استمرار انخفاض درجات الحرارة بعدد من المناطق وأمطار في مكة والجنوب    «الطيران المدني»: 1273 شكوى من المسافرين على الناقلات الجوية    سكري القصيم يتحدّى «التين»    بعد هاتريك العين.. «التورنيدو» سادس الهدافين    الاتفاق يطمع في نقاط الرفاع البحريني    الخريّف يعلن في ملتقى الصحة العالمي: نستهدف توطين صناعة 200 دواء نوعي    ملاحقة تجار السموم    الإدارة العامة لصحة السجون بوزارة الداخلية والهيئة السعودية للتخصصات الصحية توقعان اتفاقية تعاون    اختتام معرض «إبداع 2025» بمشاركة 159 طالباً وطالبة بمنطقة مكة    النائب العام يشارك في مؤتمر القمة الأول لرؤساء النيابات العامة في الدول الأعضاء في مجموعة العشرين    وفاة سعيد السويلم أكبر معمر سعودي    الآسيوي "لابورت" أفضل لاعب في مباراة النصر والاستقلال الإيراني    «واتساب» تطور ميزة الدردشة مع المساعد الذكي    احترام سيادة الدول أساس حسن الجوار    حق قيام دولة فلسطينية    هل هناك فسحةٌ للأمل    دعم رحلة رواد الأعمال    بالتراحيب وكرم الضيافة.. «السعودية» تستقبل الزوار في «بوليفارد وورلد»    15.7% نموا بالحاويات الواردة للموانئ السعودية    استقرار نسب التضخم في السعودية عند 2% بحلول 2029    سمو وزير الدفاع يزور إيطاليا    في ختام الجولة 7 من دوري يلو.. أبها ضيفًا على الحزم.. والفيصلي يواجه الطائي    في ثالث جولات دوري أبطال أوروبا.. قمة ثأرية بين برشلونة والبايرن.. وليفربول يواجه لايبزيغ    فينيسوس يقود «ريمونتادا مثيرة» للريال أمام دورتموند ب «هاتريك» في دوري أبطال أوروبا    المركز الوطني لإدارة الدين يقفل طرح أكتوبر 2024 ضمن برنامج صكوك السعودية المحلية بالريال السعودي بإجمالي 7.830 مليارات ريال    فعاليات موسم صرام    أفعال لا أقوال    مجلس الوزراء يوافق على إنشاء كلية للعلوم الطبية في جدة    أهمية «داش كام» !    الرئيس الصهيوني والعرب    90 % من سكان غزة مهددون بانعدام الأمن الغذائي    مجالات الكتب المسموعة    محمد القشعمي.. أستاذ جليل من الزمن الجميل    قراءات في الشعر والنثر    تجمّع مطارات الثاني    أخطاء شائعة خير.. هذه هي الكارثة    تعظيم شعائر الله    دور الإعلام في أرباح شركات الدواء    ما هي تكلفة الوحدة ؟    نقص الحديد سبب 10 % من حالات القلب    خالد بن سلمان وكروسيتو يستعرضان العلاقات السعودية - الإيطالية والتطورات في المنطقة والعالم    الأحوال المدنية تستعرض تجربتها في خدمات توثيق واقعة المواليد والوفيات مع وزارة الصحة في ملتقى الصحة العالمي 2024    محافظ الطائف يستقبل القنصل العام لجمهورية فرنسا    7116 جولة تفتيشية للالتزام البيئي    اعتماد عالمي جديد لمستشفى دله النخيل يدعم مكانة المملكة كوجهة للسياحة العلاجية    الدراسات تظهر تحسّن أكثر من 60٪؜ من مدارس التعليم العام    أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    البدء بأعمال الصيانة لطريق الظهران -بقيق بطول 16 كلم الخميس المقبل    الأرصاد: الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار رعدية    "مفوض الإفتاء في جازان": القران والسنة تحث على تيسير الزواج    أمير القصيم يدشّن مشروع "وقف الوالدين" الخيري في البدائع    سعود بن نايف يستقبل الشدي المتنازل عن قاتل ابنه    5 مخاطر مؤكدة للمشروبات الغازية    وزير الدفاع ونظيره البريطاني يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    لو علمتم ما ينتظركم يا أصحاب البثوث    الأمير سعود بن نهار يستقبل قائد قاعدة الملك فهد الجوية المعين حديثًا    الرقابي يرفع شكره للقيادة لإقامة مسابقة حفظ القرآن في موريتانيا    الخيانة بئست البطانة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لكن ، ما هي استراتيجية حماس العسكرية ؟
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 2008

بديهي أن الاحتلال هو اغتصاب للحقوق وعدوان على الوجود ومصادرة للمستقبل، وهذا ينطبق خاصة على الاحتلال الإسرائيلي. كذلك من البديهي أن ليس ثمة شعب يتعايش مع الاحتلال، أو يرضخ له، وهذا حال الشعب الفلسطيني، الذي لا تنقصه الشجاعة ولا روح التضحية، برغم الفارق الهائل بينه وبين إسرائيل في معادلات موازين القوى والسيطرة والمعطيات الموضوعية المحيطة.
ودون الدخول في جدل السؤال بشأن شرعية مقاومة الاحتلال، وهي بديهية أيضا، فإن هذا السؤال المراوغ، والابتزازي، يحجب حقيقة أن المقاومة لا تختزل بشكل بعينه، وأنها فعل شعبي أساسا، لا يقتصر على مجموعات مسلحة، وأن شكل المقاومة ومستواها منوط بإمكانيات الشعب المعني، وقدرته على الاستمرار بشكل ما وتحمل كلفته، مع ارتباط أية مقاومة بهدف سياسي محدد وممكن.
هكذا فإن قيادة حماس معنية اليوم بأن توضح لشعبها استراتيجيتها العسكرية، وأن تبين بالحقائق جدوى هذا الشكل أو ذاك، وليس بالشعارات والتمنيات وإحالة الموضوع إلى القدرة الربانية"في تعويل على روح التضحية لدى الفلسطينيين وسيادة وعي لديهم يتأسس على إعلاء شأن السلاح وتقديس الشهادة، بدون أي ربط بإنجازات سياسية وطنية، ملموسة، تتناسب وحجم معاناتهم وتضحياتهم.
والحقيقة فإن القيادة الفلسطينية، باختلاف اتجاهاتها، مسؤولة عما يعانيه الشعب الفلسطيني من إخفاقات ومآسٍ، ذلك أن نجاح أية قيادة يتعلق، بين قضايا أخرى، بقدرتها على تحقيق أفضل الإنجازات بأقل قدر من التضحيات والمعاناة. كما بمدى تحكمها بأوضاعها الداخلية، وإدارتها الناجعة لها، وسيطرتها على وتائر العملية الصراعية، وصوغ المعادلة التي تضمن التناسب بين الإمكانيات والأهداف، والتوازن بين الهدف السياسي ووسائل الصراع من اجل الوصول إليه.
اللافت أن الطريقة التي تمت بها إدارة الساحة الفلسطينية ليس لها علاقة البتّة بهذه القواعد، ولا بأي نموذج، والأنكى أنها لم تختطّ نموذجها الخاص، الذي تضيفه لتراث حركات التحرر الوطني ضد الاستعمار، لا في التجربة السياسية ولا على صعيد التجربة العسكرية، ولا على صعيد الانتفاضة ولا المفاوضة.
وإذا أخذنا تجربة المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية، الدائرة منذ أواخر العام 2000، مثلا، فسنجد أن هذه التجربة ليس لها علاقة البتة بالانتفاضة الشعبية، التي اندلعت في الأعوام 19871993، والتي استطاعت تقديم النموذج الأنسب لكفاح الشعب الفلسطيني، مثلما استطاعت فرض وجود هذا الشعب في الأجندة الإسرائيلية والدولية"على رغم ما شاب ذلك من مشكلات فيما بعد.
وكما هو معلوم فقد طغى على تلك المواجهات طابع المقاومة المسلحة، ولاسيما المقاومة وفق نمط العمليات التفجيرية، في المدن الإسرائيلية، وعمليات القصف الصاروخي من قطاع غزة إلى البلدات الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
ومن تفحّص هذه التجربة يمكن ملاحظة، أولاً، أن العمليات التفجيرية والصاروخية، التي استهدفت المدن الإسرائيلية، شكلت محاولة فلسطينية للخروج من السقف السياسي السائد، المتمثل بالعمل من اجل دحر الاحتلال من الضفة الغربية وقطاع غزة، في محاولة للعودة إلى شعار"التحرير"الذي أطلقته الثورة الفلسطينية في بداية انطلاقتها عقد الستينيات، من دون أي إسناد له في الواقع الإقليمي والدولي"ما خلق فجوة بين تلك العمليات والهدف السياسي الذي تفرضه الانتفاضة بحدودها: السياسية والبشرية والجغرافية، بشأن دحر الاحتلال وإقامة دولة مستقلة في الضفة والقطاع.
وهذا الخرق للسقف السياسي، أسهم في حشد المجتمع الإسرائيلي خلف قيادته بدل أن يعمق تناقضاته، وشوّش على الرأي العام الدولي، وعلى موقف الدول المؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، المتعلقة بإقامة دولته على أرضه المحتلة عام 1967، وقدم الفرصة لإسرائيل للامعان بالبطش بالفلسطينيين والاستفراد بهم، واستنزافهم"الأمر الذي كانت نتيجته أن الشعب الفلسطيني دفع ثمنا باهظا، في الخسائر البشرية والمادية والسياسية.
ثانيا، إن هذه العمليات التفجيرية والصاروخية كانت جد عشوائية في أهدافها، وتوقيتاتها، وزخمها، وبدت وكأنها غاية في حد ذاتها، غير خاضعة لأي مقياس أو لأية عقلية قيادية، خصوصا بعد أن دخلت كتائب الأقصى التابعة لفتح على خط هذه العمليات منذ مطلع العام 2002، في محاولة منها لمنافسة كتائب القسام التابعة لحماس"بدلا من أن تسعى لشدّ حماس لاستراتيجيتها.
والحاصل فإن هذه العمليات، التي كانت خارج أي نسق موضوعي وعقلاني وإداري، أدت إلى زجّ القوى الفلسطينية بشكل غير مبرمج أو محسوب في الصراع ضد إسرائيل، ودفعة واحدة، وهذا يتنافى مع الأعراف المتبعة في حروب التحرر الوطني ضد الاستعمار، أو حرب الضعيف ضد القوى، حيث يقتصد الطرف الضعيف إلى بقواه، كونه لا يخوض حرب الضربة القاضية، لأن هكذا حرب ستكون الكلمة الأخيرة فيها لمن يمتلك القوة العسكرية الأكبر والأقوى والأحدث.
ولذلك فإن خبرات حروب حركات التحرر الوطني تفيد بضرورة تحاشي تعريض قواها لضربات قاسية، وتجنب عدوها حين يكون مستنفرا ومستفزا، إدراكا منها أنها تخوض حربا سياسية، طويلة الأمد، ينبغي كسبها بالنقاط وليس بالضربة القاضية، وبالغلبة بالوسائل والمعطيات السياسية وليس بالوسائل العسكرية فقط. هكذا عرفت هذه التجارب التراجع والدفاع، في كثير من المراحل لتجنب دفع أثمان باهظة، وللحفاظ على قوى شعبها.
الأنكى أيضا أن التجربة الفلسطينية اتخذت المنحى الهجومي بدلا من المنحى الدفاعي، ما تفسره عملياتها في العمق الإسرائيلي، وعمليات القصف الصاروخي، من القطاع بعد انسحاب الوجود الإسرائيلي العسكري والاستيطاني منه. اللافت هنا أن الفلسطينيين، وضمنهم حماس، لم يستفيدوا في مقاومتهم المسلحة من تجربة حزب الله، على الأقل.
فهذا الحزب حرص على عدم زجّ كل قواه بصراعه ضد إسرائيل، ولم يشن حرب هجومية ضدها، وهو التزم بالمعطيات الدولية، بدليل امتناعه عن العمليات، منذ انسحابها 2000 من جنوبي لبنان باستثناء خطف جنديين إسرائيليين ما جلب حرب تموز/يوليو 2006، وذلك برغم اعتباره فلسطين ارض وقف إسلامي.
وعموما فقد أدار هذا الحزب مقاومته للاحتلال باقتدار عال، فتحكم بوتائر المقاومة، ولم يتركها تفلت، ولم يستدرج للاستفزازات من قبل إسرائيل.
وربما يستغرب البعض بأن عدد القتلى الإسرائيليين الذين لقوا مصرعهم بنتيجة عمليات المقاومة، منذ ما بعد غزو لبنان 1982 حتى الانسحاب 2000 لم يتجاوز 860 إسرائيليا، في 18 عاما، بمعدل 45 إسرائيليا في العام، في حين أن عمليات المقاومة الفلسطينية أدت إلى مصرع ألف من الإسرائيليين في أربعة أعوام 2001 - 2004، ضمنهم 420 إسرائيليا في العام 2002"أي نصف العدد الذين قتلوا في عمليات حزب الله في 18 عاما !.
لكن النتيجة، أو التداعيات، لم تكن واحدة إذ أن هذه الوتيرة المتوازنة من عمليات حزب الله ساعدت الحزب على الاستمرار، وتنمية قواه، في حين أن الوتيرة العالية من عمليات المقاومة الفلسطينية جلبت مصرع وجرح واعتقال عشرات الألوف من الفلسطينيين، وأدت إلى تقويض الكيان الفلسطيني، ومعاودة احتلال الضفة الغربية، وبناء الجدار الفاصل، وتحويل قطاع غزة إلى سجن كبير.
ثم تراجعت عمليات المقاومة بدرجة كبيرة جدا، إذ شهد العام 2007 مصرع 11 إسرائيليا فقط. وعدا ذلك فمن البديهي أن الوضع الفلسطيني أضعف، بالقياس لحزب الله في لبنان محليا وإقليميا، ناهيك عن أن التجربتين مختلفتين، ولايمكن نقل تجربة حزب الله إلى فلسطين، فهناك ثمة دولة ذات سيادة، وعمق ومدى استراتيجي مفتوح، عكس الوضع المغلق للأراضي المحتلة.
كذلك فإن مكانة الأراضي الفلسطينية هي غير الأراضي اللبنانية، نسبة للإسرائيليين. وبالنسبة لحرب تموز/يوليو 2006 التي منع فيها حزب الله القوات الإسرائيلية من تحقيق إنجازات عسكرية كبيرة، فتم ذلك بسبب أنه خاض حربا دفاعية، وفي هكذا حرب، وبتوفر معطيات معينة، يمكن للمقاومة أن تزيد كلفة الخسائر لدى الجيش النظامي المهاجم.
ونحن نعرف كم تكبدت إسرائيل في محاولاتها اجتياح بعض المناطق الفلسطينية، مثل قصبة نابلس أو مخيم جنين مثلا. ثم إن حرب لبنان عادت بإنجازات سياسية مهمة لإسرائيل، في تجديد التزام حزب الله بالخط الأزرق، وفي إرباك الوضع الداخلي في لبنان.
ما يؤكد أن قوة حزب الله في لبنان يمكن أن تغير معادلات القوى في لبنان، ولكنها لا تغير كثيرا في معادلات القوى ضد إسرائيل، بذات القدر الذي تضطلع به الحالة الفلسطينية، بمختلف تجلياتها، في تأثيراتها المختلفة أمنيا وسياسيا عليها.
ثالثا، بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، وتفكيك مستوطناتها، وبدلا من أن يتحول هذا المكسب إلى إنجاز وطني يمكن البناء عليه، إذا به يتحول إلى عبء على المشروع الفلسطيني، بسبب المبالغة بالقدرات، وعدم إطلاق نقاش سياسي عقلاني بشأن مكانة القطاع في العملية الوطنية.
هكذا فثمة من اعتبر أن القطاع، وهو بمثابة سجن لمليون ونصف مليون فلسطيني، يمكن أن يتحول إلى قاعدة لتحرير فلسطين، أو لدحر الاحتلال من الضفة وقطاع غزة.
ونسي هؤلاء بأن القطاع بسكانه يعتمد على إسرائيل بموارده الحيوية الكهرباء والطاقة والماء والمواد التموينية والصيدلانية، التي تتحكم بمعابره، وبالسيطرة على مياهه وأجوائه، وأن إطلاق الصواريخ، التي لا تجدي كثيرا في معادلات موازين القوى، بدعوى خلق نوع من"توازن الرعب"، يزج بالقطاع وسكانه بأتون حرب مدمرة"دون قدرة على رد مجد، سوى التهديد الكلامي بزلزلة الأرض تحت إسرائيل ! وبأن المقاومة ستعرف كيف ترد وأن الخيارات مفتوحة، وهي شعارات وتهديدات يعرفها الشعب الفلسطيني لأنه ظل يسمعها طوال السنوات الماضية، ولكنه لم يلحظ القدرة على ترجمتها.
المغزى هنا أن الزمن الراهن ليس زمن التحرير في الأجندة العربية والدولية، ولا بمتناول الأجندة الفلسطينية، لذا فثمة مغامرة في زج القطاع، أو تحميله، عبء هذه المهمة.
والواضح أن إسرائيل بعد انسحابها من القطاع وتعرضها للهجمات الصاروخية منه باتت تروج لادعاءات أنها دولة مسالمة وأنها مع السلام، في حين أن الفلسطينيين لا يؤمن لهم، وهاهم يعتدون عليها! ما سمح لها بتغطية بطشها بالشعب الفلسطيني في القطاع بوحشية وبما يتعارض مع الأعراف الإنسانية.
المهم أن الفلسطينيين كانوا أحوج للتوافق على استراتيجية جديدة للقطاع، ودوره في العملية الوطنية، لتقديمه كنموذج لبناء الكيان الفلسطيني مستقبلا، وتحويله لذخر للشعب الفلسطيني، ببناء المدارس والجامعات والمشاريع الاقتصادية، لأن الشعب الذي يعرف كيف يعيش ويتطور ويبني، يعرف أكثر كيف يناضل بشكل أفضل لاستعادة حقوقه.
وتفيد الإحصائيات بأن العام 2007 من أهدأ الأعوام بالنسبة لإسرائيل، برغم ازدياد قوة حماس العسكرية، إذ شهد مقتل 11 إسرائيليا، فقط. وفي أعوام 2006 و2005 و2004 قتل 24 و50 و109 من الإسرائيليين، ما يؤكد تراجع المقاومة بالقياس لمرحلة الفورة غير المحسوبة، عام 2002 426 إسرائيليا، وبالمقابل لقي حوالي 1000 من الفلسطينيين مصرعهم خلال العامين الماضيين بنتيجة العمليات الإسرائيلية.
وبعد أسر الجندي جلعاد شاليت صيف 2006 أسر حوالي 3000 فلسطيني والأنكى أن عدد الفلسطينيين الذي لقوا مصرعهم في الاقتتال الداخلي في العام الماضي، زاد عن عدد الذين قتلتهم إسرائيل.
على ذلك فإن قيادة حماس تحديدا معنية بالإجابة على سؤال: ماهي الخطة؟ أو ما هي استراتيجيتها العسكرية؟ ولاسيما توضيح التناقض بين تزايد قوتها العسكرية في المجتمع وتناقص قدرتها على المقاومة المسلحة ضد إسرائيل.
ولا شك أن هذه المعطيات تتطلب إبداء قدر من الشجاعة ونقد الذات، لاسيما من قبل قيادة حماس، لمصارحة شعبها بأن المقاومة المسلحة تستنفذ، وهذا ليس نقيصة في كفاح حركات التحرر التي تعرف التراجع مثلما تعرف التقدم وتعرف الانتقال من موقع لأخر ومن شكل لغيره، بحسب الظروف. والشجاعة تقتضي الاعتراف أيضا بأن المقاومة ليست مقتصرة على الوسائل العسكرية، فالمقاومة الشعبية أجدى، وأكثر استمرارية، وتجربة الانتفاضة الأولى تؤكد ذلك، ألم نكن نتغنى بتلك الانتفاضة إن كنتم تذكرون؟!.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.