العربية - الافريقية بعد إزالة العوائق التي تعترض هذا التعاون، كما يجري متابعة دراسة إنشاء منتدى للتعاون العربي - الافريقي للتنمية. وفي ما يتعلق بالتعاون العربي - الأوروبي، فقد ترأست المملكة العربية السعودية الجانب العربي في المؤتمر الوزاري العربي - الأوروبي الذي عقد في مالطا بحضور وزراء وممثلي 49 دولة، وتضمن بيان هذا المؤتمر الاتفاق على بلورة آلية متابعة لضمان التواصل في مسار إحياء العلاقات بين الجانبين. وفي ما يتعلق بالتعاون العربي - الصيني، فقد عقدت الندوة الثانية للحوار بين الحضارتين: العربية والصينية، التي استضافتها المملكة العربية السعودية في نهاية شهر أيلول سبتمبر 2007، كما يجري التحضير للاجتماع الوزاري الثالث لمنتدى التعاون العربي - الصيني المقرر عقده في مملكة البحرين، وكذا التحضير للمؤتمر العربي - الصيني الأول للتعاون في مجال الطاقة. وفي ما يتعلق بالتعاون العربي مع دول أميركا اللاتينية، فقد تابعنا التحضير لعقد القمة العربية - اللاتينية الثانية التي ستستضيفها دولة قطر نهاية هذا العام، حيث تم في اجتماع وزراء خارجية الدول العربية ودول أميركا اللاتينية الذي عقد خلال شهر تشرين الثاني نوفمبر 2008، الاتفاق على تشكيل مجموعة عمل لوضع خطة عمل تطرح على هذه القمة. ولعله من نافلة القول الاشارة الى انه إيماناً منا برسالة أمتنا الحضارية عبر التاريخ في نشر ثقافة السلام والتسامح والعدل، وفي اطار قرار القمة بدعم حوار الحضارات فقد حرصنا على نقل هذه الصورة عن أمتنا في كل المحافل ومختلف اتصالاتنا ومن ذلك لقائنا ببابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر. وفي ما يتعلق بقرارات قمة الرياض الأخرى، وما تضمنه إعلان الرياض، فقد تباحثنا بشأنها مع الأطراف ذات العلاقة، ونسقنا مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لمتابعتها وتنفيذها، وخلال رئاستنا لقمة الرياض كان لنا شرف الاسهام بكل جهد ممكن لتنفيذ جل ما اسند إلينا من مهمات، وذلك كله بعون من الله ومؤازرة من الأشقاء في الدول العربية، ومعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية. وها آنذا أعرض عليكم اخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية التقرير الموجز عما قامت به رئاسة القمة. بالاضافة الى التقرير الختامي لهيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات حيال تنفيذ قرارات مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته التاسعة عشرة. آمل أن يحوز ما ورد فيه على قبولكم، واعتمادكم، واتخاذ ما ترونه من توصيات. نسأل الله العون والسداد لرفع شأن أمتنا وجمع كلمتها".