تحتاج منظمة حلف شمال الأطلسي ناتو الى استراتيجية جديدة، ونحن خمسة رؤساء أركان سابقين نشرنا، أخيراً، تقريراً خلص الى مقترحات تنهض عليها الاستراتيجية الجديدة، وبرنامجاً كاملاً للتغيير الذي ينبغي انجازه في المنظمة. فلماذا الاستراتيجية الجديدة؟ يعود"المفهوم الاستراتيجي"الذي يأخذ به الحلف الى 1999. ومذ ذاك انتقلت الأحوال من طور الى طور. ويومها كانت المنظمة حلفاً اقليمياً التأم على دفاع عن منطقة الحلف ومنظمته. والدفاع، اليوم، لا يستوفي الحاجة العسكرية والسياسية. فالصدارة تعود الى الوقاية من الأزمات والمنازعات المسلحة، وهذا قد يقتضي رداً أولياً غير العمل العسكري. وفي ندوة براغ 2002، تعهّد الحلف أن يبادر الى الفعل"حيث تدعو الضرورة"، فتخلى عن القيد الإقليمي الذي قصر الأعمال الدفاعية على دائرة الحلف، وإذا كانت هجمات 11 أيلول سبتمبر قرينة على ان المنازعات الحالية لا تحل بالوسائل العسكرية وحدها، فوسائل الحلف عسكرية خالصة. وعلى هذا، على استراتيجية الحلف الجديدة أن تتضمن تطوير أدوات جديدة مناسبة. والاستراتيجية الجديدة التي نقترحها شاملة أو معولمة الأفق، وهي تسعى في الوقاية من النزاعات من طريق اطفاء أسبابها. وينبغي، في هذا السبيل، استعمال أدوات غير عسكرية على نحو مبادر ونشط، ويقتصر على الرد. وتتوسل الاستراتيجية المقترحة تصعيد القوة، أو النكوص فيها، على نحو مرن، وتحتسب الأدوات والوسائل السياسية، وتلك التي تتيحها السلطة، كلها، ولا تستثني لا القدرة على التأثير ولا الوسائل العسكرية. ويترتب عليها إعمال القوة العسكرية في آخر المطاف. وهو ليس المطاف الأخير، ضرورة، والاستراتيجية المقترحة دفاعية، وغايتها حماية بلدان الحلف ومنظمته من طريق تحالفات مرنة، فتدمج في خططها التعاون مع المنظمات الدولية، وتنسق مع بلدان من غير الأعضاء. وهي تفترض التزاماً يدوم الى حين بلوغ الغاية المنشودة. وليس غرض الغاية هذه الاحتلال ولا فرض نظام سياسي يقسر الحلف عليه خصماً. والمفهوم هذا نوعي وعام، ولكنه رسم على مقاس منظمة حلف شمال الأطلسي بعد اصلاحها، ولما كانت القوة العسكرية وحدها قاصرة، فإننا نقدم تقوية التنسيق بين الحلف والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى الحلف حيازة الوسائل والموارد التي تتمتع بها المنظمات الدولية الأخرى. ولا ريب في صدارة الأممالمتحدة، وفي دورها، فهي الهيئة التي تملك الصلاحية الحقوقية التي تسوغ التدخل، العسكري وغير العسكري، حين لا يقتصر الأمر على الدفاع المشروع عن النفس، ومصدر الصعوبة هو اقناع البلدان الأعضاء، أي الأوروبيين أولاً، بتفحص التحديات والنزاعات القائمة والمحتملة، وحضها على إعمال ارادتها السياسية وتبني بعض مقترحاتنا. وإذا مضى الحلف على دمج أعضاء جدد من غير الاضطلاع بالدفاع عن منطقته المتسعة، فالخطر الذي يتهدده هو خسارته معناه ودوره. ولعل التحدي الأول والماثل هو أفغانستان حيث تقليص الموارد يؤدي لا محالة الى الفشل. والتفاوت بين المهمات المسندة الى قوات الحلف وبين الوسائل المتوافرة يتعاظم يوماً بعد يوم. ونحن لا نرغب في فرض رأي. ولكننا على يقين من أن حلفاً على ضفتي الأطلسي هو خير رد على التحديات الحالية. ويحدونا الأمل بإدراك القادة السياسيين إلحاح الحال ومعالجتها. فواجبهم الأول حماية مواطني بلدانهم على الوجه الأجدى. عن هينك فان دين بريمان، بيتر إنيج، جاك لانكساد، كلاوس ناومان وجون م. شاليكا شفيلي قادة أركان سابقون الهولندي والبريطاني والفرنسي والألماني والأميركي، موقع "بروجيكت سانديكايت" الدولي، 4/3/2008