شعلة دورة بكين الأولمبية، بدأت رحلتها السندبادية بعدما أوقدت أمس، وسط طقوسية خاصة، في بلدة أولمبيا اليونانية، مهد الألعاب القديمة التي نظمت للمرة الأولى عام 776 قبل الميلاد، خلال حفلة نظمت تحت حراسة أمنية مشددة، خشية ما يعكّر المناسبة في ظل تكاثر الاحتجاجات والمواقف المنددة بسياسة الحكومة الصينية الخاصة بحقوق الإنسان، وقمعها أخيراً تظاهرات في هضبة التيبت، التي ستمر فيها الشعلة، وحيث أكدت الحكومة التيبتية في المنفى أن حوالى 130 شخصاً قتلوا في التظاهرات بينما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة السبت الماضي ان"مثيري الشغب التيبتيين قتلوا 18 مدنياً بريئاً وشرطياً واحداً خلال الاحتجاجات على السلطات الصينية في لاسا عاصمة التيبت"، علماً انه يصعب التحقق من هذه المعلومات بسبب القيود التي تفرضها بكين على الصحافية للوصول الى التيبت والأقاليم المجاورة. وسبق إيقاد الشعلة في أولمبياد محاولة 3 أشخاص الاقتراب من المنصة الرسمية التي ألقى عليها ليو كي عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي واللجنة المنظمة للألعاب رئيس البعثة الصينية الى اليونان كلمة في المناسبة، قال فيها:"الشعلة الأولمبية ستشع نوراً وفرحاً وسلاماً وصداقة وأملاً وأحلاماً للشعب الصيني ولشعوب العالم بأسره، وستضيء أنوارها السموات المرصعة بالنجوم خلال الدورة". ورفع أحد المحتجين يافطة كتب عليها"قاطعوا الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان"، وصرخ آخر من خلف المنصة الرسمية"حرية، حرية"، وقد اعتقلهم رجال الأمن. ومن خلال الصور المتلفزة التي نقلت عبر التلفزيون اليوناني العام"نيت"لوحظ تحرك أشخاص باتجاه المنصة الرسمية قبل ان تحول الكاميرات تركيزها على المسؤول الصيني كي. وعلى هامش الاحتفال اعتقلت الشرطة اليونانية تنزين دورجي أحد المدافعين عن قضية التيبت وهو مسؤول في رابطة"طلبة التيبت من أجل تيبت حر"ومقرها في نيويورك, واقتادته الى قسم الشرطة بحسب صحافيين كانوا يرافقونه. وكان دورجي ندد أول من أمس أمام وسائل الإعلام الدولية بايقاد"شعلة العار"وطالب بعدم مرورها في التيبت. وأوقدت الشعلة بفضل مرآة كروية عكست مباشرة أشعة الشمس، كما جرت التقاليد، وتولت المراسم الممثلة اليونانية ماريا بافبليوتو إذ لعبت دور"كبيرة الكاهنات"، وكانت محاطة براقصات يرتديّن ملابس مستوحاة من الحقبة الإغريقية. وسار بالشعلة ألكسندروس نيكولاييديس بطل التايكواندو في دورة أثينا 2004، وسلمها الى السباحة الصينية ليو جيو جوان حاملة الذهبية في الدورة ذاتها. وستجتاز الشعلة خلال ستة أيام مساراً في أنحاء اليونان، قبل أن تسلّم الى المنظمين الأحد المقبل في احتفال ينظّم في ستاد باناثينايكوس، الذي احتضن الألعاب الأولمبية في دورتها الحديثة الأولى عام 1896. 137 ألف كيلومتر حتى بكين ومن المقرر أن تصل الشعلة الى بكين في 31 آذار مارس الجاري، لتنطلق في 2 أيار مايو المقبل في رحلة مسافتها 137 ألف كيلومتر متضمنة جولتين داخلية وخارجية. وتبدأ الرحلة الداخلية ومسافتها40 ألف كلم في 4 أيار، وتمر في 113 مدينة ضمن 131 إقليماً، وتستغرق 97 يوماً، ويشارك فيها 19 ألف عداء و5 آلاف مرافق. وينتظر ان تبلغ الشعلة قمة ايفرست أو قمة"كومولاغما"أي"سقف العالم"في أحد ايام أيار في ضوء الظروف المناخية الملائمة. أما الجولة الخارجية الفريدة من نوعها، فتبدأ في 3 أيار، ومدتها 33 يوماً ومسافتها 97 ألف كلم. وتزور الشعلة خلالها 19 مدينة في القارات الخمس، وسيشارك فيها 120 ألف عداء. وستعبر مدن ألماتا آتا كازاخستان، اسطنبول، سان بيترسبورغ، لندن، باريس، سان فرانسيسكو، بوينس آيريس، دار السلام، مسقط المحطة التاسعة، إسلام آباد، مومباي، بانكوك، كوالالمبور، جاكرتا، كانبيرا، ناغانو، سيول، بيونغيانغ، وهوشي منه سايغون. واستوحي تصميم الشعلة من المخطوطات الصينية التقليدية ويبلغ إرتفاعها 72 سنتمتراً ووزنها 985 غراماً، ومصنوعة من الألومنيوم وفق تقنية تتحمّل الريح العاتية والمطر خلال مسارها، لئلا تنطفئ. وستبلغ الشعلة في محطتها الأخيرة الملعب الأولمبي في بكين"عش الطيور"الذي يُدشّن رسمياً في 20 نيسان أبريل المقبل، ويشهد إفتتاح الألعاب في 8 آب أغسطس المقبل بدءاً من الثامنة مساء. وتنحصر هوية الحاملة الأخير للشعلة بين ياو مينغ نجم كرة السلة في الدوري الأميركي للمحترفين، وليو جيانغ بطل العالم والألعاب الأولمبية في سباق ال110 أمتار حواجز، وحامل رقمه القياسي العالمي 12.88 ثانية.