سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير السعودي السابق لدى افغانستان محمد بن عيد العتيبي : حركة "طالبان" صناعة باكستانية - اميركية مشتركة الهدف الاميركي من دخول افغانستان هو تهديد البرنامج النووي الباكستاني وايران 1 من 2
يرى السفير السعودي السابق في افغانستان محمد بن عيد العتيبي ان حركة "طالبان" صنيعة الولاياتالمتحدة وباكستان، موضحاً ان واشنطن واسلام اباد ارادتا ان تكون الحركة "شوكة في حلق ايران"، بعدما اكتشفتا ان حكومة برهان الدين رباني على علاقة وثيقة مع الهندوايران، ونفى ان تكون السعودية تبنت الحركة في بداية ظهورها. واعتبر السفير السابق، في حديث الى "الحياة"، ان الجهاد ضد الاتحاد السوفياتي السابق "لم يكن جهاداً"، بل حرباً بين موسكووواشنطن تمكن الاميركيون خلالها من اقناع المسلمين بأنها "حرب ضد الالحاد". واضاف ان الحرب التي تخوضها اميركا الآن ضد الارهاب هي "حرب معدة مسبقاً"، وان الادارة الاميركية "استخدمت اسامة بن لادن لدخول افغانستان بعدما اوهمت العالم بقدراته". وشكك العتيبي في أن يكون تنظيم "القاعدة" وراء اغتيال احمد شاه مسعود، مشيراً الى ان استخبارات دول الجوار الافغاني والدول التي غزت افغانستان "وحدها قادرة على فك رموز اغتيال مسعود" لانه كان يرفض الوجود الاجنبي، ما يعني انه لو بقي حياً لأفسد الخطة الاميركية لدخول افغانستان بحجة محاربة الارهاب. وشدد على ان بقاء مسعود حياً كان يعني عدم موافقته على التفرد الاميركي بالساحة الافغانية، بل كان سيشرك مع واشنطن اصدقاءه الالمان والروس والفرنسيين، "الامر الذي لا تريده واشنطن التي تسعى الى الزعامة والهيمنة والتفرد". ونفى السفير السعودي ان يكون هناك أي ارتباط بين تنظيم "القاعدة" والنظام العراقي، وقال ان ترويج بعض الاصوات في الادارة الاميركية مقولة تمويل العراق احداث 11 ايلول سبتمبر هو اقرب ما يكون الى حادث سفينة الاسلحة التي اعترضتها اسرائيل قبيل وصول المبعوث الاميركي انتوني زيني إلى المنطقة، ووصفها بأنها "عملية استخبارات خطط لها بإحكام". وذكر العتيبي ان حركة "طالبان" نشأت في أفغانستان "بشكل عفوي" وان عوامل كثيرة ساهمت في تكوينها، مثل الحرب الاهلية والمذابح المروعة وانتشار الفساد الاخلاقي، مشيراً إلى ان الولاياتالمتحدة ارادت بدعمها الحركة ضرب الاصولية الافغانية بأصولية اشد منها، كي ينفر المجتمع الدولي منها اضافة الى رغبة واشنطن في الحد من النفوذ الايراني. وأوضح ان "طالبان" تشكلت في البداية من شيوخ القبائل الذين لم يجدوا لهم مكاناً في حكومة رباني وبعض اعضاء حكومة نجيب إضافة الى مجموعة المتقاعدين في الاستخبارات الباكستانية وبعض عناصر وزارة الخارجية الباكستانية، وأشار الى ان الرابط بين كل هذه الفئات هو انتماؤهم الى العرق البشتوني. "الحياة" التقت السفير العتيبي، وهنا الجزء الأول من الحديث: كيف كان الوضع في أفغانستان ابان توليك العمل هناك؟ - توليت عملي سفيراً في افغانستان في تشرين الأول اكتوبر 1992 بعد دخول المجاهدين كابول اثر اتفاق بيشاور. وكانت السعودية أول دولة عينت سفيراً في كابول بعد باكستان اثر انسحاب القوات السوفياتية. وكان رئيس البلاد حينها، كما هو معلوم، برهان الدين رباني ورئيس مجلس الوزراء قلب الدين حكمتيار ووزير الدفاع أحمد شاه مسعود، فيما بقية الوزراء كانوا موزعين بين الاحزاب الأخرى. وعلى رغم توزع مناصب الحكومة إلا أن الاختلاف والتنافر بقيا مسيطرين. وكان يقود هذا الإختلاف حكمتيار المناوئ للحكومة والمدعوم من باكستان وبعض الدول الخارجية. وكان حكمتيار، الذي يتصف بالذكاء والدهاء المتمثلين في معرفته في كيفية ملامسة وجدان المسلمين وعزفه على عاطفة الشعوب المتدينة، يوهم المسلمين بأنه سيقيم الدولة الإسلامية والجيش الإسلامي الذي يرفع راية التوحيد ولا يقهر، بينما هو في الحقيقة عكس ذلك. فخلافاً لكل توجهه الإسلامي الظاهري الذي يدعيه كان وصولياً لا يهمه سوى مصلحته ومصلحة حزبه المبني على توجه عرقي قبلي متستر بالإسلام. بماذا تمثل الدور السعودي خلال هذه الفترة؟ - تمثل الدور السعودي خلال الفترتين السابقة واللاحقة بالسعي الى جمع كلمة الأفغان تحت مظلة واحدة. وتأكيداً لذلك شاركت المملكة في صياغة اتفاقات بيشاور وإسلام اباد ومكة المكرمة، إضافة إلى رعايتها أربعة اتفاقات استضافتها من أجل إصلاح الوضع ورأب الصدع. وعلى رغم كل المحاولات السعودية الهادفة إلى إصلاح ذات البين إلا ان المملكة كانت تصاب بخيبة لأن الأفغان كانوا ينقضون الاتفاقات الموقعة تحت رعايتها. وكانت المملكة تدرك أن الأطراف الأفغانية كانت تنقض تلك الاتفاقات إما للمزايدة والابتزاز أو طمعاً في المال أو رغبة في السلطة. ولذلك كان الأفغان يتفقون على كل ما كانوا مختلفين عليه، وفي اليوم نفسه، بعد عودتهم الى افغانستان، تتبدل مواقفهم وتتغير قناعاتهم. ما هي الأسباب؟ - كما أسلفت وقلت انها الرغبة في السلطة وحب الذات إضافة الى التدخلات الخارجية من بعض الدول التي تبحث عن مصالحها على حساب افغانستان ووجدت الطريق عبر هؤلاء القادة الذين لا يبحثون إلا عن مصالحهم البعيدة عن خدمة بلدهم والإسلام. والحقيقة أن هذا لا ينطبق على كل القادة الأفغان، فهناك الوطنيون والمسلمون والمجاهدون الحقيقيون. كيف نشأت حركة "طالبان"؟ - "طالبان" تتألف من فئات عدة، لكن بداياتها كانت من شيوخ القبائل الذين لم يحصلوا على مراكز بعد دخول المجاهدين كابول فبدأوا بالانشقاق. ومعظم هؤلاء من البشتون قليل العلم، وبعضهم لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولا يملك أي فكر قيادي سوى أنه شيخ قبيلة يبحث عن حصته في الحكومة وعن مركز يليق به. ولأن حكومة المجاهدين لم تحقق أهدافهم وتلبي مصالحهم الشخصية البعيدة عن الوطنية ومصلحة أفغانستان بدأوا بالانشقاق. تبدو نشأة "طالبان" عفوية، اذ تدخلت في ذلك عوامل عدة داخلية، مثل الحرب الأهلية والمذابح المروعة بين السنة والشيعة والفوضى والفساد الأخلاقي. وعوامل خارجية مثل رغبة باكستان في إيجاد بديل أقوى من حكمتيار، إضافة الى تشجيع الولاياتالمتحدة لهذه الحركة للحدّ من امتداد النفوذ الإيراني، وضرب الأصولية الأفغانية التقليدية بأصولية أشد لينفر منها المجتمع الدولي بأكمله. نشأت حركة "طالبان" في منتصف عام 1994 في ولاية قندهار جنوبأفغانستان، ثم ظهرت إعلاميا في تشرين الأول أكتوبر 1994 حينما هبّت لنجدة قافلة باكستانية متجهة إلى آسيا الوسطى عبر الأراضي الأفغانية أوقفتها مجموعات أفغانية مسلحة. وسرعان ما سيطرت الحركة على الولاياتالجنوبية، وزحفت الى كابول في آذار مارس 1995، غير أنها بقيت خلف أبوابها حتى 27 أيلول 1996 حين دخلتها بعد انسحاب قوات مسعود منها. واستمرت الحركة في زحفها نحو الشمال، غير أنها تكبدت خسائر كبيرة، أهمها تلك التي منيت بها في مدينة مزار الشريف في آب غسطس 1997، عندما أسر أكثر من ثمانية آلاف من عناصرها وقتلوا في ما بعد. لكنها استطاعت بعد عام أن تسيطر على مدينة مزار الشريف، وانتقمت لقتلاها بقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص من الشيعة وبقية الأقليات هناك، فسيطرت على 90 في المئة من البلاد تقريباً. وكيف تدرجوا في الوصول؟! - بدأت "طالبان" تتكون من المشايخ الذين لم يجدوا لهم مكاناً في حكومة رباني، إضافة إلى أربع فئات أخرى، هي بعض أعضاء الحكومة السابقة التي كانت تتولى شؤون البلاد أيام الاحتلال السوفياتي بقيادة نجيب الله، والفئة التي انشقت على حكومة الرئيس رباني، ومجموعة المتقاعدين من الاستخبارات الباكستانية التي كانت تتولى تدريب المقاتلين الأفغان وقيادتهم ضد السوفيات، إضافة الى أعضاء وزارة الخارجية الباكستانية، وجميعهم من البشتون. و"طالبان" هي "الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية" الذين كانوا يدرسون في باكستان وعُرفوا باسم "طالبان". وتنتمي "طالبان" إلى العرق البشتوني الذي يمثل 40 في المئة من سكان أفغانستان في شرق البلاد وجنوبها، حيث ولاية قندهار التي خرّجت "طالبان". ومعروف أن هناك 21 عرقاً في أفغانستان، كل عرق له لغته المستقلة. وعلى العكس، تنتمي غالبية المعارضة إلى الطاجيك والأوزبك والهزارة المنتشرين في أفغانستان وجوارها، ولذا يتخوف بعضهم من أن منطقة آسيا الوسطى كلها معرضة لحرب عرقية عارمة إذا انهارت أفغانستان. ومن دعم هؤلاء أثناء تشكلهم؟ - باكستان والولاياتالمتحدة الأميركية. وكيف كانت انطلاقتهم؟ - كما هو معلوم كانت للقيادة العسكرية لحكومة رباني بقيادة أحمد شاه مسعود علاقات مع روسيا وفرنسا والمانيا. وهذه العلاقات لم تكن مقبولة لدى الباكستانيين والأميركيين، فاختلقوا قصة القافلة القادمة من جمهوريات آسيا الوسطى إلى باكستان عبر أراضي أفغانستان التي اعترضتها مجموعة مسلحة، فتدخل حاكم قندهار وقضى عليها. وكانت هذه المبررات لانطلاق الحركة. ما هو الهدف الباكستاني والأميركي من دعم "طالبان"؟ - استخدمت واشنطن واسلام اباد الحركة للقضاء على حكومة رباني بعدما وجدتا أن للرئيس الأفغاني علاقة مع إيرانوالهند، إضافة إلى أن الهدف من دعم "طالبان" واقامتها هو الرغبة في وضعها شوكة في حلق إيران لتحريكها كلما أحستا بالخطر. ماذا كان دور الملا محمد عمر؟ - قد يستغرب بعضهم القول ان الملا محمد عمر ليس له دور، فلم يكن من المؤهلين قيادياً ولا سياسياً، ولا حتى علمياً، ولا يملك سوى خبرة المشاركة في الجهاد وورعه الديني المقدر من قبلهم، وهو الأمر الذي ولّي من أجله الامارة على رغم أن ورعه فيه ما يخالف مفهوم الإسلام الحقيقي الصحيح. شخصية الملا محمد عمر أليست وهمية كما يقول بعضهم؟ - الملا محمد عمر ليس شخصية وهمية بل حقيقة، وقد ظهر في مناسبات محدودة. ما هو سبب قلة ظهوره وهو في مركز يتطلب الحضور الدائم؟ - في بدايته كان لا يختلط بأعوانه كثيراً لاضافة مزيد من الهيبة والاحترام الى شخصيته، وهو ما اتبعه في ما بعد لاستمرار هذه الهيبة. إضافة إلى أن الرجل لا يفقه الحديث ولا يعلم عن القضايا السياسية شيئاً، ويجهل الكثير من الأمور المتعلقة بشعبه ووطنه. وحسب ما أعلم فان بعض أعوانه من محدودي الثقافة والإلمام بالقضايا السياسية كانوا خلف اختفائه، ونصحوه بعدم مقابلة الوفود لئلا ينكشف جهله السياسي. كما ان هناك من يقول ان فقده احدى عينيه أثناء الحرب ضد السوفيات يسبب له حرجاً ويمنعه من الاختلاط، وهو رجل خجول بطبعه. كيف كان موقف المملكة من "طالبان"؟ - موقف المملكة كان امتداداً للمواقف السابقة من أفغانستان، يتمثل في الدعم لكل ما فيه مصلحة الشعب الأفغاني المغلوب على أمره بقيادات لا تبحث سوى عن مصلحتها في المقام الأول. لكن هناك من يقول ان المملكة هي التي تبنت نشوء حركة "طالبان"؟ - غير صحيح. من تبنى نشوء حركة "طالبان" فقط باكستان والولاياتالمتحدة. أما المملكة فهي دائماً مع مصلحة أفغانستان، ومع أي طرف ترى أنه الأفضل وهذا ما حصل. فعندما سيطرت "طالبان" على أكثر من90 في المئة من الأراضي الأفغانية، وحققت الأمن للشعب اعترفت بها المملكة. أما تبني نشوئها فهو تهمة أطلقها بعض الأطراف الذي يعادي المملكة وكذلك الجهات التي كانت وراء تكوين "طالبان"، فسرت هذه الإشاعات وصدقها من كان عنده استعداد لذلك بقصد الإساءة للمملكة، خصوصاً بعدما كثرت الانتقادات ل"طالبان" نتيجة بعض التصرفات التي كانت لا تتفق والمفهوم الصحيح للإسلام وتطبيقه. وأذكر أن الرئيس الايراني السابق هاشمي رفسنجاني صرح أثناء انعقاد مؤتمر "ايكو"، الذي يضم دول آسيا الوسطى وإيرانوافغانستان وباكستان، بأن المملكة وراء نشأة "طالبان، فاجتمعت بعدها مع المسؤول عن ملف أفغانستان في الخارجية الإيرانية الدكتور علاء الدين بروجردي وبيّنت له حقيقة نشأة "طالبان"، وبعد فترة اكد لي صحة ما ذكرته له. ما مدى رضا الشعب الأفغاني عن الملا محمد عمر؟ - رضا الشعب الأفغاني يعتمد على إيجابيات الحركة وسلبياتها. فإذا كانت الإيجابيات أكثر وأفضل فالرضا موجود والعكس صحيح. كما أن هناك عاملاً آخر هو المحيط الاقليمي والدولي الذي يجب أن يوضع في الاعتبار. هنا أجد أن من المفيد والإنصاف ذكر سلبيات "طالبان" وإيجابياتها. الايجابيات ان "طالبان" أعادت لأفغانستان ما افتقدته على مدى عشرين عاماً من الحروب، وحققت الاستقرار والأمن في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك بشهادة شخصيات مناهضة ل"طالبان". وأدى فرض ذلك الاستقرار بكثير من القيادات الميدانية إلى الاستسلام ل "طالبان" من دون قتال. كما يحسب ل "طالبان" القضاء على الفساد الإداري الذي كان قد استشرى في ظل حكومات الدويلات السابقة، ومقاومة الفساد الأخلاقي الذي كان مستشرياً، وجمع الأسلحة التي صارت منتشرة بين السكان إبان الجهاد ضد القوات السوفياتية وصارت تهدد أمن أفغانستان، والقضاء على أمراء الحرب الذين وجدوا بعد انتهاء الحرب ضد السوفيات فرصة للثراء العاجل بنهب أموال الدولة وبيع الأسلحة، وإيقاف نهب أموال الدولة من جانب القادة الميدانيين الذين كانوا يبيعون الأسلحة الثقيلة من الدبابات والصواريخ، وأخيراً، إيجاد نظام إداري وإنشاء المحاكم بعدما كان قانون الغاب هو السائد. يضاف إلى ذلك نجاح الحركة في الحد من زراعة المخدرات وتجارتها بشكل أشادت به الأممالمتحدة، على رغم أن هذه التجارة كانت تشكل المورد الرئيسي لأفغانستان طوال سنوات الحرب الأهلية. اما السلبيات فهي التعصب وضيق الأفق، وتقديم صورة مشوهة للنظام الإسلامي، والتطبيقات الخاطئة في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إضافة إلى عدم وجود كوادر مؤهلة، وعدم الاهتمام بالتعليم العصري، واستنزاف موارد البلاد بمصاريف الحرب الدائرة بينها وبين الفصائل الأخرى، والإيذاء والتعذيب لمن يتهم باقتناء السلاح أو إقامة علاقة مع المعارضة، وتعميق التمزق في التركيبة العرقية بعد القيام بعمليات قتل وتخريب استهدفت العرقيات غير البشتونية لا سيما الشيعة والهزارة في وسط البلاد وشمالها، اضافة إلى ضعف المستوى الثقافي والوعي السياسي، وعدم احترام أهل التخصص، والاهتمام بالفروع من دون الأصول. وتطبيقهم للإسلام كيف كان؟ - كانوا مجتهدين في تطبيقهم للإسلام، إلا ان اجتهادهم في التطبيق كان خاطئاً ولا يتناسب مع مفهوم الإسلام الحقيقي وروحه ومجاراته لكل زمان ومكان. وحققوا بذلك هدف أميركا والغرب عندما أساؤوا من غير قصد، فأتاحوا لأعداء الإسلام الفرصة والتبرير للإساءة للإسلام والعمل ضده والصاق تهمة الإرهاب به، وهو منه براء. الجهاد ضد الاتحاد السوفياتي هل هو الذي خلف هذه الجماعات الرافضة للآخرين؟ - دعني أذكر بعض ما كان خافياً على الكثير من الدول .أميركا خسرت الحرب الفيتنامية بسبب دعم الصين والإتحاد السوفياتي للفيتكونغ وانسحبت بعدما فقدت 55 ألفاً من جنودها، فأرادت أن تنتقم من الإتحاد السوفياتي فاستدرجته إلى وحل أفغانستان وانطلت عليه الخدعة فتورط فيها. وهذا ما أرادته الولاياتالمتحدة التي استطاعت إقناع بعض الدول العربية والإسلامية بأن دولة ملحدة لا دين لها غزت دولة إسلامية لتقويض الإسلام فيها، وأن الخطوة الثانية ستنال من دول أخرى، مما يتطلب الجهاد ضدها، فانطلت الخدعة وكانت الأمة الإسلامية عموماً والأفغانية خصوصاً هي الوقود لهذه الحرب نيابة عن الدولتين. هل كان المجاهدون يعلمون بالمخطط الأميركي، وارتضوا من ثم بمساعدته؟ - المجاهدون، للأسف، أصحاب نيات حسنة لا يعلمون أن هذه الحرب التي ذهب ضحيتها الآلاف كانت تسيّر لمصلحة أميركا من دون أن يعرف الكثير منهم ذلك، لذا ذهبوا الى القتال ذوداً عن الإسلام والمسلمين ضد زحف الشيوعية الملحدة، كما أقنعوهم في ذلك الوقت. ولم يعلموا أن هذه الحرب ليست سوى جزء من المرحلة الثانية التي تتمثل في القضاء على كل من ينافس أميركا بعد انتهاء المرحلة الأولى التي كانت بمساعدتهم من دون علمهم لإرهاق السوفيات. وعندما هزم السوفيات وسقطوا بدأت المرحلة الثانية، وهي مقاومة الإسلام وزحفه ابتداء من تصنيف القائمين عليه والعاملين من أجله بالأصوليين، ثم وصفوا بعد ذلك بالمتطرفين وأخيراً بالإرهابيين. وقبل ذلك أثاروا النعرات والخلافات الطائفية بين السنة والشيعة لزيادة الانقسام بين المسلمين، وبالتالي تزيد الفرقة وهو ما نجحت فيه أميركا كثيراً. الفكر الجهادي الذي يقوم على حمل السلاح هل هو نتاج للإحساس بالمؤامرة الأميركية؟ - للإسف، فإن الفكر الجهادي هو جزء من هذه اللعبة والخطة الأميركية، فالخطأ الذي وقعت فيه الجماعات الإسلامية كبير عندما سمحت بسهولة اختراقها من جانب الجهات المعادية للإسلام فزرعت بينهم اشخاصاً يسعون الى الإفساد وعكس صورة غير حقيقية عن الإسلام، فقاموا بما نشاهده الآن ليجد أعداء الإسلام الفرصة لانتقاد الإسلام مستغلين نجاح خطتهم بادخال عناصر مدربة ومجهزة تدعي الإسلام وتعمل باسم هذه التنظيمات، والإسلام منها براء. وفي النهاية ليس هؤلاء سوى جزء من مخطط للقضاء على الإسلام بدعاويهم الزائفة التي خدع بها البعض ودفع ابناء هذه الأمة ثمنها. استخدام أميركا نفوذها في مجلس الأمن لفرض الحصار على "طالبان" ألا تعتقد أنه سبب في تعنت "طالبان" وتمسكها بابن لادن فضلاً عن عدم وجود شيء تخسره؟ - هنا حقيقة يجب أن تقال والكثير يعلمها، وهي أن أميركا لو أرادت ابن لادن لقبضت علية من دون عناء الدخول في هذه الحرب الوهمية. وهنا أسأل: من يدير "طالبان"؟ باكستان هي التي تديرها، وهي حليفة لأميركا وتعلم خفايا "القاعدة" وزعيمها وأين مكانه، ولو أرادت القبض عليه لحققت ما سعت إليه منذ فترة طويلة من دون دخول الحرب. ما السبب في ذلك؟ - ابن لادن ورقة في لعبة لعبتها أميركا واوهمت الناس بها، وكان الهدف ايجاد فرصة وذريعة لدخول أفغانستان والسيطرة عليها والبقاء فيها لأهداف محددة قريبة أو بعيدة المدى، منها: تهديد البرنامج النووي الباكستاني وايران، وإستغلال ثروات أفغانستان، وكذلك استغلال الثروات في جمهوريات آسيا الوسطى والاستيلاء عليها وعلى بحر قزوين، اضافة الى منع الصحوة الإسلامية في جمهوريات آسيا الوسطى والحد من نفوذ إيران وتطويق الصين على المدى البعيد.