نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة لمناقشة كتاب الزميل عرفان نظام الدين "ذكريات وأسرار 40 عاماً في الإعلام والسياسة" الصادر حديثاً عن دار"الساقي"بيروت - لندن. وتركز السجال حول ما ورد في الكتاب بشأن الصحافيين المصريين محمد حسنين هيكل وإبراهيم سعدة، فضلاً عن دور مفترض لعبته الولاياتالمتحدة في تشجيع مصر على خوض"حرب محدودة"ضد إسرائيل في 1973، و"الخداع"الذي تعرض له الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات من جانب صدام حسين عندما قرر الأخير غزو الكويت في 1990، وكذلك ملابسات اغتيال مؤسس صحيفة"الحياة"كامل مروة، وما يثار في شأن"توريث"الحكم في مصر، واغتيال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري، و"اختفاء"الإمام موسى الصدر. أدار الندوة رئيس اتحادي الكتّاب المصريين والعرب محمد سلماوي الذي قال إن نظام الدين نجح في تحويل"التاريخ الحي"إلى"رواية مثيرة". وخلال الندوة تلمس سلماوي العذر للمؤلف لعدم بلوغه"الحقيقة التاريخية"في كثير من القضايا التي تطرق إليها في كتابه. وفي السياق ذاته اعتبر المحلل السياسي الدكتور وحيد عبدالمجيد، أن كتاب نظام الدين هو"عمل مهم جداً سواء اعتبرناه سيرة ذاتية أو سيرة مهنية، أو شهادة على مرحلة طويلة". وفضل عبدالمجيد وصف محتوى الكتاب بأنه"شهادة ضمن حدود وضعها المؤلف نفسه مدخراً جزءاً مما لديه من حقائق لظروف أفضل". وبدأت الندوة بكلمة لعرفان نظام الدين استهلها بالحديث عن القاهرة باعتبارها"عاصمة الثقافة والفن والأدب والإبداع"وتطرق إلى ظروف عمله في صحيفة"الأهرام"العام 1976 عقب اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، بناء على طلب من رئيس تحرير الصحيفة آنذاك الصحافي الراحل علي حمدي الجمال، ثم فوزه بعد ذلك بأول حديث صحافي يدلي به الرئيس حسني مبارك عقب توليه الحكم. وذكر نظام الدين أن كتابه، الذي استغرقت كتابته سنتين، ليس سيرة ذاتية بل هو سيرة الأمة العربية كتبها أحد أبناء"جيل الأهوال"، الذين لم يفرحوا يوماً إلا وبكوا في المقابل أياماً. وأقر نظام الدين بأنه لم يضع في كتابه معلومات تتعلق ببعض الذين رحلوا"لأسباب اخلاقية وانسانية"، واشار الى انه اهتم كذلك بسرد تاريخ الاعلام العربي وتطوره من المحلي الى الدولي او المهاجر ثم بدايات الفضائيات، منتقداً ما تشهده محطات تلفزيونية عربية من إسفاف. ورأى عبد العاطي محمد أن كتاب عرفان نظام الدين"يعيدنا الى الزمن الذي كانت فيه بيروت تكتب ونحن في مصر نقرأ". وقال انه أجهد نفسه في البحث عن"حرائق"في الكتاب من دون جدوى، لكنه توقف عند وصف وجود القوات المصرية في اليمن بأنه"الغزو المصري لليمن"، وقال:"أرفض هذا الوصف"، لكن نظام الدين أوضح أن هذا الوصف ورد على لسان أحد غيره مع اقراره بأن"دخول القوات المصرية اليمن كان خطأ كبيراً كما انه احد اسباب هزيمة 1967". وقال وحيد عبدالمجيد في مداخلته إن الاقتراب من السياسة له كلفة باهظة في العالم العربي لذلك قلّما يكتب سياسي أو صحافي مهتم بالشأن السياسي مذكراته. وأضاف أن كتاب عرفان نظام الدين"يحتوي قدراً لا بأس به من الصراحة، علماً أن ثقافتنا ليست مؤهلة للتعامل مع تقييم الأحداث والشخصيات". وأبدى عبدالمجيد مع ذلك اختلافه مع عرفان نظام الدين لجهة وصفه ياسر عرفات ب"الشهيد الكبير"، معتبراً أن عرفات"ارتكب جريمة كبرى عندما آزر صدام حسين في غزوه الكويت، وترتبت على ذلك كارثة تمثلت في تجفيف منابع تمويل منظمة التحرير الفلسطينية والانسياق نحو اتفاق اوسلو، ومن ثم وأد القضية الفلسطينية". أما مداخلات جمهور الندوة، فبعضها توقف عند ما اعتبره"هجوماً على الرئيس المصري الراحل أنور السادات، واتهام الصحافي محمد حسنين هيكل بالتعالي، وتفنيد ادعاء الصحافي ابراهيم سعدة بأنه رفض العمل في جريدة"الشرق الاوسط"عندما طُلب منه أن يكتب مواضيع تسيء إلى مصر". وأجمل نظام الدين ردوده على تلك المداخلات بالقول إنه استند في كل ما ورد في كتابه إلى وثائق، وأنه يكن كل تقدير واحترام للرئيس السادات وللصحافيين المصريين وللصحافة المصرية عموماً، وقال:"لولا السادات لما تحررت سيناء ولما استفادت مصر من عائدات النفط وقناة السويس".