سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بري يعتبر وجود "كول" قبالة الساحل اللبناني "تهديداً حقيقياً وليس عرض عضلات". موسى يستطلع اليوم في دمشق إمكان إرجاء القمة وتشاور سعودي - مصري - أردني لتحديد موقف منها
طغى وجود المدمرة الأميركية "يو اس اس كول" في المياه الدولية في البحر الأبيض المتوسط، قبالة الشاطئ اللبناني - السوري، على الوضع السياسي في لبنان والذي تسيطر عليه حال من الجمود بانتظار عودة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى بيروت قبل 11 الشهر الجاري، أي الموعد الجديد للجلسة النيابية المخصصة لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. واعتبر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري في حوار تلفزيوني ليلاً ان وجود المدمرة هو تهديد حقيقي وليس عرض عضلات وأن هدفه هو غزة لصرف الأنظار عن محرقة ترتكب في حقها وتوجيهها نحو لبنان. وإذ أكد بري ان الحل في لبنان على قاعدة حكومة جديدة بتمثيل متساو بين الموالاة والمعارضة ورئيس الجمهورية الجديد 10-10-10 ما زال قائماً، أعلن تمسك المعارضة بقانون انتخاب 1960، وإلا لبنان دائرة واحدة على اساس النسبية أو المحافظات الخمس وكاشفاً عن تحرك بعد القمة العربية إذا فشل الحل. راجع ص 6 و7 و8 وفيما كشفت مصادر ديبلوماسية في لندن ان موسى الذي يلتقي اليوم في دمشق الرئيس بشار الاسد يحمل اقتراحا بارجاء عقد القمة العربية شهرا او شهرين، من اجل توفير فرص نجاح هذه القمة بانتخاب رئيس للبنان. وفي موازاة ذلك، شهدت القاهرة اجتماعا ثلاثيا جمع وزراء الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل والاردني صلاح الدين البشير والمصري احمد ابو الغيط من اجل تحديد موقف مشترك من القمة. واوضحت المصادر في لندن ل"الحياة"ان موسى يحمل الى محادثاته مع الرئيس الاسد مجموعة افكار، بينها اقتراح تأجيل موعد القمة العربية لضمان نجاحها. وذكرت ان موسى سيقترح على الاسد ارجاء القمة شهرا او شهرين، على ان تستغل هذه المهلة لتأمين انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان وتنقية الاجواء العربية، لضمان مشاركة واسعة ورفيعة في اول قمة عربية تستضيفها سورية. وعزت المصادر اقتراح موسى الى تخوف جهات عربية عدة من ان يؤدي انعقاد القمة من دون انتخاب رئيس للبنان الى"انقسام اكثر حدة مما عاشه العرب بعد غزو العراقالكويت". واعترفت المصادر بصعوبة ان يوافق الاسد على ارجاء القمة، خصوصا بعد اعلان دمشق بانها ستعقد في موعدها وبمن حضر. وعشية محادثات موسى في دمشق، أجرى وزيرا الخارجية السعودي والأردني اللذان وصلا الى القاهرة في زيارة لم يعلن عنها سابقا، مشاورات في القاهرة مع نظيريهما المصري. وقالت مصادر مصرية إن الوزراء الثلاثة ناقشوا التنسيق بين القاهرة والرياض وعمان حول المستجدات الاقليمية، وأن هذه المشاورات ستستمر في الفترة المقبلة من أجل الخروج"بموقف موحد من القمة العربية في ضوء تعثر الحل في لبنان". ومن المفترض ان يكون الوزيران السعودي والاردني قابلا الرئيس حسني مبارك مساء امس. وشددت المصادر على أن الاجتماع الثلاثي"ليس موجهاً ضد أحد ويجب أن يفهم في هذا الإطار". وتأتي المشاورات الثلاثية قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب المقرر يومي الاربعاء والخميس، والذي سيكون حاسما في شأن الإعداد للقمة العربية في غضون ذلك، رفض رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مايكل مولين الربط بين إرسال المدمرة"كول"وانتخاب الرئيس في لبنان. وقال ان وجود المدمرة مهم وهو لا يهدف الى توجيه رسالة أقوى من هذه الرسالة، وان هذا الأمر"يشير الى اننا معنيون بالحفاظ على الاستقرار الإقليمي، لأنه جزء من العالم، وهو مهم جداً بالنسبة الينا". وانشغل الوسط السياسي اللبناني بمواكبة ردود الفعل الإقليمية والدولية على الخطوة الأميركية، باعتبار انها ستترك تداعيات أمنية وسياسية على الساحة اللبنانية. وفي أول رد فعل رسمي لبناني، أكد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان لا وجود لسفن حربية أجنبية في المياه الإقليمية اللبنانية، مشدداً أمام السفراء العرب الذين استقبلهم في السراي الكبيرة على انه ليس في هذه المياه إلا سلاح البحرية اللبنانية وقوات الطوارئ الدولية التي تساعد لبنان في تأمين حدوده البحرية ومراقبتها، بموجب القرار 1701، ومجدداً تأكيده موقف الحكومة الثابت في الدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله ومصلحته العليا بأن لا يكون ساحة لصراعات القوى الإقليمية والدولية. أما المعارضة اللبنانية فشنت أعنف حملة إعلامية وسياسية ضد وجود المدمرة الأميركية قرب المياه الإقليمية اللبنانية. وقاد الحملة"حزب الله"وحركة"أمل"وقوى أخرى في المعارضة. واعتبر عضو"كتلة الوفاء للمقاومة"حزب الله النائب حسن فضل الله ان الخطوة الأميركية تشكل"تهديداً للاستقرار في لبنان والمنطقة، ومحاولة لإثارة التوتر"، مشيراً الى أن الإدارة الأميركية"سبق ان اعتمدت سياسة إرسال البوارج لدعم جماعاتها في لبنان، وفشلت هذه التجربة وأعطت نتائج عكسية، ونحن لا نخضع للتهديد والتهويل العسكري". وأكد ان"استقدام البارجة يثبت وجهة نظر المعارضة بأن مشكلتها لم تكن مع فريق داخلي، إنما مع التدخل الأميركي، وباتت المواجهة مع أصحاب القرار في واشنطن". وعلى صعيد رد الفعل السوري، أرجأت دمشق الى اليوم تعليقها على الخطوة الأميركية، ومن المنتظر أن يصدر موقف رسمي سوري يتزامن مع استقبال الرئيس الأسد الأمين العام للجامعة العربية، في إطار الجهود التي يبذلها الأخير لتهيئة الأجواء العربية أمام إنجاح المبادرة العربية لحل الأزمة في لبنان. وبالعودة الى ردود الفعل اللبنانية، استبق السنيورة اجتماعه بالسفراء العرب باستدعاء القائمة بالأعمال الأميركية في لبنان، ميشال سيسون، وطلب منها توضيحات في شأن قرار الإدارة الأميركية إرسال سفن حربية الى المتوسط، وذلك للاطلاع منها على المعطيات والخلفيات التي كانت وراء القرار. وعلمت"الحياة"من مصادر في السفارة الأميركية في بيروت ان المدمرة"كول"موجودة في البحر المتوسط، وان اقترابها من المياه الإقليمية قبالة الشاطئ السوري والشاطئ اللبناني ما هو إلا"عمل روتيني، خصوصاً ان للبحرية الأميركية حضوراً دائماً ومتحركاً في هذه المنطقة". وأكدت المصادر ان الإعلان عن وجود المدمرة"كول"هو الخبر بالمعنى السياسي للكلمة بغية تأكيد واشنطن اهتمامها، وهذه المرة بنسبة أعلى من السابق بالاستقرار الإقليمي في المنطقة التي يسيطر عليها التأزم بسبب الأوضاع المتدهورة في أكثر من دولة. ولفتت الى وجود ارتباط بين كل التطورات المتسارعة في المنطقة، وقالت ان واشنطن أرادت من تسليط الأضواء على وجود المدمرة"كول"إشعار من يعنيهم الأمر، خصوصاً سورية بأن من غير المسموح به تهديد الاستقرار، وان الإدارة الأميركية جادة في لفت نظر سورية الى دورها السلبي في لبنان والذي لا يزال يؤخر انتخاب رئيس الجمهورية. واعتبرت المصادر ذاتها ان الإعلان الأميركي عن وجود"كول"ينم عن رغبة الرئيس جورج بوش في"توجيه رسالة سياسية بالغة الأهمية الى سورية وأطراف أخرى في المنطقة، تحمل تحذيرات واضحة بعدم تهديد الاستقرار من جهة، وبوقف تدخلها في الشأن الداخلي اللبناني، مشيرة الى أن"الخطوة بحدودها العسكرية تبقى رمزية، باعتبار انها ليست مقرونة باستحضار قوات تدخل سريع الى حيث تتواجد المدمرة". وفي باريس قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية ان الجانب الأميركي اطلع فرنسا على قراره إرسال المدمرة"كول"الى قبالة السواحل اللبنانية، كما أبلغها ان الدافع وراء القرار هو الحفاظ على الاستقرار الإقليمي. وأضافت ان فرنسا تؤيد الجهود المبذولة لتسوية الأزمة اللبنانية وصون استقرار المنطقة. وميّز مصدر فرنسي مطلع بين القرار الأميركي والموقف الفرنسي، معتبراً ان الإشارة الموجهة عبر إرسال المدمرة الى المنطقة، لا تتطابق تماماً مع النظرة الفرنسية الى الوضع، وأسلوب حل الأزمة في لبنان وتدعيم استقرار المنطقة. وقالت مصادر أوروبية في بيروت ل"الحياة"ان الخطوة الأميركية لا تنم عن وجود توجه لدى واشنطن للقيام بأي عمل عسكري، بمقدار ما انها جاءت بعد التهديدات التي أطلقت ضد المصالح الأميركية، على خلفية تحميل إدارة بوش مسؤولية في شأن اغتيال القيادي في"حزب الله"عماد مغنية، وان وجود المدمرة"كول"قرب الشاطئ اللبناني ? السوري ينطلق من تقدير واشنطن انها في حاجة الى تدبير عسكري استعراضي يساهم في ردع أي طرف يدرس القيام بعمل عسكري يترتب عليه تهديد للاستقرار في المنطقة. وعلى رغم ان المصادر رفضت التعليق عما إذا كانت للقرار الأميركي علاقة بما يمكن أن يحدث في الجنوب، في حال قرر"حزب الله"الرد على اسرائيل بعدما اتهمها بالوقوف وراء اغتيال مغنية، فإن اللقاء الذي ضم أمس القائم بالأعمال الفرنسي في لبنان اندريه باران ورئيس دائرة الشرق الأوسط في الخارجية الفرنسية دودفيك بوي والديبلوماسية الفرنسية بريجيت كيرمي المسؤولة عن دائرة الأممالمتحدة في الخارجية، ومسؤول العلاقات الدولية في الحزب نواف الموسوي، ركز على الدعوة الى ضبط النفس في الجنوب، في ضوء نصيحة الوفد الفرنسي بضرورة الحفاظ على الاستقرار فيه، والتأكيد على التعاون مع"يونيفيل"وعدم إعطاء الذرائع لاسرائيل، لتنفيذ عمل عسكري إذا قرر الحزب الرد على اغتيال مغنية. وعلى صعيد التوجه لدى قوى 14 آذار بالتحرك باتجاه عدد من الدول العربية والجامعة العربية، لشرح موقفها من التطورات في لبنان، قبل موعد القمة العربية في دمشق يومي 29 و30 الشهر الجاري، علمت"الحياة"ان ممثلين عن الأكثرية سيزورون القاهرة قريباً للقاء كبار المسؤولين المصريين، إضافة الى موسى، وتسليمهم مذكرة بهذا الشأن. وتوقعت مصادر في الأكثرية أن تسبق هذه الزيارة عقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في العاصمة المصرية في 5 و6 الشهر الجاري، لإعداد جدول أعمال القمة. وأكدت ان المذكرة ستعرض الحال في لبنان محملة دمشق مسؤولية إطاحة الجهود العربية والدولية والمحلية الآيلة الى انتخاب رئيس الجمهورية. بري بدأ بري حديثه بسرد مفصل لتفاصيل المفاوضات حول المبادرة العربية وقال انه ابلغ موسى الذي اتصل به بعد اتفاق وزراء الخارجية الخمسة الذين اجتمعوا في منزله في القاهرة، ومن بينهم وزيرا خارجية السعودية وسورية، انه يفهم البند المتعلق بتشكيل الحكومة على انه يعني 10 ?10 ? 10، وعلى هذا الأساس وصف المبادرة العربية بالتاريخية وطلب من موسى عدم الحضور الى لبنان إلا إذا كان هذا الأمر محسوماً كيلا يغرق في التفسيرات. وأضاف بري ان خلال محادثات موسى في بيروت لاحظ ان هناك كلاماً يقولونه الموالاة وشعر بأن وراء الأكمة ما وراءها. واستشهد بري بمحضر عن مقابلة بين السفير اللبناني في باريس بطرس عساكر مع المسؤول الفرنسي جان دايفيد ليفيت جاء فيه ان الولاياتالمتحدة لا تؤيد المبادرة العربية فيما تتمسك بها فرنسا بشدة، وأن فرنسا ترى الوضع في لبنان خطيراً. وتحدث بري عن اتفاقه على مجموعة نقاط مع موسى في زيارته الثانية ما عدا موضوع نسب التمثيل في الحكومة الجديدة. وقال ان العماد ميشال عون اتصل به أثناء اجتماع اللجنة الرباعية في مجلس النواب وأبلغه ان"الأخوان"الموالاة وافقوا على ال10-10-10 فأجابه بأن يقبل، لكنه قال انه فوجئ بتأجيل الجلسة وإعلان موسى مغادرته الى القاهرة، وأثناء لقائه به أصر على بقائه وتعهد له بالعمل مع حلفائه لتسهيل الاتفاق، وخلص من عرضه الى تحميل الموالاة مسؤولية تعطيل الحل. وأكد بري ان المعارضة تريد ميشال سليمان رئيساً، لكنه أصر على اعتماد قانون انتخاب 1960، وإلا فلبنان دائرة واحدة على أساس النسبية أو اعتماد المحافظات الخمس. وفي موضوع المدمرة الأميركية قال بري:"إذا كان التهديد لسورية لماذا ليست قبالة الشواطئ السورية". لافتاً الى ان باراك وزير الدفاع الإسرائيلي كان في أميركا وإلى ان الفرنسيين وبعض الأوروبيين أعطوا علماً بهذا الموضوع، ومعتبراً"ان الهدف هو غزة. الهدف ان يتم ما يجب ان يتم في غزة من دون ان يتحرك أحد للمؤازرة وهنا المقصود الخوف من المقاومة في لبنان وبالتالي هو عملية تهديد حقيقية وليس مجرد عرض عضلات. ما يحصل في غزة مطلوب لصرف الأنظار نحو لبنان، وعدم الحل فيه هو لصرف النظر عما يجري في غزة. هذا الأسطول يأتي لتغطية إسرائيل في غزة". ونفى بري ما قيل عن انه والمعارضة لم يمشيا مع رأي بكركي البطريرك الماروني نصر الله صفير. وجدد موقفه من الحكومة الحالية"غير الميثاقية وغير الشرعية وغير الدستورية"لكن القائمة، وقال ان مجلس النواب مقفل في وجهها، لكنه مفتوح على مصراعيه لانتخاب رئيس للجمهورية. واعتبر بري ان عقد القمة العربية في دمشق ضروري، ويجب ان يحضرها كل العرب لافتاً الى انه ليس ضد دعوة السنيورة إليها باعتباره رئيس حكومة واقعياً وليس شرعياً. وشدد على ان العلاقات السعودية ? السورية ضرورية، ليس للبنان فقط، بل لفلسطين والعراق ايضاً. واعتبر بري ان اغتيال القيادي في"حزب الله"عماد مغنية هو اعتداء على القرار 1701، اضافة الى الخروق الجوية الإسرائيلية اليومية للأجواء اللبنانية. وقال إنه لا يزال يعمل مع المبادرة العربية التي امامها الآن محطتان: اجتماع وزراء الخارجية العرب في 5 و6 آذار والقمة العربية، مشيراً الى ان، في حال فشلت القمة والحل العربي نهائياً، هناك تحرك آخر"لا أريد ان أعلنه الآن لئلا يحصل كما حصل في مسألة العيدية". معلناً ان هذا التحرك سيكون مع العرب وغير العرب. وسبق ظهور بري على شاشة anb في حوار شارك فيه رئيس تحرير"النهار"النائب غسان تويني وناشر"السفير"طلال سلمان، إطلاق كثيف للرصاص وقذائف ال"أر بي جي"والقنابل الصوتية في الضاحية الجنوبية وأحياء بيروتية، علماً ان بري كان طلب من عناصر حركة"أمل"عدم إطلاق الرصاص.