فاجأ رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي البصرة التي تتقاذفها الصراعات السياسية وتتحكم الميليشيات المسلحة بأمنها بزيارة على رأس عدد من المسؤولين العسكريين، ووزيري الداخلية والدفاع، والهدف المعلن هو القضاء على مسلحي الميليشيات. ودعا المالكي خلال اجتماع عقده مع كبار المسؤولين في البصرة الى"بذل المزيد من الجهود لضبط الأمن واشاعة الاستقرار في المحافظة ومواجهة الخارجين عن القانون". وجاء في بيان لمكتب المالكي انه"بعد توجهه صباح اليوم امس الى البصرة على رأس وفد وزاري، عقد اجتماعاً مع كبار المسؤولين المحليين، أُطلع من خلاله على التطورات الميدانية للفعاليات الأمنية". وتوزعت في شوارع وتقاطعات ومخارج المدينة مفارز الشرطة وشرطة المرور التي شنت حملة لمصادرة السيارات المظللة وذات الأرقام الزرق من النوع المسمى محليا ب"المنفيست"، والتي تستخدم في حوادث القتل اليومية. وطوقت قوات من الجيش العراقي أمس ضاحية حي الحسين 7 كم غرب المدينة وكانت مسرحا لمواجهات بين الأجهزة الأمنية والمسلحين، وهي ضاحية شعبية فقيرة يعتقد بأنها معسكر لكثير من الميليشيات المسلحة وتضم مخازن من مختلف الأسلحة. ويبدو أن الحكومة المركزية أرجات معالجة الوضع الأمني المتدهور في الموصل إلى ما بعد القضاء على الميليشيات الشيعية المسلحة في البصرة، حيث كانت أرتال الجيش انتشرت من القرنة 75 كم شمالا وحتى معسكراتها في مطار البصرة الدولي والقصور الرئاسية وسط المدينة. وكانت مجموعة مسلحة في منطقة الشرش قرب القرنة هاجمت موكب وزير الداخلية جواد البولاني، فيما تعرض فندق المربد وسط البصرة حيث يقيم البولاني لهجوم بالصواريخ ليل الأحد - الاثنين اعتبر استعراضاً للقوة من الميليشيات. وقال عسكريون كانوا ضمن الأرتال الزاحفة نحو البصرة إن قوة من الشرطة الوطنية قادمة من بغداد تقدر بفرقة استكملت دخولها المدينة عصر الأحد، وافاد متجمهرون على الطريق بين البصرة والقرنة أنهم شاهدوا بعض الجنود وهم ينزعون عدداً من العبوات زرعها مسلحون بغية عرقلة سير الأرتال التي استمرت من بعد الظهر حتى وقت متأخر من الليل. وأطلق مسلحون مجهولون قذائف الهاون والصواريخ باتجاه مطار البصرة الدولي ومبنى القصور الرئاسية، حيث يعسكر الجيش، فيما سارعت بعض العناصر المسلحة للانتشار في ضواحي الحيانية والقبلة والعالية والجمهورية ومناطق مختلفة من المدينة. وفي القرنة أعطب مسلحون محطة توليد الكهرباء الرئيسية فيها بعد مواجهات مع قوات الحرس الوطني التي تعرض معسكرها لهجوم بعد انقطاع التيار الكهربائي. وتشير تقارير للشرطة إلى نجاح قائد عمليات البصرة الفريق الركن موحان حافظ، وقائد الشرطة عبدالجليل خلف بإقناع الحكومة بإرسال قوات من الجيش للقضاء على العناصر المسلحة. وعلى الصعيد ذاته كانت بعض التقارير المحلية أشارت إلى فشل القائدين الأمنيين جليل وموحان في إدارة وضع المدينة الأمني لأسباب، منها تدخل رجال الدين وشيوخ العشائر وموقف الحكومة المحلية منها، واشتراط بعض قادة الميليشيات إطلاعهم على الخطط التي تنوي تنفيذها قيادة الأجهزة الأمنية في المدينة. يذكر أن البصرة ظلت تعاني من نفوذ الكتل والأحزاب الدينية ومن وجود آلاف الأطنان من الأسلحة والأعتدة المختلفة، ما أقلق المحافظ محمد الوائلي الذي دعا إلى جعل المدينة منزوعة السلاح، فضلا عن دعوة رئيس الوزراء إلى جعل العام 2008 عاماً اقتصادياً في البصرة. ويعتبر مراقبون ان سرعة تحرك الحكومة العراقية نحو البصرة مرتبطة بتقارير اشارت الى احتمال عودة القوات البريطانية الى فرض نفوذها على وسط المدينة بعد انسحابها منها خلال العام الماضي. لكن القوات البريطانية جنوبالعراق نفت وجود خطط لدخول البصرة، وقالت نحن مستعدون لدعم القوات العراقية إذا طلبت منا ذلك. وأوضح الكابتن فورد الناطق باسم القوات المتعددة الجنسية أن القوات البريطانية ليس لديها خطط لدخول البصرة حاليا وأن الجنود البريطانيين موجودون في قاعدتهم في مطار البصرة الدولي. الى ذلك سقطت قذائف هاون وصواريخ ليلة الأحد - الاثنين على المطار. ولم يصدر بيان رسمي بحصيلة المواجهات مع المسلحين أو بالإشارة الى تنفيذ عملية عسكرية كبيرة، لكن مسؤولين حكوميين أكدوا ان ان الجيش يحمل رسالة تحذير للميليشيات بأهمية تسليم أسلحتها، وإن لم تفعل فسيضطر لسحبها منها بالقوة. وكانت الشرطة تأسست في البصرة على نظام المحاصصة بين الميليشيات، فقد أدخل فيها قائدها الاسبق اللواء محمد كاظم العلي الموالي للتيار الصدري أعداداً من"جيش المهدي"، ثم جاء اللواء حسن سوادي الذي اكد ان80 في المئة من ضباط الشرطة لديه هم من الموالين للميليشيات. واستبدل سوادي باللواء محمد الموسوي الموالي ل"المجلس الاعلى"بزعامة عبدالعزيز الحكيم الذي أدخل المئات من الموالين للمجلس في سلك الشرطة ومنحهم الرتب العالية حتى جاء القائد الحالي عبدالجليل الذي اصطدم مع الجميع، ويقول مقربون منه انه لم يعد قادرا على فعل شيء فاستعان بالجيش.