سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تركي الدخيل يروي تفاصيل رحلته إلى أفغانستان من "كابول" وحتى "وادي الأُسود الخمسة"... في كتاب تنشر "الحياة" فصولاً منه . أسامة بن لادن سأل أتباعه: "من لي بأحمد مسعود" ؟! ... ثم انتدبهم لاغتياله 1من2
هل ذهب تركي الدخيل إلى أفغانستان مجاهداً، خصوصاً أن الجميع يعرف أن الإعلامي السعودي الذي يقدم برنامجاً تلفزيونياً من أهم البرامج الحوارية العربية، مرّ في شبابه بفترة تدين؟! يبدو هذا السؤال أحد الأسئلة التي تعبر أذهان كل من سمع عن كتابه الجديد"كنت في أفغانستان"الذي سيكون في متناول القراء والمهتمين مع بدء فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب غداً الثلثاء. وهكذا يأتي تركي الدخيل، مثيراً للجدال، حيثما حل، فكتابه أثار الأسئلة والنقاش قبل أن يطرح، وهو يأتي في جوقة من الاستفهامات حول أطروحاته، ربما تأكيداً على ثقافة السؤال التي يردد دائماً أنه يتمنى أن يثيرها على الدوام، من خلال حضوره الإعلامي سواء في برنامجه"إضاءات"، أو في كتاباته اليومية، أو في كتبه التي تحقق نسب مبيعات مرتفعة، كما في كتابيه الأولين:"ذكريات سمين سابق"، و"سعوديون في أميركا". غير أن الدخيل يؤكد في كتابه الذي تنشر"الحياة"اليوم، وغداً فصولاً منه، قبل طرحه في الأسواق، أنه عندما يكتب عن أفغانستان فإنه يختزل كشاب سعودي في هذه الدولة الإسلامية، الكثير من ذاكرة أبناء جيله. يُتوقع أن يترك كتاب الدخيل أثراً بالغ الأهمية لقيمتيه التاريخية والفنية، ولأهمية الأحداث الواردة فيه على رغم مرور عشرة أعوام على وقوعها. يقول تركي في مقدمة كتابه كنت في أفغانستان... مشاهدات ويوميات من بلاد الجهاد والإرهاب:"عندما كُنتُ في المرحلة المتوسطة، بين العامين 1984-1986، كان الجهاد الأفغاني في أوجه، وكانت بلادي، المملكة العربية السعودية، الحديقة الخلفية لهذا الجهاد، وهو ما جعل شاباً، أقرب إلى الطفولة، في الرابعة عشرة من عمره، هو العبد الفقير إلى الله، يقول لوالدته، وهي تحضه على الدراسة والمذاكرة، استعداداً للامتحانات النهائية: ألا يَعِدُ الآباء والأمهات أبناءهم بالهدايا، ويُمَنونهُم بها، إن هم تفوّقوا في دراستهم؟! فترد أمي بالإيجاب، بحثاً عن النهاية. ثم أقول: أفإن تفوقتُ في دراستي، تحققين لي ما أطلب؟! قالت: هذا يعتمد على قدرتنا على توفير طلبك. قلت: أؤكد لك يا أمي أن طلبي سهل تحقيقه، فهو متاح لي ولكم، بل إنه يُقَربنا إلى الله!. رأيتُ علامات التعجب ترتسم على محيّا والدتي، وقد تحول وجهها علامة استفهام كبيرة تنتظر مزيداً من الإيضاح، فواصلتُ حديثي: أريد إن تفوقتُ في دراستي أن أذهب إلى الجهاد في أفغانستان! فقالت: ليس لدي مانع إن تفوقتَ، أن تذهب إلى الجهاد في أفغانستان! وانتهى المشهد، بأن ركضت إلى دروسي بجد ونهم وحرص! ربما كان طلبي غريباً، لكنني اليوم بعد مضي أكثر من عقدين من الزمن على هذه الحادثة، أستغرب هذا الشرط، الذي سقته لوالدتي من أجل التفوق، وأستغرب أنّ الوالدة وافقت على هذا الشرط العجائبي، بلا أي اعتراض! يصف تركي الدخيل رحلته إلى أفغانستان"بالغريبة بعض الشيء، لأنها مفاجَأة، ومفاجِئة، ولم تمتثل لخطط مسبقة". ويضيف:"كنتُ، بوصفي مراسلاً سياسياً لجريدة"الحياة"، في السعودية، أُتابع العلاقات السعودية - الإيرانية، كما العلاقات السعودية - الأفغانية، وقد مرّت الأولى بشيء من الازدهار إثر زيارة الرئيس الإيراني الأسبق، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، إلى السعودية، ومن بعده سيد محمد خاتمي، إبان رئاسته الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إضافة إلى زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عندما كان ولياً للعهد، وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، يوم كان نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للدفاع، إلى إيران، مدشنين علاقة جديدة ولافتة مع طهران، بعد زمن من التوتر منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران على يد قائد الثورة الخميني عام 1979، وما تلاها من توتر بلغ ذروته في المواجهات بين الحجاج الإيرانيين المتظاهرين والقوات السعودية في مكةالمكرمة منتصف الثمانينات! وبالنظر إلى كون السعودية ثاني دولة اعترفت بحركة طالبان حاكماً لأفغانستان، بعد باكستان، وقبل الإمارات العربية المتحدة، فقد كان الاعتراف السعودي مثاراً للكثير من التساؤلات والتعليقات، وقد ازدادت هذه التعليقات بعد أن عادت السعودية عقب أشهر، من الاعتراف بطالبان حكومة شرعية في أفغانستان، لتعلن تجميد علاقاتها الديبلوماسية معها، وسحب القائم بالأعمال السعودي من كابول، وأمهلت السفير الأفغاني في الرياض، حينذاك، أياماً معدودة لمغادرة أراضيها. صادف أن جاءت هذه التطورات في أجواء تحسن العلاقات السعودية ? الإيرانية". مشيراً إلى أن"علاقات طهرانبكابول ? حينها - كانت متوترة، فقد حشدت إيران قواتها على حدود جارتها أفغانستان، إثر مقتل ديبلوماسيين إيرانيين من عناصر طالبان بعد سيطرة قوات الأخيرة على المدينة الأفغانية الشمالية المهمة باميان، التي كانت في حوزة قوات التحالف الشمالي، المُقَرّب من إيران. كان الشمال الأفغاني منطقة لنفوذ الشيعة الأفغان، ممثلين على وجه الخصوص بحزب الوحدة الشيعي، ما جعل الوجود الإيراني أمراً طبيعياً في باميان، عاصمة الشمال الأفغاني، لمّا كانت قوات التحالف الشمالي، تسيطر عليها. قُتل الديبلوماسيان الإيرانيان، إثر دخول طالبانيين عليهما في قنصليتهما، وفتح النار عليهما، من دون اعتبار لحرمة ديبلوماسية. هكذا ببساطة، وربما صفاقة، ومن دون تعقيدات. اعتذر قادة طالبان، بعد ذلك، عن الحادث، بوصفه تصرفاً فردياً، قام به أفراد من القوات، من دون أن يأتمِروا بأمر قادتهم! في تلك الأثناء، جرى ترتيب وساطة بين إيرانوأفغانستان، كان يقف خلفها السفير الإيراني لدى الرياض ? آنذاك - محمد رضا نوري شهرودي، الذي تواصل مع رجل أعمال أفغاني، كان مُقرباً من طالبان ويقيم في السعودية، يُدْعَى سيد جلال كريم، بغية الوصول إلى هذه الغاية". ويمضي بالقول:"كنتُ صحافياً أبحث عن القصة، وأحاول أن أتابعها، فاتصلت بسيد جلال لأستوضح منه الأمر، وأمام سيل أسئلتي الهاتفية، قال لي: سأزورك في المكتب غداً... وبالفعل كان سيد جلال يجلس أمامي في مكتبي في جريدة"الحياة"بالرياض في أوائل شهر تشرين الأول أكتوبر 1998. سألتُه عن الوساطة، فقال إنه سيذهب بعد أسبوع إلى أفغانستان، لمتابعة أمرها مع حكومة طالبان وقادتها. كان سيد جلال مُعجباً بحكومة طالبان، كثيرَ الحديث عن صِدق رجالاتها، ونزاهتهم، وبُعدهم عن استغلال المال العام، وحرصهم على مصالح الناس، وهو ما لم يجده الناس في أفغانستان مُمارساً من قادة الجهاد السابقين، ما أفقدهم الكثير من أسهمهم لدى الجمهور، وأثّر في شعبيتهم سلباً، وأسهم في صعود شعبية طالبان، لا سيما في بدايات ظهورها. بينما كان سيد جلال يجلس إلى مكتبي، لا أدري ما الذي جعلني أُطلِقها من لساني مباشرة، من دون مراجعة أو تأمل، فأقول له: هل تسمح لي أن أرافقك، إلى أفغانستان، لأطَّلع على هذا الثناء الذي تسبغه على طالبان؟ لماذا لا تجعلني أحكم بنفسي على تجربتهم طالما أنت واثق كل هذه الثقة بهم؟! جحظت عينا جلال حتى خُيِّل لي أن حدقتيه استقرَّتا أعلى جبهته استغراباً، فما الذي يريده هذا الشاب؟! وهل هو صادق أم أنه متحمسٌ يطلق الكلمات على عواهنها؟! بعد تأمل... قال: إن كنت صادقاً، فلِمَ لا؟! قال لي سيد جلال: سأراجع جدولي لمعرفة أوقاتي وأخبرك. بعد ذلك قرر السفر على متن الخطوط الباكستانية، وهو ما فعلته أنا أيضاً". بوابة الجهاد... أم الإرهاب؟! سافر الدخيل على متن الخطوط الباكستانية من الرياض إلى لاهور ليل السبت الثامن عشر من تشرين الأول من عام 1998، وبعد توقُّف دام ساعتين في لاهور، وصل بيشاور صباح الأحد. كان في استقباله هو وسيد جلال نائب القنصل العام الأفغاني، وهو بطبيعة الحال ممثل لحكومة طالبان التي كانت آنذاك تسيطر على نحو ثلاثة أرباع الأراضي الأفغانية، في مقابل ربعها تحت سيطرة ممثل تحالف الشمال الأهم أحمد شاه مسعود. يقول:"توجهنا فور وصولنا إلى قنصلية طالبان في بيشاورالباكستانية، بغية الحصول على تأشيرة سفر لي. قابلنا القنصل في مكتبه، وخلال أقل من نصف ساعة، قضينا معظمها في أحاديث ارتكزت على مستقبل طالبان في الحكم، كنتُ أحمل جوازي وقد مُهِر بختم تأشيرة دولة طالبان الإسلامية، إيذاناً بالدخول إلى أفغانستان. أنا الآن في المدينة التي كانت حلماً لي ولأبناء جيلي. هذه التي نسجوا لنا حولها الأساطير، ورووا لنا أن الملاحم وقعت على أرضها، في الطريق إلى الأرض التي لم يكن يرِد ذكرها إلا متبوعاً بمفردات العزة والكرامة والجهاد! وفور أن أخذتُ جوازي، دعانا القنصل إلى تناول الإفطار في فندق مجاور، وبعد أن انتهينا وَدّعَنا، وبدأنا في الاستعدادات الحقيقية للتوجه إلى أفغانستان. امتطينا صهوة سيارة نقل بيك أب ومضينا من بيشاور إلى منطقة القبائل، المتاخمة للحدود الأفغانية ? الباكستانية". واستطرد واصفاً مشهد الرحلة:"كانت أسراب من البشر تقطع الحدود راجلة، إضافة إلى بهائم وُضِع عليها من البضائع والأغراض الخاصة، الشخصية والمنزلية، ما تنوء به قوتها. لذلك كان الحيوان الأكثر قطعاً للحدود هو الحمار وما في حكمه. اضطررنا إلى الوقوف عند مركز حدودي متواضع، يديره ثلة من الشبّان لا يتجاوز عمر أكبرهم الخامس والعشرين ربيعاً. بعد نصف ساعة وجدنا أنفسنا نذرعُ مساحات الأرض الأفغانية. وجلال أباد هي أول ولاية في الطريق إلى كابول، وتبعد سبعين كيلومتراً تقريباً عن الحدود الأفغانية. لم نجد صعوبة في الوصول إلى جلال أباد، فالطريق كانت سالكة، ولم نحتج إلى أكثر من ساعة للوصول إلى المدينة التي توقفنا فيها، ودخلنا دار الوالي، مولوي عبدالكبير، وقابلنا نائبه، مولوي صدر أعظم، وكتب لي الأخير ورقةً أكد فيها أني ضيف أمير المؤمنين، راجياً ألا يتعرض لي أحد بسبب حلقي للحيتي! لم أكن أعي قيمة هذه الورقة، التي كانت تُسهِّل انتقالنا كثيراً، إلا عندما وصلت إلى كابول، بعد سفر زاد عدد ساعاته على عشرين ساعة، مع أن المسافة بين جلال أباد وكابول، لا تزيد على 260 كيلومتراً تقريباً. صلَّينا في جلال أباد الظهر والعصر، جمعاً وقصراً، وغادرناها منتصف الظهيرة، في الطريق إلى... كابول". شارحاً:"الطريق إلى كابول وعرة جداً، كانت السيارة التي تُقلنا حديثة نسبياً، لكننا اضطررنا لتغيير دواليبها سبع مرات، فهي كانت تنفجر في كل مرة، بسبب وعورة الطريق، وفي كل مرة كُنّا نستخدم البديل، حتى نصل إلى من يصلح إطارات السيّارة، فنقدم له المعطوب ليصلحه، وهو ما يحتاج إلى نحو ساعة من الانتظار. عندما أوشكنا على بلوغ مشارف كابول، ولم يتبق لنا للوصول إليها سوى ساعة تقريباً انفجر الإطار، من دون أن يكون لدينا بديل جاهز. توقفنا بعدها ساعتين ننتظر من يُقلنا، فلم يتوقف ليُقلّنا إلا سائق حافلة اكتظت بالرُكّاب من الجنسين، حتى إن الواقفين في الحافلة كانوا أكثر من الجالسين. كانت الشمس قد غربت، وادلهمّ الليل البهيم، فازدادت برودة الجو، حيث داهم الشتاءُ البلادَ في تشرين الأول. مصباح الإنارة كان مضاءً داخل الحافلة، وبدا البُؤس والأسى أول رسالة يمكنك قراءتها في وجوه المسافرين. وصلنا كابول في العاشرة والنصف مساءً، ولكنّ قوات طالبان كانت تحول بين من هم خارج العاصمة، وبين دخولها ليلاً، إذ إن أحكام حظر التجول كانت نافذة في ساعات الليل، حتى ما بعد صلاة الفجر، وهو ما يعني الصباح، فالأفغان يتبعون المذهب الحنفي، والأحناف من بين المذاهب السنية الأربعة، هم آخر من يصلي الفجر، فلا ينتهون من الصلاة، إلا وقد بدأ النهار في الظهور. على مدخل المدينة حيث الحاجز الذي أُوقِفنا عنده، ثلاث غرف مبنية من الطين، جُعلت لانتظار المسافرين، حتى يدخل النهار، ويُسمح لهم بولوج عاصمتهم. في البداية، عبثاً حاول سيد جلال أن يشرح للمسؤول عن الحاجز أننا مدعوون الى منزل وزير الخارجية، ملا محمد حسن، وعندما فشلت محاولات جلال، اضطررنا إلى الجلوس مع المنتظرين في تلك الغرف". الموت... يمُرُّ من هنا! ويروي الدخيل تفاصيل موت كان قريباً منه بقوله:"ذهبنا إلى منزل وزير الخارجية، فقال حُراسه، إنه نائم، وإن أحداً لم يخبرهم بأن ضيوفاً سيحلون على الوزير، وبخاصة بعد منتصف الليل. فعدنا أدراجنا. بعد خروجنا من منزل وزير الخارجية، كان أحد عناصر طالبان يتأبط كلاشينكوفاً، ويحرس المنطقة المحيطة بمنزل الوزير، وحاول إيقافنا طالباً كلمة السر، لكن سائقنا لم يستمع إليه. رأيتُ كل من في السيارة يقفزون على السائق لتنبيهه لوجوب الوقوف، بعد أن هيّأ الحارس سلاحه للإطلاق! كان المشهد درامياً، فقد مرَّ الموت من جانبنا، وكان من الممكن أن يصيبنا، لو لم تكن رد فعل السائق، كما يشتهيها الحارس! فرحت لأن المنايا أخطأتنا فعمرنا، وإن لم نهرم بعد". وزارة الخارجية... الطالبانية! "عزّز النهار انطباعاتي عن العاصمة الأفغانية، كابول،"بهرتني شوارعها الواسعة. ولم يكن أثر للدمار في وسطها، حتى ظننتُ أنك لو نقلت شخصاً إلى وسط كابول، ثم سألته عن هذه المدينة، لقال لك إنها مدينة لم تر حرباً قط"، هكذا يصوّر تركي أفغانستان، ويزيد:"كانت هناك مجموعات من الفقراء، جُلُّهم من النساء والأطفال، يطوفون بالسيارات التي يرونها جديدة، أو يلمسون على أصحابها مستوى مادياً قد يكون مظنة لمنحهم بعض النقود.. قال لي جلال: لا يغرنَّك ما ترى. من ميزات أفغانستان، وإن أصابها الفقر، أن لا أحد فيها يموت من الجوع، فالطعام على أقل القليل، متوافر لمن أراد. لكن توالي الحروب على هذا الشعب المسكين هو الذي جعل مظاهر السؤال والطلب تبدو ظاهرة للعيان". وزاد:"استمعت إلى حديث سيد جلال، وواصلت تأملي في كابول، حتى شارفنا على دخول وزارة الخارجية - حيث يرغبون في لقاء الوزير - توجهنا إلى أحد المكاتب وبقينا ننتظر، وكان كلُ من يدخل علينا، يُلقي السلام، ثم يَخرُج. أحد الذين دخلوا علينا، كان طويل القامة، نحيل البدن، يرتدي الزي الأفغاني، والعمامة السوداء. سلّم علينا وصافحنا، ولما تحدّثَ، قلت له على الفور: أنت سعودي؟! ابتسم، وأجاب بأن نصفه سعودي. استغربتُ الإجابة، وانتظرتُ المزيد. اسمه عبداللطيف عبدالرحمن، وهو يتحدث العربية بلهجة أهل المدينةالمنورة، كما لو كان مدنياً أباً عن جد. ما لبث عبداللطيف أن شرح لي القصة، فوالده أفغاني، هاجر إلى السعودية، وُلد الابن في المدينة، وتعلّم حتى المرحلة الثانوية. تأثر عبداللطيف بالصحوة الإسلامية في السعودية، ولمّا ظهرت"طالبان"، سافر إلى بلده الأم، أفغانستان، فوجد القوم متدينين، على الطريقة ذاتها التي اعتادها في السعودية، كما يقول. زاد: لم أجد في شيوخ طالبان فرقاً عن شيوخنا الذين تعلمت لديهم في أروقة الحرم النبوي الشريف في المدينةالمنورة، ورأيتُ أن بلدي في حاجة إليّ الآن، فقدمت إلى هنا منذ سنتين، وها أنا أعمل في وزارة الخارجية. وبينما كان سيّد جلال يتحدث إلى أحد العاملين في مكتب الوزير، وأنا أتجاذب أطراف الحديث مع عبداللطيف عبدالرحمن، دخل رجل ستيني، لا يمكن أن تستبين من هيئته أنه وزير، ولولا أن مَنْ في المكتب وقفوا قفزاً، لما علمتُ بأن هذا الرجل هو الوزير". وبحسب تركي فإن الوزير ملا محمد حسن، كان رجلاً متوسط الطول، ذا بشرة داكنة، ولحية كثة، يُخالطها شيء من بياض، وبدا أن أحد مرافقيه، ارتدى لباساً أكثر أناقة، وأطلق لحيته، لكنه حلق ما ظهر من شعر في وسط خديه، وهو ما لم يكن مألوفاً لدى مَنْ أراهم أمامي منذ دخولي البلاد. تبين بعد ذلك، أن الرجل الأنيق، يدعى محمد قاسم عبدالحليم، وهو كان يعمل مديراً لإدارة التدقيق والمتابعة في وزارة الخارجية الأفغاني. درس عبدالحليم في الجامع الأزهر في مصر، وهو يعمل في أوقات فراغه مذيعاً في إذاعة كابول العربية. حدثني الأفغاني - المصري عن جهود يبذلها لتقريب وجهات النظر بين طالبان ومصر، وركّز في حديثه على تدَيُّن عمرو موسى، وزير الخارجية المصري ? آنذاك - مستدلاً على ذلك بما رآه في بيت موسى القاهري، عندما زارَهُ، من لوحات تحمل آيات قرآنية كريمة. "ما لا يعلمه الكثيرون أن عمرو موسى ذو صوت جميل في قراءة القرآن، وهو عادة ما يؤمُّ المصلين في وزارة الخارجية المصرية. وإذا قرأ القرآن، لا تملكُ إلا أن تستمتع بقراءته الخاشعة، وتقول: ليته لا يسكت من جمال قراءته". قال لي عبدالحليم:"في مصر سياسيون من الطراز الأول، يتقدمهم الرئيس محمد حسني مبارك، ووزير الخارجية عمرو موسى. الرئيس مبارك رجلٌ عملي، نشاطاته كبيرة، ويحب الخير لبلاده، وللدول الأخرى. أما موسى فهو سياسي محنّك، وهو رجل متدين، وهذا مؤشر جيد لإمكان التعامل في الأيام القليلة المقبلة مع طالبان من مصر، واعتراف القاهرة بنا". ويضيف:"صافحنا الوزير، وجلس حيث كنا نجلس، وأشار إلى أحد مرافقيه اللذين دخلا معه، فقرأ سورة العصر، ترتيلاً وتجويداً، ثم بدأ الوزير بالحديث، فحمد الله مورداً نص خطبة الحاجة كاملة. لم أرَ في حياتي وزير خارجية، يبدأ حديثه، كما يبدأ الأئمة والمُحدثون وعلماء الدين أحاديثهم وخطبهم وكلماتهم، لكن هذا مؤشر مهم الى قراءة الحالة الطالبانية. بعد ذلك، شكَرنا الوزير، على جهودنا للقدوم إلى كابول، وتجشَّم عناء السفر، وقبل أن أسأله سؤالاً واحداً، ومن دون أن يتوقف عن الحديث منذ بدأ، وجدتُه يتحدث عن علاقات طالبان مع السعودية، والموقف من أسامة بن لادن، الذي كان على الأراضي الطالبانية، حينها. ربما أدرك الوزير بحدسه، أن صحافياً سعودياً أمامه، يعني ضرورة الحديث في الموضوع السعودي، لا سيما بعد أن كانت السعودية قد أعلنت قبل أسابيع سحبها القائم بالأعمال السعودي في كابول، ومطالبتها السفير الأفغاني بمغادرة الرياض فوراً. فأكد الوزير أن الرياض لم تطلب من طالبان تسليمها أسامة بن لادن. وقال إن بلاده لو كانت لديها نية لمعاداة إيران لوافقت على طلب السنة في إيران مساعدة طالبان لهم، وهو ما رفضته الحركة. كان ملا محمد حسن، يتحدث بثقة مطلقة، وبيقينية منقطعة النظير، ولم يكن يتحدث عن ربط القرار بملا محمد عمر، أمير المؤمنين، وقائد طالبان، كما كان كل من نتحدث معه من أنصار الحركة. كان كل من يشرح لنا الوضع العسكري، مثلاً، في سياق تأكيداته، أن طالبان توشك أن تسيطر على ما تبقى من الأراضي الأفغانية، يُعقّب بالقول: نحن بانتظار توجيهات أمير المؤمنين، لمحاصرة بنجشير من كل الجهات". يقول تركي:"كانت الأحاديث والإشاعات تتكاثر عن قيادة ملا محمد عمر المركزية لشؤون الحكم في بلاده، من مقر إقامته في قندهار، قاعدة البشتون الرئيسة. لقد ظهرت أحاديث عن تحجيم ملا عمر لرئيس مجلس الشورى ملا رباني، وعزله بعض القادة الذين يتخذون قرارات من"عندياتهم"، من دون إشارات من القيادة في قندهار. بدا واضحاً أن بعض تصريحات الوزير لي، كانت تتناقض مع تصريحات أدلى بها ملا محمد عمر، في شأن طلب سعودي تسليم ابن لادن، وتأكيد من أمير طالبان، أنهم لن يرضخوا للطلب السعودي. كان ابن لادن متهماً حينها بالوقوف خلف تفجير سفارتي الولاياتالمتحدة، في نيروبي ودار السلام في عام 1998، الذي أدى إلى سقوط 224 قتيلاً، إضافة إلى اتهام السعودية له بالضلوع في تفجير العليا في الرياض في أواخر عام 1995، طبقاً لاعترافات منفذي التفجير، التي بثها التلفزيون السعودي، آنذاك. في إطار ليس بعيداً، لم يكن رأي وزير الخارجية الطالباني، بشأن عدم اعتراف دول العالم بطالبان، بعيداً عن آراء آحاد المنتسبين إلى الحركة، فيما يبدو أنه رأي جمعي لدى طالبان كلها، فالوزير حسن، قال لي إن سبب عدم اعتراف الدول غير الإسلامية بطالبان حكومة شرعية لأفغانستان، هو"تحكيم طالبان للشريعة"، وأضاف:"إنهم يجعلون من موضوع ابن لادن عذراً"، مستغرباً عدم إثارة الموضوع في عهد حكومة برهان الدين رباني، على رغم أن ابن لادن كان يقيم في أفغانستان آنذاك". وتابع ملا محمد حسن:"قابلتُ عدداً من المرات، القائم بالأعمال السعودي، سلمان العمري وصفه الوزير بأنه السفير السعودي، وليس القائم بالأعمال كما هو منصبه، إذ لم تعين السعودية سفيراً حينها وقلت للعمري: نحن نحترم الشعب السعودي والحكومة السعودية، كما أننا حريصون جداً على علاقات جيدة مع السعودية، وأبلغته أن أي مسلم لا بد من أن يحترم السعودية، لارتباطه بالمقدسات الإسلامية، وأكدت له أننا لا نسمح بأن تكون أراضينا منطلقاً للإساءة إلى السعودية". حاول الوزير الأفغاني، أن يشرح سبب احترام السعودية، فقال:"نحن لا نحترم الشعب السعودي، لأنه شعب فقط، بل لأنه شعب يعيش بين الأماكن المقدسة. المقدسات تعني لنا الكثير، ونحن مستعدون أن نقدم أرواحنا للدفاع عن المقدسات في السعودية". وزاد:"أبلغت القائم بالأعمال السعودي أنني قرأت أكثر من عشر مرات في الصحف من يقول إننا وعدنا المسؤولين السعوديين بتسليم ابن لادن، وهذا ليس صحيحاً. أكدنا للمملكة أننا لن نسمح لأحد باستخدام أراضينا للنيل من السعودية. نحن مستعدون للشهادة دفاعاً عن السعودية، فكيف نسمح لأحد بأن يضر السعودية أو مصالحها من أراضينا؟". واستغرب عدم إثارة موضوع ابن لادن في عهد حكومة برهان الدين رباني، مشيراً إلى أن ابن لادن، كان يقيم في أفغانستان، آنذاك، وكان حراً طليقاً، ولم تُفرض عليه قيود، وعندما وصلنا إلى السلطة منعناه من الإدلاء بتصريحات، وقيّدنا تحركاته. على رغم ذلك لم يطمئن أحد إلينا، فماذا نفعل؟!". وتابع وزير خارجية طالبان:"العالم الإسلامي كان يريد السلام في أفغانستان، ونحن جئنا بالسلام وحققنا الأمن، وأعطينا الناس حقوقهم، وطبّقنا الشريعة، ومع ذلك لم يُعتَرف بنا. نحن لا نلوم الدول غير الإسلامية إذا لم تعترف بنا، لكننا نلوم الدول الإسلامية". وعن علاقات بلاده بالسعودية بعد قرار الأخيرة"تجميد"العلاقات مع حكومة طالبان قال:"لم نكن ننتظر هذا الموقف من السعودية، فهي شقيقتنا الكبرى التي تدعم قضايا العالم الإسلامي. ونتمنى أن يزول سوء التفاهم بيننا وبين الرياض، وسنحاول أن نُقّرب وجهات النظر عبر الحوار". وأشار الوزير ملا حسن، إلى أن طالبان سترسل وفداً إلى السعودية"لإزالة سوء التفاهم، وتقريب وجهات النظر"، مستدركاً أن"مواضيع النقاش أو موعده لم تحدد بعد". لم يصل هذا الوفد إلى السعودية حتى نشر هذه السطور. لكن النزاع الإيراني مع طالبان، كان يحظى باهتمام منظمة المؤتمر الإسلامي، كما تردد في الأنباء حينها، فلما سألت الوزير عن الوساطة التي تزمع المنظمة القيام بها، بينهم وطهران، قال ملا محمد حسن:"نؤمن بأن المشكلات تحل بالحوار، ولم يُحدد حتى الآن موعد المفاوضات". وبمناسبة الحديث عن إيران الشيعية، وطالبان السُنّية، سألتُه: هل تعادي طالبان إيران لأنها شيعية؟ فأجاب:"في الحركة لنا هدف واحد"هو إصلاح الفساد، لا فرق بين سني أو شيعي أو طاجيكي أو قندهاري أو بشتوني. وعلى رغم أن إيران تدعم المعارضة في أفغانستان مالياً وعسكرياً، لم نقم بمثل ذلك العمل، ولم نُفَكِّر في أن نُحاربها، وجاءنا أهل السنة والجماعة في إيران، يطلبون دعمنا، فرفضنا تقديم الدعم لهم. لو كُنّا نُريد العمل ضد إيران لفعلنا ذلك ومن داخل إيران". قلتُ للوزير: إن أبرز المآخذ على طالبان، تفريقهم بين السنة والشيعة، وممارستهم العنف ضد الشيعة، في باميان تحديداً وفي غيرها، فرد:"أعدمنا كثيرين من القتلة السُنة وبعضهم من قندهار، وعاقبنا آخرين، مع أنهم ليسوا شيعة. تأكد أن طالبان، ليست حركة سنية، بل حركة إسلامية تعمل لإصلاح البلاد وإنهاء الفساد". مسعود "خبيث" وقائد "هالك"... هكذا تصفه طالبان معظم الأحداث التي ورد ذكرها في الكتاب يعود استناداً إلى ماذكره المؤلف إلى شهر تشرين الأول 1998، وربما كان أحد عناصر الأهمية في هذه الفترة أن الصراع كان طاغياً فيها بين الفرقاء الأفغان، ويمثل طرفهم الأول حركة طالبان، التي أسقطتها الولاياتالمتحدة - لاحقاً- في ضربات الغضب المنبثقة عن ذيول أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبر 2001، بالنظر إلى اتهام طالبان بإيواء القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن. أما الطرف الثاني، فكان تحالف الشمال، ولم يكن من تحالف الشمال شيءٌ على الأرض في الحقيقة، غير قائده أحمد شاه مسعود، الذي قتلته"القاعدة"، غِيْلَة، قبل أحداث أيلول بيومين. لم يكن مسعود شخصاً عابراً في تأريخ الجهاد الأفغاني، فهو أول قائد انتصر على الروس في معركة بنجشير3 في عام 1981. آنذاك، حقق مسعود نصره وحيداً، دون أن ينضم إليه أحد من القادة الأفغان. لم ينضم إليه أحد قبل معركة بنجشير7 في آذار مارس من عام 1984. لقد كانت انتصارات مسعود، بداية انتصارات الفصائل الأفغانية، في الحرب ضد السوفيات، وخاتمتها كذلك. يقول الدخيل في سياق سرده لبعض الأحداث: على رغم إنجازات مسعود، هذه، كان أنصار"القاعدة"يصفونه دائماً بپ"القائد الخبيث"، وأحياناً:"القائد الهالك"، وربما ستتبين سبب ذلك، عندما نعرف، رأي مسعود في تصرفات"القاعدة"، وابن لادن. وستبرر اعتبار أنصار ابن لادن، مقتل مسعود،"الحدث العظيم في تاريخ أفغانستان"! يروي مؤسس تنظيم القاعدة في السعودية، يوسف العييري، الذي عمل حارساً شخصياً لابن لادن فترة طويلة، أن اغتيال أحمد شاه مسعود كان بأمرٍ مباشرٍ من أسامة بن لادن، ولنترك عيسى بن سعد العوشن، أحد أهم أعضاء تنظيم القاعدة في السعودية، يروي القصة، كما جاءت في مجلة صوت الجهاد، الناطق الإعلامي باسم تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، من خلال ترجمته للعييري. يقول العوشن:"حصل الحدث العظيم في تاريخ أفغانستان، وهو اغتيال القائد الخبيث، أحمد شاه مسعود، فكانت فرحة الشيخ يوسف العييري لا توصف، وأذكر أنني مررت عليه حينها، وقلت له: ما الخبر؟! فقال لي العييري: إن الشيخ أسامة قال للإخوة: من لي بأحمد مسعود، فقد آذى الله ورسوله، فانتدب بعض الإخوة أنفسهم لاغتياله واحتساب الأجر والثواب من الله الكريم، وحصل ما سمعتم من خبر مفرح. وبعدها حصلت الأحداث المباركة في أميركا معقل الإلحاد فكاد الشيخ أن يطير فرحاً". ويشير إلى أن"القاعدة"كانت تعلم أن ما تصطلح هي وأنصارها على تسميتهما بغزوتي مانهاتن وواشنطن، أو غزوة الحادي عشر من سبتمبر، وتريد بهما أحداث سبتمبر، ستُهيِّج المارد الأميركي، وهذا هو عين ما كانت تبحث عنه بكل طريقة، وأي وسيلة، وهياج واشنطن سيستلزم رداً في أفغانستان، ولأن"طالبان"كانت حينها تسيطر على أكثر من ثلثي أفغانستان وصلت في بعض الأحيان إلى المناطق الواقعة تحت سلطة طالبان إلى أكثر من 85 في المئة من أراضي أفغانستان، فقد تصور ابن لادن أن مقتل أحمد شاه مسعود، القائد الأول والعنصر الأهم في تحالف الشمال، سيفتت هذا التحالف، فلا يجد الأميركيون عوناً لهم عندما يزمعون الرد على أحداث سبتمبر! الجلد والسجن لمن يحلق لحيته يقول تركي الدخيل في أحد فصول كتابه:"في العاصمة علمتُ أن متطوعي الطالبان، يعاقبون من يحلق لحيته بالجلد والسجن أسبوعاً، قد تتطور إلى أسبوعين، إذا رافق حلق اللحية ارتكاب محذور آخر!"كانت طالبان تكافح بتلك العقوبات، وأخرى تماثلها، ما تعتبره فِسقاً ومُجوناً ورذيلة، كسماع الموسيقى، وحلق اللحى. ويذكر في فصل آخر:"كنتُ أعجب من انتشار اللحى بين الرجال، وظننت أنه بسبب منع طالبان من حلقها، لكني علمت أن تربية الذقن عادة أفغانية في الأساس. من الأشياء التي نالت شيئاً من استغرابي، أن البعض كان يُدخِنُ السجائر أمام عناصر طالبان، ولم أر أحداً يمنعه من ذلك، فعلمتُ عندما أبديت عجباً، أن التدخين لا يقع ضمن المحرمات لدى طالبان، وليس كما يرى جُلّ العلماء في السعودية. بعد فترة انتظار، استمرت ساعات، اقتنع المسؤول عن البوابة بعد طول مفاوضات، بأن ندخل إلى كابول. كانت سيارتنا التي تعطلت قبلاً قد لحقت بنا. فركبناها ودخلنا العاصمة". ويضيف:"الذي يُشاهد مظاهر الفقر منذ دخول الحدود الأفغانية - الباكستانية، لا يمكن أن يتخيل كابول كما رأيتُها، مدينة واسعة الشوارع، عامرة البيوت، منظمة التصميم، في شوارعها الرئيسية إنارة معقولة حتى في منتصف الليل. صحيح أنك تستطيع سماع دبيب النملة، بسبب حظر التجول، لكنك تلمسُ، على رغم سواد الليل، مدينة كبيرة، مختلفة عما مررنا به من أفغانستان طوال يوم كامل". موضحاً:"كان فندق أنتركونتيننتال، الفندق الوحيد في المدينة، ذا خدمات متواضعة، فعلى سُكّانه أن ينزلوا ليشتروا صفائح الماء من المدينة، ثم يصعدوا بها إلى غرفهم، ليحصلوا على ما تساعدهم عليه مياهُ تلكَ المدينة من نظافة... ومن يعيش بلا ماء؟ رفض سيد جلال أن أبيت في الفندق، وطلب مني أن نبيت الليلة في منزلهم. أي منزل أسرته، ولم أعترض على الفكرة بتاتاً، وبخاصة بعد أن سمعت عن قصة صفائح الماء، ومهمات الخدمة الذاتية التي يلزم سُكّان أنتركونتيننتال أن يقوموا به".