عاد موضوع نشر أنظمة صاروخية دفاعية أميركية في شرق أوروبا إلى الواجهة بعد تسريب معطيات في بولندا عن نيات أميركية لإقامة قاعدة دائمة للصواريخ هناك تكون بديلاً من الدرع الصاروخية التي اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما تراجعه عن نشرها مراعاة للمعارضة القوية التي ابدتها روسيا. ولم تدم طويلاً، الأجواء الإيجابية التي خلفها قرار الرئيس الأميركي أخيراً، بالتخلي عن خطة نشر «الدرع» في أوروبا الشرقية، وأيضاً التفاؤل الذي خلفه خطاب أوباما في الجمعية العامة للأمم المتحدة ووصفته دوائر روسيا بأنه يشكل «أساساً لإستراتيجية جديدة تقوم على التعاون وعدم الهيمنة»، إذ جاءت تسريبات صحافية في بولندا لتثير شكوكاً في موسكو حول نيات واشنطن حيال نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا. وأفادت صحيفة «غازيتا فيبورتشا» البولندية أمس، بأن الولاياتالمتحدة تعتزم اقامة قواعد صواريخ في بولندا كبديل عن خططها السابقة التي عارضتها روسيا بشدة. ونقلت الصحيفة عن مصادر ديبلوماسية بولندية ان واشنطن تهدف الى «اقامة قاعدة دائمة للصواريخ القصيرة والمتوسطة اضافة الى نشر بطاريات صواريخ متحركة على الاراضي البولندية». وزادت ان من المقرر اقامة القاعدة الاميركية الدائمة في منطقة ريجيسكوفو القريبة من ساحل البلطيق والتي كان من المقرر نشر الصواريخ المعترضة فيها. وأوردت الصحيفة ان من المقرر ان تتضح الخطة خلال ايام، وأضافت ان من المقرر ان يتوجه اندريه كريمير نائب وزير الخارجية البولندي الى واشنطن الاثنين. وقال خبير عسكري مقرب من وزارة الدفاع في موسكو ل «الحياة» انها ستولي هذه الخطط اهتماماً بالغاً في حال ثبتت صحة المعطيات. ومعلوم أن موسكو عارضت نشر أنظمة صاروخية متطورة في شرق أوروبا وبررت موقفها بأن هذه الصواريخ لن تكون فعالة في مواجهة الخطر الصاروخي الإيراني المزعوم على أوروبا، وأنها موجهة ضد روسيا بالدرجة الأولى. وكان اوباما اعلن انه سيبدل نظام الدرع الصاروخية بنظام متنقل يستخدم معترضات الصواريخ البحرية. ولمّحت موسكو في المقابل إلى احتمال تجميد خططها لنشر صواريخ قصيرة المدى في كاليننغراد الواقعة بين بولندا وليتوانيا. لكن القيادة العسكرية الروسية أكدت بعد ذلك مباشرة، أن روسيا لم تتخذ قراراً بعد بالتراجع عن خططها العسكرية غربي البلاد، في إشارة إلى انتظار اتضاح نيات الجانب الأميركي حول النظام الصاروخي الدفاعي الجديد في أوروبا. جورجيا على صعيد آخر، قال الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي في كلمة أمام الاممالمتحدة إن أبخازيا التي انفصلت عن بلاده العام الماضي «ستعود جزءاً من جورجيا حتى لو استغرق ذلك وقتاً». وحمل ساكاشفيلي بطريقة غير مباشرة على روسيا واتهمها بتحويل «أبخازيا إلى منطقة قواعد عسكرية ومدافن بدل الحدائق والفنادق والمسارح والمطاعم»، مؤكداً أن الجمهورية التي أعلنت انفصالها بعد حرب القوقاز العام الماضي، «ستعود مجدداً ما كانت عليه، أروع مناطق جورجيا». وذكّر ساكاشفيلي بتصريحات الرئيس التشيخي السابق فاتسلاف هافل، وقارن وجود القوات الروسية في «الأراضي الجورجية» بألمانيا خلال الحرب الباردة عندما فصل حائط برلين بين ألمانياالغربية الديموقراطية والشرقية الشيوعية المتحالفة مع الاتحاد السوفياتي. وقال: «مثلما أعلن فاتسلاف هافل وغيره من الاصوات البارزة، فإن أوروبا يقسمها حائط جديد بنته قوة خارجية، حائط يمر في منتصف جورجيا». وأضاف أن الحائط «يقتطع خمس أراضينا». اللافت أن ساكاشفيلي ركز في خطابه على أبخازيا ولم يتطرق إلى الجمهورية الانفصالية الثانية أوسيتيا الجنوبية إلا مرة واحدة في معرض تأكيده أنه «لا ينوي إعادة المنطقتين بالقوة»، لكنه أكد: «نحن ملتزمون للغاية برؤيتنا لجورجيا تتمتع بالسيادة والوحدة». وكانت موسكو سيطرت على الجمهوريتين وطردت القوات الجورجية منهما وتمكنت القوات الروسية من التوغل في عمق الأراضي الجورجية ثم انسحبت بعد تصاعد الضغوط الدولية، لكنها احتفظت بالسيطرة على أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية واعترفت باستقلالهما نهائياً عن جورجيا وتعهدت بحمايتهما من «أي عدوان خارجي». ولم يصدر تعليق في موسكو أمس، على خطاب ساكاشفيلي، لكن الكرملين أكد أكثر من مرة خلال الشهور الماضية، أن قرار الاعتراف باستقلال الجمهوريتين «نهائي ولا عودة عنه أبداً». وسارع رئيس أوسيتيا الجنوبية إدوارد كوكيوتي إلى الرد على خطاب ساكاشفيلي وقال إن بلده «لن يصبح أبداً جزءاً من جورجيا مرة أخرى».