كشفت قوة حفظ السلام المشتركة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور "يوناميد" أنها تعرضت خلال عمرها الذي لم يتجاوز 74 يوماً إلى اطلاق نار من قبل القوات الحكومية ثلاث مرات، كان آخرها الأحد الماضي، فيما أكدت المحكمة الجنائية الدولية أنها تضع اللمسات الأخيرة على تحقيقين جديدين في جرائم حرب شهدها الإقليم. وقال الناطق باسم"يوناميد"أدريان إدواردز خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس، إن"قوات حفظ السلام التي لها حق الرد والدفاع عن نفسها، عمدت إلى ضبط النفس عند تعرضها إلى إطلاق النار في مناسبات عدة". وأوضح أنها تعرضت لإطلاق نار ثلاث مرات، أولها في كانون الثاني يناير الماضي في منطقة الطينة وجرح فيها جندي، وثانيها السبت الماضي عندما تعرضت دورية إلى إطلاق نار في منطقة شعيرية ولم تتلق أي اعتذار، أما الأخيرة فكانت الأحد الماضي، حين اضطرت البعثة إلى مغادرة منطقة جبل مون قرب الحدود التشادية. وأكد أن"القوة التي لا هم لها إلا حماية المدنيين وإقرار الأمن، تعمل حالياً على بناء الثقة مع جميع الأطراف". وأشار إلى أن الأوضاع الأمنية في غرب دارفور تدهورت في شدة خلال الأسابيع الماضية، مؤكداً أن البعثة فشلت في الوصول إلى جبل مون. واعتبر أن"الأوضاع على الارض هناك تشكل خطراً على المدنيين". وطالب الحكومة والحركات المسلحة بتحمل مسؤولياتها. وقال إن القوة"لن تحقق الأهداف المطلوبة، ما لم تلق المساعدة والتعاون من الأطراف المختلفة". ولفت إلى أن"30 فى المئة فقط من القوات المطلوبة لحفظ السلام في دارفور نُشر حتى الآن، أي نحو 7 آلاف عنصر من 26 ألفا قرر مجلس الأمن نشرهم"، موضحاً أن"هناك تطورات جديدة يومياً على الأرض في المجالات كافة". لكنه توقع"وصول مزيد من القوات تباعاً"، لافتاً إلى أن"طلائع القوة المصرية، وعددهم 72 عنصراً من 158، سيصلون نهاية الشهر الجاري". وعن المدى الزمني المقرر لقوات حفظ السلام، أكد إدواردز أن"يوناميد"لا تضع قيوداً زمنية على وجودها، مشيراً إلى تصريحات قائد القوة الجنرال مارتن لوثر أغواي التي أكد فيها أن المهمة قد تستمر 10 سنوات. وقال إن اغواي"أوضح بجلاء أننا سنفعل ما يلزم، وسنسعى إلى حماية المدنيين، ولن نضع أي قيود زمنية على بقائنا". وكان اغواي أعلن أن مهمة هذه القوات يمكن أن تستمر 10 سنوات. وأعرب عن اعتقاده بأن التوتر بين السودان وتشاد يزيد من صعوبة إيجاد حل للصراع في الإقليم. وقال في مقابلة مع"بي بي سي":"إذا لم تستقر الأمور في غرب دارفور، فعليك أن تبحث عن حل إقليمي. وسيتطلب ذلك وقتاً أطول". ورهن نجاح قواته"بالتطورات الداخلية في السودان وما سيحدث على الساحة الدولية". وأضاف أن"يوناميد"لن تكمل انتشارها قبل نهاية هذه السنة، وربما في السنة المقبلة. من جهة أخرى، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو إنه يضع اللمسات الاخيرة على تحقيقين جديدين في جرائم حرب وقعت في دارفور لتقديمهما قبل نهاية العام الجاري. وأوضح أن أحد التحقيقين يتعلق بمشاركة مسؤولين سودانيين في هجمات ضد المدنيين، في حين ينظر الآخر في هجمات المتمردين ضد قوات حفظ السلام والعاملين فى مجال تقديم المعونة. وأكد أوكامبو في تصريحات صحافية من جنيف أن"التحقيقات تبحث عن المتهمين وراء هذه الهجمات"، مبيناً أن وزير الدولة للشؤون الإنسانية أحمد هارون المطلوب لدى المحكمة"ليس وحيداً، وانما هناك مسؤولون آخرون وراءه". واتهم المجتمع الدولي بأنه"ليس لديه موقف موحد تجاه اعتقال المتهمين هارون وعلي كوشيب اللذين صدرت بحقهما مذكرة توقيف"، مشيراً إلى إجهاض الصين وروسيا وقطر بياناً رئاسياً لمجلس الأمن في كانون الأول ديسمبر الماضي يدعم اعتقال المشتبه بهما وتسليمهما إلى المحكمة الجنائية الدولية. ووجه أوكامبو انتقاداً نادراً إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، معتبراً أنه"أهمل في تقريره الشهري في تشرين الأول أكتوبر الماضي أمام مجلس الأمن موضوع العدالة في السودان". وأضاف أنه"أغفل ضرورة المحاسبة والعدالة في تقريره، وتحدث فقط عن الأوضاع الأمنية والإنسانية". وكشف اقتراحات تلقاها من ممثلي بعض البلدان في الأممالمتحدة تدعوه إلى التركيز في تحقيقاته على"الضالعين في جرائم حرب من القادة الصغار الذين يمكن القبض عليهم ومحاسبتهم وليس الوزراء وقادة الميليشيات الكبار". لكن أوكامبو بدا واثقاً من أن هارون وكوشيب سيقدمان إلى المحكمة الدولية"عاجلاً أو آجلاً". وقال:"أنا أرجنتيني، ورأيت كيف أن خورخي رافاييل فيديلا رئيس المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في الأرجنتين، قُدم إلى المحكمة الدولية بعد تسع سنوات، إضافة إلى ديكتاتور تشيلي أوغستو بينوشيه، وتشارلس تايلور، و الرئيس الصربي الراحل سلوبودان ميلوسيفيتش". وأضاف أن"زمن الإفلات من العقاب ولّى".