في عهد الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، عادت القيادة العسكرية الفرنسية الى بعض المراتب القيادية الموحدة في لجنة حلف شمال الأطلسي الناتو العسكرية. ولكن فرنسا، على رغم هذا، لم ترجع الى سلسلة القيادة المندمجة، على وجه الدقة. فجاك شيراك قبل أن يتولى الحلف مسؤولي، الدفاع عن أراضيه الاقليمية. وهذا المسؤولية لا تشمل إدارة الازمات، ولا سيما تلك التي تحدث خارج منطقة الأطلسي. والغرض من إخراج إدارة الأزمات من صلاحيات القيادة الأطلسية هو تقوية سياسة الاتحاد الأوروبي الامنية والدفاعية المشتركة، ورعايتها. ومذذاك تعاظمت المنافسة بين المنظمين،"الناتو"والاتحاد الأوروبي، على قيادة العمليات الخارجية. وهذه هي الحال اليوم، على رغم عقد اتفاقات تعاون محدودة في إطار اتفاق"برلين زائد"خصوصاً. وهذه الحال تضعف إجماع المجموعة الأطلسية المفترض على جبه التحديات الناجمة عن اضطراب الوضع الدولي. ولا يفترض الإجماع المرجو تغيير فرنسا علاقتها البنيوية القائمة بالمنظمة الأطلسية. وإذا هي انتهجت طريق هذا التغيير، ترتب عليه إخلال جدي بالسعي في بناء سياسة أمن ودفاع أوروبية. وهذا البناء تتمة لا غنى عنها لسياسة خارجية مشتركة رفعها المسؤولون الفرنسيون، منذ 1991، الى مرتبة الصدارة من السياسة الأوروبية. والحق ان هذا التغيير، الى إخلاله بالسياسة المشتركة، يجافي الواقع الدولي الغالب فالأزمات القريبة أو الجارية، شأن أزمتي أفغانستان والعراق، تنهض قرينة على قصور منظمة واحدة، أو بلد بمفرده، ولو كان هذا البلد هو الولاياتالمتحدة، عن الاضطلاع بحل أزمة كبيرة. ويشكو"الناتو"خلو وفاضه ويده من الوسائل غير العسكرية التي لا غنى عنها في ادارة الأزمات. وعلى خلاف"الأطلسي"، لا يشكو الاتحاد الأوروبي هذا النقص، ولكنه يفتقر الى الطاقات العسكرية التي تحتاج اليها العمليات الحربية الكبيرة. وعلى هذا، ينبغي تقليص المنافسة بين"الأطلسي"والاتحاد، فالنتائج السياسية التي تترتب عليها وخيمة. ويحسن بالمنظمتين تقوية تعاونهما من طريق شراكة استراتيجية تجمع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، ويتولى حلف شمال الأطلسي رعايتها، وتسعى في إجماع ضفتي الأطلسي على فهم واحد لحال العالم وسبل المعالجة المتاحة والمجزية. وجلي ان إرساء هذه الشراكة يفترض تعيين الاتحاد الأوروبي رئيساً دائماً ووزيراً للشؤون الخارجية. ولا يتوقع ان تؤدي هذه الشراكة الى إلغاء التباين السياسي بين الفريقين، ولكنها شرط يشفع ببلورة إجماع في إطار الاتحاد الأوروبي، وبين ضفتي الأطلسي. وهي أداة فاعلة في معالجة التحديات الكبيرة التي تنتظرنا، وتقوي طاقة المجموعة الأطلسية على السير نحو نظام عالمي يخيم عليه تهديد ثقيل. ولا شك في ان شركاءنا الأوروبيين ينتظرون إسهامنا في بلورة الشراكة الأطلسية الموعودة، من غير أن يقتضي ذلك تغيير علاقتنا البنيوية ب"الناتو". ولا شك، من وجه آخر، في ترحيب واشنطن بالأمر. عن جاك لانكساد أميرال، رئيس أركان الجيوش الفرنسية سابقاً، سفير سابق، "لوفيغارو" الفرنسية، 28/9/2007