سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صورها لا تحتوي على ما يثير القلق أمنياً . "غوغل إيرث" بالعربية تغير طرائق تعليم التاريخ والجغرافيا وتروج للسياحة والاستثمار في الدول الناطقة بلغة الضاد
في مقدور الناطقين بلغة الضاد ومستخدميها من الآن وصاعداً، وضع العلامات التي يرتأون أنها مهمة بالنسبة الى ثقافتهم وتاريخها على سطح الكرة الأرضية وباللغة العربية مباشرة، على خرائط رقمية شائعة الاستخدام لدى جمهور الإنترنت. قد تشهد الشبكة الإلكترونية قريباً، ظهور خرائط عليها عبارات عربية تقول"هنا ولد المسيح"أو"هنا قتل السادات"أو"هذه الساحة التي أُمّمت منها قناة السويس"، أو ربما أشياء أكثر بساطة من نوع "أنا مررت من هنا"و"هنا بيت حسين"و"هذه سيارة هالة""فتصبح تلك الاشارات والعبارات تحت أنظار العالم فورياً. وقد أضحى بمستطاع عُشاق العربية من جمهور الإنترنت، وضع اشاراتهم وعباراتهم على الخرائط التي يعرضها قسم"ايرث"أي"الأرض"، على موقع مُحرِّك البحث الشهير"غوغل"، الذي يستخدمه عشرات ملايين البشر يومياً. ففي مطلع أيار مايو، كشفت شركة"غوغل"عن خدمتها الجديدة، والتي وصفتها بأنها تدعيم المنطقة العربية بخرائط تُظهر مفهوم"الجغرافيا الغوغلية الثلاثية الأبعاد". وبحسب ما أوضح المدير الاقليمي لشركة غوغل للشرق الأوسط وشمال افريقيا المهندس شريف اسكندر، فإن التفكير في الخدمة العربية على قسم"ايرث"انطلق من خلال اقتراح وجه إلى القائمين على محرك"غوغل"أثناء مؤتمر القاهرة لتكنولوجيا الكومبيوتر الذي عقد في القاهرة في شباط فبراير الماضي، والذي ناقش الخدمات العربية وتوافرها على الموقع الواسع لمحرك البحث الشهير. ورأى اسكندر أن الخدمة الجديدة لن تكون مجرد أداة للتسلية أو لتمضية الوقت على شبكة الإنترنت، ولكنها قد تحقق ما هو أعمق من ذلك بكثير،"فقد تتمكن من تغيير أشياء كثيرة في طريقة التعليم، وكذلك أساليب التخيّل والعرض التقليديين للأماكن الجغرافية والأحداث التاريخية، وباستطاعتها أيضاً أن تساهم في الترويج السياحي للمنطقة العربية التي يفترض أن تكون من أكثر المناطق جذباً للسياح والاستثمارات على المستوى العالمي". وفي لقاء مع"الحياة"، صرح اسكندر بأن استخدام"غوغل إيرث"في المدارس العربية"سيغيِّر الصورة الذهنية النمطية التي يرسمها طلاب المدارس والجامعات عن موقع مدينة أو دولة ما على الكرة الأرضية، وبدلاً من الاعتماد على الخارطة الورقية المعلقة على جدار قاعة الدرس ومحاولة تخيّل موقع مدينة اللاذقية أو دولة المغرب أو قارة آسيا، يمكنهم هذا البرنامج من رؤية الأماكن كما تبدو فعلياً على سطح الكرة الأرضية، مع إضافة معلومات باللغة العربية بالنسبة الى خرائط دول المنطقة". وأضاف:"سيغدو بإمكان طلاب المدارس رؤية الأماكن التي يصعب عليهم تخيلها. إذ نادراً ما يتمكن تلميذ في مدرسة ابتدائية، على سبيل المثال، من تخيل مكان مثل محافظة الفيوم التي هي واحة خضراء في وسط الصحراء. كما يصعب على كثيرين تخيل حجم بحيرة ناصر التي تكونت خلف"السد العالي"في جنوب مصر، أو ما آلت إليه منطقة"توشكى"في أقصى الجنوب أيضاً والتي تغيرت معالمها بسبب التطور الذي طرأ عليها. وباستعمال الوسائط الإلكترونية والتقنيات المتقدمة في خرائطها الجغرافية، تخرج العملية التعليمية من عباءة، الورقة والقلم والوصف والكلام، لغة بصرية تُقربها من وقائع عيشها". وأشار الى أن في إمكان جهات مثل وزارات التعليم في الدول العربية، أو غيرها من المؤسسات التعليمية والأكاديمية، الاستفادة من التقنيات الرقمية لمراكمة"طبقات"من المعلومات الى الخرائط الثلاثية الأبعاد في"غوغل ايرث"، حيث تصبح متاحة أمام الطلاب. وأعرب اسكندر عن اعتقاده بأن معرفة الأماكن والمواقع قد تشجع بعض مستخدمي"غوغل ايرث"، من خارج الأُطر الرسمية والأكاديمية، على وضع معلومات أو صور إضافية على الخرائط التي تظهر فيها اللغة العربية، موضحاً أن الأمر قد يؤول الى ظهور"وسيلة اتصال بالغة الجودة إذ تمكّن سكان من العالم التواصل وتبادل المعلومات والصور عن كوكبهم من أي مكان كانوا، لأن ذلك الأمر لا يقتصر على مستخدمي اللغة الإنكليزية". وأشار إلى أن"غوغل إيرث"تمنحنا المعلومة بالطريقة نفسها التي نفكر بها، فقد يستخدمها بعضهم لتحديد نقاط الإغاثة على الطرق السريعة، وهي بالغة الأهمية لأي مسافر على تلك الطرق. وقد تستخدمها شركات أو فنادق لتحديد مواقع وأماكن فروعها وأرقام هواتفها. وقد تستعمل أيضاً ضمن المقالات الصحافية المكتوبة بتقنية"النص الفائق الترابط"أو ما يُشابهه كوصلة link ضمن موضوع عن المرافئ الموجودة في منطقة ما، ما يضيف بُعداً آخر للمادة المكتوبة". وتوقع أن تساهم"غوغل إيرث"بالعربية في تحقيق مزيد من الرواج السياحي للمنطقة، عبر تنشيط عملية إضافة المعلومات والصور والتجارب الشخصية النابعة من زيارة دول المنطقة العربية العامرة بالكثير من الميزات السياحية. ورأى أن مشاهدة الأماكن والمواقع من خلال الصور أو الأفلام أو مواقع الإنترنت، مثل"غوغل إيرث"لا يثبط رغبة الافراد في زيارتها على ارض الواقع، مشيراً الى أن"التجربة برهنت أن مشاهدة الأماكن يشجع الكثيرين على تحويل هذه المشاهدة إلى معايشة من طريق الزيارة فعلياً، إذ تثير حب الاستطلاع بشكل أكبر، سيما لو أعجبت المشاهد الصور، وجذبته المعلومات المُضافة اليها". ولا تخلو خدمة"غوغل إيرث"من ميزة سيكولوجية، إذ تمنح مستخدمها فرصة إثبات الوجود والإحساس بأنه قادر على إضافة محتوى قد يكون مفيداً لغيره من المستخدمين. والأرجح ان تلك الميزة تغري الكثيرين، خصوصاً الشباب. وبالطبع، ثمة احتمال أن يعمد بعضهم الى وضع معلومات خاطئة أو غير مناسبة، لسبب أو آخر، كما هي الحال بالنسبة الى الكثير من النشاطات المُشابهة على شبكة الإنترنت. ويعول اسكندر في هذا المجال على"مجتمع غوغل"، أي مستخدمي موقع المُحرك البحثي"الذين كثيراً ما ينهضون بمهمة التصويب أو التعليق على المعلومات غير الصحيحة أو تلك التي يرونها غير مناسبة، ما يخلق حالاً من التفاعل النشط على تلك الخرائط". وتلتقط مسؤولة شركة"غوغل"لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا إيما ليناكر الخيط لتضيف أن إدارة"غوغل"لا تتدخل لحذف محتوى إلا في حال كونه"غير مشروع"في دولة ما. ولا يخلو هذا الأمر من احتمال إثارة المشاكل، كما يحصل بالنسبة الى احتجاج المعارضة الصينية، مثلاً، على قبول شركات المعلوماتية بالرقابة على البلوغرز المعارضين للحكومة الصينية، ممن يوصمون بممارستهم نشاطات تخريبية وغير مشروعة. هل يتكرر مثل هذا المشهد في"غوغل ايرث"باللغة العربية، خصوصاً ما يتعلق بقضايا الصراع العربي - الإِسرائيلي؟ سؤال مفتوح. من جهة أخرى، أكد اسكندر تكراراً أن الصور التي تقدمها خدمة"غوغل إيرث"ليس فيها ما يسبب القلق سواء لدواعٍ أمنية أو غير ذلك، لأنها صور يستطيع اي شخص الحصول عليها من الجهات التي تلتقطها. وبقول آخر، فإن ما يظهر على ذلك الموقع هو ببساطة صور تجارية تلتقطها شركات متخصصة وتبيعها لمن يريد الحصول عليها، اي أنها متاحة سواء وجدت"غوغل إيرث"أو لم توجد. ويأمل المشرفون على محرك البحث الشهير بأن تكون خدمة"غوغل إيرث"العربية وسيلة جادة لإضافة المزيد من المحتوى العربي إلى الشبكة الإلكترونية الدولية. فطالما علت الأصوات شاكية من ضآلة حجم ذلك المحتوى العنكبوتي، خصوصاً بالمقارنة مع اللغات العالمية مثل الانكليزية والفرنسية والإسبانية وغيرها، على رغم أن لسان الضاد معروف لدى 360 مليون عربي، اضافة الى مليار مسلم. ويشار إلى أن كماً كبيراً من المعلومات والصور أضيف إلى"غوغل إيرث"من مستخدمين عرب، أو أجانب زاروا المنطقة أو ارتبطوا بها بشكل أو آخر. ويدل الأمر على اهتمام المنطقة بذلك البرنامج الرقمي، خصوصاً الإمكانات الضخمة التي يتيحها لمهتمين بشؤون المنطقة العربية والمعلوم أيضاً أن خدمة"غوغل إيرث"توافرت أخيراً بست لغات، قبل إطلاق العربية، وهي التشيكية والبولندية والروسية والهولندية والكورية والبرتغالية، إضافة الى توافرها بالإنكليزية واليابانية والفرنسية والإيطالية والألمانية والأسبانية.