شهدت البصرة ومدن جنوبالعراقوبغداد اشتباكات عنيفة بين مسلحين مؤيدين لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من جهة، وقوات حكومية و"حزب الدعوة"ومنظمة"بدر"، الجناح العسكري ل"المجلس الأعلى"بزعامة عبدالعزيز الحكيم، من جهة أخرى. تبادل خلالها المسلحون احتلال الشوارع والأحياء ومراكز الأحزاب، وسقط عشرات القتلى والجرحى. وامتدت الاشتبكات الى جزء من بغداد، خصوصاً مدينة الصدر، حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين القوات الأميركية و"جيش المهدي". وصعد تيار الصدر وتيرة مواجهته مع الحكومة بإعلان العصيان المدني ليشمل كل المدن العراقية، بالاضافة الى العاصمة. فردت عليه السلطات بإعلان حظر التجول في عدد من أحياء بغداد ومحافظات بابل والكوت والسماوة والناصرية والديوانية التي شهدت مواجهات مهددة بتفجير الاوضاع. وجاءت هذه الاشتباكات على خلفية التنافس في انتخابات مجالس المحافظات التي ستجري نهاية العام بين القوى السياسية الشيعية الرئيسية، خصوصاً التيار الصدري و"المجلس الأعلى"و"حزب الدعوة". وقال قادة أمنيون ل"الحياة"ان عناصر"جيش المهدي"يصعدون الموقف في المدن المختلفة لتخفيف الضغط على أنصار الصدر في البصرة التي تشهد في هذه الأثناء معارك طاحنة. وأعلن رئيس الوزراء من البصرة أمس خطة باسم"صولة الفرسان"حشد لها قوات عسكرية من بغداد وكربلاء وبابل، خاضت حرب شوارع مع مسلحين معظمهم من"جيش المهدي"في أحياء المدينة. وتضاربت الأنباء عن الخسائر من الجانبين، فيما أكدت القوات الحكومية قتل نحو 25 مسلحاً واعتقال نحو 450، وقالت مؤسسات صحية أمس انها استقبلت نحو 15 جثة و100 جريح. ونقل شهود روايات مختلفة عن سيطرة مسلحين على أحياء واسعة في البصرة، عادت قوات الأمن الإعلان عن سيطرتها عليها، وأكدوا استمرار المعارك في أحياء التنومة والعشار وشارع الكويت والمعقل والقبلة. وأُعلن صباح امس، حظر التجول في المدينة واغلاق المنافذ الحدودية وتعطيل الدوام في المؤسسات والمدارس والجامعات، ودعي الأهالي الى تسليم اسلحتهم المتوسطة والثقيلة والمتفجرات، لكن حمى الاضطرابات انتقلت سريعاً الى محافظة الناصرية المجاورة التي شهدت مواجهات مع أنصار الصدر أُعلن على أثرها حظر التجول. وقال شهود ل"الحياة"إن أحياء في مدينة الكوت اصبحت تحت سيطرة مسلحي"جيش المهدي"، على رغم إعلان حظر التجول فيها. وهاجم عشرات المسلحين مركز شرطة بلدة العزيزية الواقعة في محافظة واسط جنوب شرقي بغداد ما أسفر عن مقتل ثمانية اشخاص بينهم اثنان من الشرطة. الى ذلك، اندلعت مواجهات مساء أمس في مدينة الصدر شرق بغداد بين قوات أميركية وعراقية من جهة، و"جيش المهدي"من جهة أخرى. وافاد شهود ان القوات الأميركية طوقت الضاحية الفقيرة، بينما كانت مروحيات تحلق في سماء المنطقة والمسلحون يجوبون الشوارع. وهذه المواجهات هي الاولى بين الطرفين منذ 21 تشرين الاول اكتوبر الماضي، عندما قتل ما لا يقل عن 50 شخصاً في غارة أميركية. وكانت عناصر من"جيش المهدي"هاجمت في وقت سابق مقرات"منظمة بدر"الجناح العسكري ل"لمجلس الاعلى"ومقراً لحزب"الدعوة"في مدينة الصدر، ما أرغم الشرطة على مغادرة مناطق الاشتباكات. وكان الصدريون بدأوا الاثنين عصياناً مدنياً في جانب الكرخ في بغداد، ثم في جانب الرصافة. وشوهدت في أحياء العاصمة سيارات تدعو المواطنين، عبر مكبرات للصوت، الى التضامن وإقفال محلاتهم، وأكد مكتب الصدر في بيان امس ان العصيان سيشمل كل المدن، داعياً الاحزاب والمنظمات والعشائر الى الاشتراك فيه، ولوح بأن المرحلة الثالثة بعد الاعتصامات والعصيان"ستكون خطيرة"اذا لم تستجب الحكومة مطالب الصدر بإطلاق معتقليه والكف عن ملاحقة عناصره. وشدد رئيس الهيئة السياسية للتيار الصدري لواء سميسم على ان الصدر يطلب معالجة أحداث البصرة عبر"الحوار والطرق السلمية"، مؤكدا معارضته"سفك الدم العراقي". واضاف ان"الصدر يتابع الأحداث وتوجيهاته تنص على ضرورة حل مثل هذه الاشكالات عبر الحوار". لكن التطور العسكري على الأرض قد يؤدي الى المزيد من التصعيد. واحتجاجاً على الحملة التي يتعرض لها"جيش المهدي"أعلن رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب نصار الربيعي في مؤتمر صحافي أمس تعليق الكتلة مشاركتها في اجتماعات المجلس حتى يتم"وقف استهداف التيار".