تتضافر جهود دولية وإقليمية كبيرة للتحذير من أزمة مياه محتملة توشك أن تتعرض لها، أكثر مناطق العالم شحاً في موارد المياه وأكثرها طلباً عليها في الوقت ذاته، هي منطقة الخليج. فبعيد أيام من إطلاق شركة جنرال إلكتريك الأميركية"جولة المياه العالمية 2008"بدأتها من البحرين، انطلق من دبي"أسبوع المياه في دول الخليج"، تنظمه هيئة مياه وكهرباء دبي بالتعاون مع الأمانة العامة لدول التعاون الخليجي في ظل شعورٍ قوي بحصول أزمة مياه لا بد من اتخاذ تدابير سريعة توفّر المياه وتؤدي إلى ترشيد استهلاكها. وفي حين بدأت دبي العمل على بناء أكبر خزانات مياه في العالم بتكلفة تتجاوز 12 بليون درهم 3,2 بليون دولار، فإن السعودية، اكبر بلد في العالم يعتمد على تحليه المياه، بدأت جهوداً جبارة لمواجهة المشكلة، في مقدّمها إطلاق مشاريع تخصيص تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة. وتتضمن أنشطة أسبوع المياه"ورشة عمل خليجية"تتناول ترشيد الاستهلاك، شعارها"مسؤولية تقع على عاتق الجميع". يشارك فيها وفود تمثل دول الخليج كافة، وممثلون لهيئات ودوائر وشركات حكومية وخاصة في دول المنطقة. تناقش أوراق عمل تقدم خلالها الوضع المائي في دول الخليج، والتوقعات المستقبلية. وتستعرض أيضاً، تجارب دول في برامج وحملات ترشيد للاستهلاك، إلى جانب استخدام تقنيات جديدة للترشيد خصوصاً في الاستخدامات المهمة مثل محطات التكييف المركزي. وكان لجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود للمياه دور مهم في التوعية بمخاطر القضية في وقت مبكر حيث تعد الأكبر عالمياً من حيث قيمتها المادية. وقالت رئيسة قسم خدمات المستثمرين في هيئة كهرباء ومياه دبي أمل كوشك:"إن معدل استهلاك الفرد من المياه في دبي وصل إلى 130 غالوناً يومياً، وهو من أعلى المعدلات في العالم، ما يبرز أهمية تنفيذ حملات لترشيد الاستهلاك في المنطقة. ويتطلب ذلك العمل على توظيف أحدث التقنيات التي يمكن تطويرها محلياً أو دولياً لخدمة ذلك الغرض". وكشف تقرير لمجموعة"ميد"حول"الطاقة والمياه في دول الخليج"عن أن النمو الاقتصادي القوي الذي شهدته المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية، رفع الطلب 10 في المئة سنويا على صعيد الكهرباء و 8 في المئة على صعيد تحلية المياه، واضعاً مسألة نقص الطاقة من ضمن أولويات دول الخليج، خصوصاً في دبيوالكويت والسعودية على رغم وجود مخزون كبير من النفط والغاز في هذه المنطقة. وبحسب"ميد"، سيتحتم توفير ضعفي كمية المياه المحلاة، أي ما يعادل أكثر من 5000 مليون غالون يومياً لتلبية احتياجات المنطقة. وقدرت دراسة لشركة"سبتك الإمارات"حجم الاستثمارات المطلوبة لتلبية الاستهلاك المتنامي على الطاقة والمياه معاً بنحو 155 بليون دولار على الأقل خلال العقد المقبل. وتوقعت أن تشهد الكويت وقطر والسعودية نقصاً في المياه والكهرباء في حدود 35 في المئة سنة 2010، بينما ستواجه الإماراتوالبحرين مشكلات مماثلة في 2012 و2013 على التوالي. وقدّر نائب الرئيس للتطوير المؤسسي في الشركة أشرف كامل الاستثمارات المتوجبة في القطاع الخاص خلال العقد المقبل، بأكثر من 75 بليون دولار. وينتاب الحكومات قلق بالغ حول كيفية مواجهة النقص المتوقع في كل من المياه والكهرباء. ويدعو التزايد السكاني المتصاعد، وما ينجم عنه من تزايد سكان المدن والتوجه نحو التصنيع وعمليات الري الضرورية لتمكين زيادة الإنتاج الغذائي، إلى تعزيز الحاجة نحو نمو سريع في إمدادات المياه المتوافرة في أنحاء المنطقة، وفقاً لمديرة المعارض في"آي آي آر الشرق الأوسط"المنظمة لمعرض كهرباء ومياه الشرق الأوسط، سارة وودبريدج. وأشارت إلى تقديرات متحفظة تلحظ ضرورة أن تستثمر دول مجلس التعاون الخليجي 100 بليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة لتحافظ على استمرار النمو الاقتصادي. وتظهر إحصاءات رسمية أن السعودية، تستحوذ على حوالي 30 في المئة من الإنتاج العالمي من المياه المحلاة، فتضخ ما يقرب من 600 مليون غالون يومياً، تلبي 70 في المئة من احتياجاتها. وتنتج 5،5 مليون متر مكعب يومياً أيضاً، من المياه الصالحة للشرب وتعالج مليوني متر مكعب يومياً من مياه الصرف. ومع ذلك، يتطلب الأمر استثمار نحو 53 بليون دولار لزيادة قدرة المملكة على تحلية 10،7 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2020. إذ يتوقع أن يتجاوز الطلب على المياه 11 مليون متر مكعب يومياً في السنوات العشرين المقبلة، وفقاً لوزير المياه والكهرباء السعودي عبد الله الحسين خلال معرض كهرباء ومياه الشرق الأوسط الذي عقد في دبي أخيراً. وسوف يصل جمع ومعالجة مياه الصرف إلى أكثر من 5 ملايين متر مكعب يومياً في غضون 5 سنوات باستخدام العلاج الثلاثي، ما يجعلها صالحة لإعادة استخدامها. وستوفر خدمات لمعالجة مياه الصرف الصحي لنحو 90 في المئة من السكان بحلول ذلك الوقت.