كشفت المواجهات بين "جيش المهدي" التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر والشرطة المحلية المحسوبة على "المجلس الأعلى" بزعامة عبدالعزيز الحكيم عمق الخلاف بين أحزاب وقوى شيعية وصراعها على مراكز النفوذ والموارد المالية في جنوبالعراق. وفيما كان الجيش الأميركي يبحث عن جنوده الأسرى لليوم الرابع في قرى ساحل الفرات جنوببغداد، أعلن تنظيم"القاعدة"أنه نجح في استدراجه الى قتال مباشر. وأشار الى سيطرته الكاملة على محافظة ديالى التي تعرضت إحدى بلداتها الى هجوم انتحاري دام استخدم فيه غاز الكلور. وأعلنت مصادر أمنية وطبية عراقية مقتل 12 شخصاً بينهم ضابط كبير واصابة نحو مئة آخرين في مواجهات بين قوات الأمن وعناصر ميليشيا جيش المهدي التابعة لرجل الدين الشيعي المتواري عن الأنظار مقتدى الصدر في الناصرية 350 كلم جنوببغداد. واندلعت المواجهات في الناصرية عندما اعتقلت قوات الشرطة اثنين من عناصر"جيش المهدي"بتهمة التورط في زرع عبوات في شوارع المدينة، على ما قالت المصادر الأمنية، مؤكدة ان محاولة اطلاقهما بالقوة أدت الى اشتباكات سرعان ما امتدت الى قضاء الشطرة 20 كلم شمال المدينة حيث هاجم عناصر جيش المهدي مركز شرطة المدينة. وأكد شهود ان"المواجهات شملت معظم أنحاء الناصرية فيما أحرق مسلحون كل السيارات داخل مبنى المحافظة القديم". لكن الشيخ صادق العبادي، وهو رئيس وفد أرسله الصدر للتفاوض قال ان"استفزازات القوات الأمنية وولاءاتها لأحزاب بعينها هي التي فجرت الاشتباكات". وأكد في اتصال مع"الحياة"امس ان"الصدر بعث برسالة الى أنصاره يحضهم على وقف العنف وانهاء المظاهر المسلحة والانسحاب من الشوارع". وأكد مطلعون على تفاصيل العلاقة بين الأحزاب المتنفذة في جنوبالعراق ان أسلوب المحاصصة الحزبية في توزيع الصلاحيات، وتغلغل ميليشيات تلك الأحزاب في الأجهزة الأمنية يفتحان الباب لصراع على مراكز النفوذ والمال يتعدى الناصرية الى محافظاتالجنوب الأخرى. وتشير خريطة توزيع القوى في تلك المحافظات الى صراع بين قوى رئيسية في مدن أقصى الجنوب، حيث يسيطر حزب"الفضيلة"الذي انسحب من"الائتلاف"الشيعي الحاكم، على الحكم المحلي في محافظة البصرة 450 كم جنوببغداد ويستحوذ أنصاره على حلقات التجارة وميناء البصرة والانتاج النفطي، ينازعه"المجلس الأعلى"المناصب الأمنية، فيما تخترق ميليشيا"جيش المهدي"بعض الأجهزة. ويتركز الصراع في البصرة، حيث فشلت قوى مناوئة ل"الفضيلة"، على موارد المدينة الغنية، وشبكات تهريب النفط، يضاف الى ذلك خلاف بين"المجلس الأعلى"و"الفضيلة"على فيديرالية الجنوب التي يريدها الأخير منفصلة عن سطوة رجال الدين التقليديين في النجف. وفي العمارة 350 كم جنوببغداد التي شهدت قبل أسابيع مواجهات مشابهة تنخرط جماعة"حزب الله"بزعامة عبدالكريم المحمداوي في صراع رباعي حسم عملياً لمصلحة"المجلس الأعلى"الذي أحكم سيطرته ايضاً على محافظة الناصرية، ما لا يروق لأنصار الصدر الذين يعتبرون أنفسهم ممثلين للشارع الشيعي. وينحصر الصراع في مدن السماوة والنجف وكربلاء وبابل بين"المجلس"وتيار الصدر الذي لا يسيطر رسمياً على أي من تلك المحافظات، فيما تتغلغل ميليشياته في الأجهزة الأمنية. ويدخل نفوذ العشائر حلبة الصراع في محافظة الديوانية الى جانب"المجلس الأعلى"، وكانت اشتباكات اندلعت في المدينة 180 كلم جنوببغداد أوائل نيسان ابريل الماضي أسفرت عن قتل واعتقال عدد كبير من عناصر"جيش المهدي"، بعد تدخل قوات أميركية، فيما فرضت السلطات المحلية أمس حظراً للتجول في أحياء المدينة بعد تجدد المواجهات، إثر مقتل جندي من القوة البولندية. وتتهم أطراف عراقية وأميركية ايران بالتغلغل في جنوبالعراق والإمساك بخيوط الأحزاب المتناحرة. وبعد انطلاق الخطة الأمنية في بغداد منتصف شباط فبراير الماضي، قال مسؤولون عراقيون وأميركيون ان مقاتلين من"جيش المهدي"غادروا العاصمة باتجاه محافظاتالجنوب بأوامر من مقتدى الصدر شخصياً. والناصرية هي كبرى مدن محافظة ذي قار. الى ذلك أعلنت الشرطة امس أن شاحنة مليئة بغاز الكلور انفجرت الثلثاء في سوق بلدة تقطنها غالبية شيعية شمال بغداد، ما أدى الى مقتل 32 واصابة 60. وذكر مصدر في مقر قيادة الشرطة في بعقوبة عاصمة محافظة ديالى ان الهجوم وقع في سوق بلدة ابو سيدة. وأعلن تنظيم"القاعدة"في بيان أن عناصره تفرض سيطرتها على محافظة ديالى. وجاء في البيان الموقع باسم"دولة العراق الاسلامية":"اننا نبشر أمتنا في كل مكان بأن العدو قد انهار وهو في لحظاته الأخيرة، وأن ما يسمى بخطة فرض القانون قد كسر في ولاية بغداد وباقي الولايات فالعدو الآن يتخبط بأفعاله، وإن ما يشيعه من أنه سوف يقوم بتطويق ولاية ديالى من المجاهدين ما هو إلا كذبة كما كذب من قبل على أرض ولاية بغداد".