"الآن أصبحت مدونتك جاهزة"! عبارة سحرية يقدم فيها محرك البحث الشهير على الانترنت "غوغل" خدمة أطلقها أخيراً تتعلق بالمُدوّنات الالكترونية، وتحديداً للجمهور العربي الذي يتوق الكثير من شبابه الى الالتحاق بعالم"البلوغرز"Bloggers على الشبكة العنكبوتية. فقد أطلق"غوغل"خدمة المُدوّنات باللغة العربية، ما يسمح لمستخدمي العربية بالتواصل والتعبير عن أنفسهم من خلال صنع مفكرات الكترونية. وتتميز الخدمة بالسهولة بدءاً من إنشائها ومروراً بالحصول على مواد إعلامية ونشرها، وانتهاء بالاسلوب التفاعلي الذي يتيح تلقي رسائل الآخرين وانطباعاتهم. وزفّ مسؤولون في"غوغل"الخبر إلى العالم العربي وهم على يقين بوجود أعداد كامنة من المُدوّنين العرب ممن تقف اللغة حائلاً أمام إطلاق مدوناتهم. وصرح أحد مديري"غوغل"سيوبحان كوين بأن القائمين على تلك الشركة"سعداء بهذه الخدمة التي ستتيح للأشخاص الاتصال ببعضهم بعضاً بطريقة سهلة". إجراءات تتضمن... الحجب! في هذه المناسبة، نظمت شركة"ميديا ويفز"التي تتولى العلاقات الإعلامية لپ"غوغل"في مصر ندوة لعدد من الصحافيين شرحت خلالها طريقة إنشاء مُدوّنة الكترونية باستعمال الخدمة المُشار إليها أعلاه. وبيّنت أن الأمر لا يتطلب سوى خطوات بالغة السهولة والبساطة تجري كلها باستخدام اللغة العربية ولا تستغرق سوى دقائق معدودة، ما يقضي تماماً على عائق عدم الدراية باللغات الأجنبية التي كانت بوابة المرور إلى إنشاء"بلوغز"على الانترنت. وفي حوار عبر الهاتف، تحدثت مديرة التسويق في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ياسمينا بريحي التي أكدت تنامي الاهتمام العربي بالتدوين على الشبكة العنكبوتية، وأضافت:"يبدو أن خصوصيات كل منطقة لا تقتصر على العادات والتقاليد والأعراف، فهناك خصوصيات عنكبوتية كذلك أبرزها في المنطقة العربية تلك التي تتعلق بهاجس المنع والمصادرة والتعرض للمنع والحجب". وسألت"الحياة"عن الخطوط الحمر في المُدونّات الرقمية العربية بالنسبة الى"غوغل""فأكدت بريحي أن حرية التعبير حق مكفول ومؤكد بالنسبة الى تلك الشركة"إلا أن كل ما يتعلق ببث مشاعر الحقد والكراهية غير مسموح به". وأوضحت أن"غوغل"لا تتدخل في المحتوى طالما أن الدولة المعنية لا تمانع فيه."إذا تلقت الشركة شكاوى متكررة من جمهور الشبكة الالكترونية عن احتواء أحد الپ"البلوغز"على ما يعتبرونه محتوى غير لائق، عندها يخضع محتوى تلك المُدوّنة للدرس من جانب مسؤولي المدونات في الموقع... وإذا تأكد من صحة الشكاوى، تُحجب تلك المُدوّنة". وأوضحت بريحي أنه ليس من مهمة"غوغل"تفقّد محتوى كل مُدوّنة الكترونية على حدة، ولا القيام بدور الرقيب لحذف ما لا تراه ملائماً. وبيّنت ان الشركة تتدخل في حال الشكاوى الخاصة ببث مشاعر الكراهية والازدراء، وكذلك بالنسبة الى حال خروج المدونة عن الحدود القانونية والشرعية في الدول التابعة لها. وتُعدّ خدمة التدوين باللغة العربية إحدى الحلقات في سلسلة اهتمام"غوغل"بالعالم العربي، إذ تعتبر الشركة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"منطقة ذات قدرات واعدة، بالنظر الى تمتعها بقاعدة سكانية شابة واقتصاديات سريعة النمو". ومن خلال إطلاقها خدمة التدوين باللغة العربية، تأمل الشركة أن تساهم في زيادة قاعدة المستخدمين العرب لسبل التواصل التي تتيحها الشبكة الدولية للكومبيوتر. ومن المعلوم أن الجمهور العربي الذي يستثمر الامكانات التواصلية للشبكة العنكبوتية، يشكل شريحة تتسِم بالصغر والمحدودية مقارنة بقوتها فعلياً. فمن الملاحظ أن سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذين يبلغ تعدادهم أكثر من 300 مليون نسمة، لا يستخدم الانترنت بينهم سوى 26 مليوناً. وهذا يعني أن السوق العربية ما زالت فيه مجالات خصبة وضخمة لمزيد من النمو. ويتوقع أن تساهم خدمة التدوين الالكتروني العربية من"غوغل"في تضييق هوة عنكبوتية عربية أخرى وهي"المحتوى العربي". فمن المعلوم أن الصفحات العربية على الإنترنت لا تتعدى 150 مليون صفحة في مقابل 30 بليون صفحة تنتشر عبر الألياف الضوئية للشبكة الدولية للكومبيوتر. جولة عالمية على"البلوغرز"المغاربة من جهة أخرى، أعلنت شركة"غوغل"أنها الراعي الرسمي لمؤتمر"بلوغوتور"BlogTour"جولة المُدوّنين الالكترونيين"في المغرب العربي، والذي يستمر خمسة أيام. ويهدف المؤتمر للتواصل مع جميع المغاربة المهتمين بالتدوين الرقمي. وتتضمن فعالياته أن تجول مجموعة من المدوّنين الرقميين المحترفين في خمس مدن مغربية لعرض خبراتهم وعقد ورش عمل لمناقشة كل ما يتعلق بالتدوين وبرامجه المختلفة. وفي سياق متصل، ترعى"غوغل"احتفالاً لتقديم"جائزة المغرب للتدوين الالكتروني"الذي يقام في نهاية أعمال مؤتمر"بلوغوتور""ويتضمن توزيع جوائز في 17 فئة مختلفة في مجال التدوين على شبكة"الويب". وسيكون في إمكان مستخدمي الانترنت التصويت لاختيار الفائز من خلال موقع"جائزة المغرب للتدوين"على الشبكة العنكبوتية marocblogawards.com وفي هذا الصدد، أشارت بريحي إلى أن"العمل مع مؤتمر"بلوغوتورز"يلائم"غوغل"تماماً إذ يتوقع أن يعطي تحفيزاً لنمو مجتمع المُدوّنين الرقميين المغاربة، ما ينتظر أن ينعكس ايجابياً على مجتمع التدوين الالكتروني العربي في شكل عام". وأكدت أيضاً وجود اهتمام وحماسة كبيرين تجاه التدوين بالعربية على شبكة الانترنت. ووعد مسؤولو"غوغل"بأن يلمس"البلوغرز"العرب وتحديداً أولئك الذين يرغبون في تطوير التدوين بلغة الضاد تحسناً مطرداً في نوعية الخدمة المقدمة لهم خلال العام الحالي. وإذا كانت خدمات"غوغل"العربية حلت إحدى المعضلات التي طالما واجهت مستخدمي الانترنت من العرب، فإن المعضلة الأخيرة تبقى في انتظار التذليل، ألا وهي توسيع قاعدة الجمهور الشبكي عربياً، التي ما زالت في حاجة إلى جهود ضخمة لتوسيعها وزيادتها. والحق أن حزمة معقدة من الأحوال الاقتصادية والظروف الثقافية والمستويات التعليمية تقف عائقاً أمام ذلك. ويحتاج تذليل تلك الأمور الى حلول أكثر واقعية من مجرد انتظار المبادرات العنكبوتية!