قالت مصادر لبنانية رسمية في بيروت ل "الحياة" ان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى طرح فكرة تأجيل القمة العربية المقررة في دمشق آخر الشهر الجاري، ريثما يتم تذليل الخلافات العربية القائمة حول لبنان والأزمات الإقليمية الأخرى، خلال زيارته دمشق أول من أمس السبت، لكن الجانب السوري أصر على عقدها في موعدها ومكانها. وأكدت مصادر متطابقة في دمشق ان موسى"كان يحمل معه اقتراحاً مصرياً يتضمن تأجيل القمة شهرين أو ثلاثة من اجل قيام القاهرة بجهود لتحسين الأجواء بين سورية والمملكة العربية السعودية لكن العدوان الإسرائيلي على غزة وإرسال المدمرة الأميركية"يو اس اس كول"قبالة الشاطئ اللبناني غيّرا الأولويات". وذكرت المصادر ان لدى دمشق قناعة بعدم وجود موقف إجماعي عربي يطالب بالتأجيل، وأوضحت ان موسى قرر الطلب من الرئيس حسني مبارك العمل على تحسين العلاقات بين الرياضودمشق وأنه ينوي إطلاق أفكار جديدة بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري لحل الأزمة اللبنانية. وطغى الاهتمام اللبناني الرسمي والسياسي بالتطورات الدراماتيكية والدموية في غزة على الوضع السياسي اللبناني وسط جمود الجهود من أجل تنفيذ المبادرة العربية بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية ومعالجة الخلاف على الحصص في حكومة الوحدة الوطنية، فيما تبلغ لبنان بحسب قول مصادر رسمية ان سورية ستوجه الدعوة إليه لحضور القمة العربية"بحسب الأصول". وأجرى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة امس اتصالاً بالأمين العام للجامعة العربية ليطلع منه على جانب من نتائج محادثاته في العاصمة السورية وللتداول في العدوان الإسرائيلي على غزة. وأجرى اتصالات بكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل ورئيسي وزراء الكويت ناصر الأحمد الصباح وقطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، للتداول في ما آلت إليه الحرب الإسرائيلية على غزة. وقالت مصادر رسمية ل"الحياة"انه تم البحث في هذه الاتصالات عن مخارج لوقف ما تتعرض له غزة. لكنها رفضت الإشارة الى طبيعة الأفكار المتداولة في انتظار معرفة مواقف الفرقاء المعنيين بها. وشهد لبنان مسيرات شعبية عدة احتجاجاً على المجازر الإسرائيلية ضد الأبرياء في غزة، سواء في المخيمات الفلسطينية أم في جنوبلبنان وعلى الحدود. وكان موسى اجتمع امس مع الرئيس المصري حسني مبارك في القاهرة لإطلاعه على نتائج زيارته دمشق. وقال ان القمة لن تؤجل عن موعدها في 29 و30 الجاري. ورداً على سؤال عن مدى الربط بين حسم مسألة الاستحقاق الرئاسي في لبنان ونجاح القمة، قال موسى:"المهم ضمان ان يدعى لبنان الى القمة وهو ما تم تأكيده بالأمس بحسب ما فُهم من الجانب السوري". وسئل موسى اذا كانت هناك نية لإدخال أي تعديل على المبادرة العربية في شأن لبنان، فنفى ذلك. وقال ان"المبادرة لها نص وروح هو الوصول الى حل لمشكلة لبنان"، مضيفاً ان المفاوضات التي دعا إليها الأكثرية والمعارضة"تم التوصل خلالها الى عدد من الاتفاقات على نقاط عدة، وهناك نقاط اخرى يمكن الوصول الى حل في شأنها ولا تزال هناك بعض النقاط محل خلاف كبير". وأوضح موسى انه ناقش مع مبارك"العديد من القضايا المهمة على الساحة العربية والقضايا المطروحة على جدول أعمال القمة العربية المقبلة في دمشق وخصوصاً قضية لبنان والوضع في فلسطين". واعتبر ان المنطقة"تمر في ظروف خطيرة حالياً"، مشيراً الى ان"لبنان يشكل مشكلة اضافة الى موضوع غزة والاعتداءات الأخيرة عليها والتي خرجت على كل نمط وشهدت جرائم بشعة ضد المدنيين والأطفال أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى". وقال موسى انه ناقش مع الرئيس المصري"كيفية التعامل مع الوضع الحالي والتطورات الخطيرة في غزة، اضافة الى التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن محرقة في غزة"، واعتبر ان"تلك مسألة غير مقبولة ولا يمكن السكوت عنها"، موضحاً ان هذا الموضوع"سيكون بنداً رئيساً في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأربعاء المقبل كما انه مطروح على القمة العربية". وذكرت مصادر مطلعة في بيروت ان من غير المستبعد ان تطرح فكرة عقد قمة عربية استثنائية مخصصة لموضوع غزة في القاهرة أو شرم الشيخ، قبل عقد القمة العادية المقررة آخر الشهر في دمشق، خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب بعد غد في القاهرة. من جهة ثانية، يصل الى بيروت غداً مفوض شؤون الأمن والخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، في إطار جولة له على المنطقة. وسيطلع سولانا على آخر التطورات بالنسبة الى جهود حل أزمة الفراغ الرئاسي استناداً الى المبادرة العربية التي أكد الاتحاد الأوروبي دعمه لها. خوجة ومغادرة العائلات السعودية وكان السنيورة التقى امس السفير السعودي في بيروت الدكتور عبدالعزيز خوجة واطلع منه على خلفية قرار الطلب الى عائلات سعودية مغادرة لبنان بسبب الأوضاع الأمنية. وشرح السفير خوجة في تصريح الى محطة"أل بي سي"الفضائية الإجراءات التي اتخذتها السفارة بتشجيع العائلات السعودية في لبنان وعائلات الديبلوماسيين على مغادرة لبنان، مشيراً الى اصابة سيارة ديبلوماسي سعودي برصاص طائش ليل الجمعة الماضي، كانت عائلته الى جانبه في السيارة. وأوضح أن"الموضوع اقلقنا بعض الشيء". وأشار الى ان السفارة أرسلت رسائل للمواطنين المقيمين في لبنان لإطلاعهم على النصائح التي وجهتها، وإذا كان في إمكانهم المغادرة ان يغادروا، وتحدث عن ان الوضع السياسي متوتر وكذلك الوضع الأمني. وأضاف:"هناك هجمة شرسة عنيفة، إعلامية، ضد المملكة من قبل بعض الجهات وبعض الوسائل الإعلامية سواء المكتوبة أو غير المكتوبة لا مبرر لها. ولم نرد عليها ولم ندخل في سجال أو مهاترات معها، نحن في كل يوم نصبّح ونمسّي على هجوم عنيف من هنا وهناك وأشياء غير مبررة وهناك شحن وشحن وشحن دائم ومستمر ولا أعرف ما هي أسبابه وما هو المقصود وما هي أهدافه". وقال خوجة:"فيما نحن نحاول لمّ شمل الأمة العربية، هناك من يتطاول علينا ويشتمنا ويقول لنا من الأفضل أن لا تأتوا الى القمة العربية. وتخرج مقالة هنا ومقالة هناك وهجوم. هناك تحريض ضدنا جميعاً، والحادث الذي حصل غير المقصود، أي الرصاص الطائش قد يتكرر مرات ويسمى برصاص طائش، ليس هناك أي إثبات أو دليل على انه متعمد أو طائش ولكننا نعتبره طائشاً. نريد ان نجنّب العوائل هذا". وسئل اذا كان هناك من تهديدات تلقتها السفارة فأجاب:"المعلومات التي تأتينا بين الفترة والفترة، ومن دون شك ان هناك العشرات منها. ولو كنا تفاعلنا معها بصورة طبيعية لكنا غادرنا منذ زمن. نعم هي ما زالت مستمرة".