أكد نائب محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي محمد الجاسر مجدداً إبقاء تسعير النفط بالدولار، بدلاً من تحويله إلى اليورو. واعتبر خلال مؤتمر صحافي عقد على هامش منتدى جدة الاقتصادي التاسع،"ان التصريحات التي أطلقت عن تسعير النفط في المرحلة المقبلة باليورو، سياسية، وأكد أن"الوضع سيبقى في السنوات المقبلة على ما هو"، مشيراً إلى أن الأمور"لا بد من أن تؤخذ في إطارها التاريخي فهي ليست المرة الأولى التي ينخفض فيها الدولار ولن تكون الأخيرة". في الوقت ذاته، نفى الجاسر أن تكون لدى بلاده نيّة لفك ارتباط الريال بالدولار واللحاق بركب الكويت، وشدد على أن تمسك المملكة بقناعتها في استمرار ربط عملتها بالدولار، لا يعود إلى أسباب سياسية، لكنه يرتبط في شكل وثيق بالفوائد التي تجنيها من استمرار النظام الحالي. ولفت إلى أن"الاقتصاد السعودي استفاد كثيراً من ربطه بالدولار، لأنه يرتكز في شكل كبير على تصدير النفط المسعّر عالمياً بالعملة الأميركية"، وأضاف:"لا ينبغي أن يُنظر إلى الأمر في شكل أحادي فنحن لا نملك اقتصاداً متنوعاً مثل أميركا وبعض الدول الأوروبية حتى نعوّم العملة السعودية، اذ أجمع خبراء على أن الاقتصادات المتنوعة هي الأكثر قابلية للتعويم وعدم الارتباط بسلة عملات معينة". وأشار في معرض رده على سبب عدم فك الارتباط بين الريال والدولار، إلى أنه"عندما عوّمت الكويت عملتها وفكت ارتباطها بالدولار لم ينخفض التضخم، وما زال لدى قطر أكبر معدّل تضخم بين دول الخليج، ويعد المعدّل الموجود في السعودية معقولاً إلى حد كبير في ظل الظروف الاقتصادية". وأكد أن التضخم الذي ارتفع في الآونة الأخيرة أمر صحي وحميد،"فالمملكة تمر بطفرة اقتصادية كبيرة لا بد من أن يصاحبها بعض التضخم، وهو أمر يحدث في كل دول العالم. والبرنامج الذي وضعته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز يتعامل مع الأمر في شكل عقلاني وهادئ، حيث يخدم الفئة الأكثر تضرراً من التضخم عبر زيادة الرواتب على مدار السنوات الثلاث المقبلة، ودعم بعض السلع الرئيسة وعلى رأسها الرز والحليب". وشدد نائب مؤسسة النقد على ازدهار الاقتصاد السعودي، إذ"يوجد تنام كبير في الصادرات غير النفطية، ونمو في قطاع المعادن وتنفّذ مشاريع عملاقة في هذا الجانب تصل تكلفتها الإجمالية إلى 20 بليون ريال، بما فيها خط السكة الحديد الذي سينقل المعادن إلى مرافئ التصدير". واستعرض الرئيس السابق لمجلس الاحتياط الفيديرالي آلان غرينسبان في بداية الجلسة، جملة تحولات منذ انهيار جدار برلين والتوجه الرأسمالي في الهندوالصين، لافتاً إلى أن الأخيرة باشرت في تشجيع الاستثمار حتى بلغ حجم الاستثمارات فيها 70 بليون دولار. والتفت إلى حديث الأمير تركي الفيصل البارحة مستشهداً بحال الانتقال التي تمت في السعودية نحو المشاركة في الثروة، وتساءل عن كيفية ترجمة الطفرة الثانية مستهدفاً ارتفاع أسعار النفط، معتبراً أن الطفرة لن تدوم ولا بد من استحداث موارد أخرى وأدوات مغايرة لتجنب العثرات الاقتصادية. ووصف الاقتصاد الخليجي بأنه اقتصاد"ريعي"ولا بد من بذل جهود من جانب خبراء الاقتصاد، لتلافي العثرات والتقليل من التضخم ، واعترف أنه يميل إلى ضرورة تعويم العملة وبناء القرارات الاقتصادية وفق المعطيات. وحول التعاون بين المملكة والولاياتالمتحدة أكد غرينسبان أن التعاون يحدث في شكل اعتيادي مستشهداً بشركة"أرامكو السعودية". وشدد على ضرورة إجادة التعامل مع القطاع الخاص لكي لا يتحول إلى ما سمّاه"زائدة دودية"، مشيراً الى ضرورة تدخل الدولة في هذه العلاقة، والى أن الصين بنت نجاحاتها على التدرج وإدخال إصلاحات إضافية على الاقتصاد لتعزيز العلاقة بين القطاعين، وتجنباً لأية هزات اجتماعية محتملة. وعزا الهزات التي تشهدها سوق النفط العالمية إلى عدم التوازن والمواءمة بين الإنتاج والاستهلاك. وفي مداخلة حول الصيرفة الإسلامية ومدى انتشارها في البنوك الغربية التي فتحت نوافذها للتعاملات الإسلامية أشار إلى أنها تجاوزت الحدود ومواردها كبيرة إضافة إلى زيادة الطلب عليها. وفي اختتام الجلسة شخّص جيم أونيل من مؤسسة"غولدمان ساكس"آفاق الاقتصاد العالمي حتى عام 2050 مستفيضاً في عرض تجربة ما سمّاه النموذج الاقتصادي الجديد والمتمثل في البرازيلوالهندوالصين، مؤكداً أن العالم تقوده الاقتصادات ذات الكثافة السكانية العالية. وأكد أن العالم يشهد تغيراً كبيراً في إدارة الثروة وأن الصين ستتجاوز الولاياتالمتحدة وتنمو اقتصادات الهند 50 ضعفاً، وروسيا والبرازيل 10 أضعاف، وقدر نمو الاقتصاد العالمي بپ4.5 في المئة هذه السنة.