سعت تركيا أمس الى التقليل من أهمية توغلها البري في شمال العراق، وأعلن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أن العملية"محدودة"، وهو ما أكده مسؤولون أميركيون وعراقيون. وبعد ساعات على اعلان الجيش التركي في بيان أن قواته المدعومة بالطائرات توغلت في شمال العراق لمطاردة متمردي"حزب العمال الكردستاني"، أوضح أردوغان في تصريح تلفزيوني"أن أهداف هذه العملية وحجمها وأبعادها محدودة"، مشيراً الى"أن قواتنا المسلحة ستعود الى البلاد في أقصر أجل ممكن وحال تحقيق أهدافها". وشدد على أن التوغل يستهدف فقط متمردي"حزب العمال الكردستاني". وأكد اردوغان اتصاله هاتفياً بالرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لإبلاغهما بالتوغل التركي. وأضاف:"اتصلت هاتفياً بالمالكي أمس الخميس وتحدثت معه عن العملية ... بعيد منتصف الليل اتصلت أيضاً ببوش وأبلغته بالتطورات". وتابع أن تركيا ليست لديها أي نية في المساس بوحدة العراق وسلامته. وقال:"ليس لدينا من هدف سوى حماية مواطنينا وحدودنا ووحدتنا ووحدة ترابنا". وقال ضابط كبير في قوات"التحالف"بقيادة الولاياتالمتحدة الموجودة في بغداد إن"بضع مئات"فقط من الجنود الأتراك يشاركون في عملية ضد المتمردين الاكراد في شمال العراق. وأضاف هذا الضابط الذي رفض ذكر اسمه في تصريح إلى وكالة"رويترز"أن"أقل من كتيبة واحدة... بضع مئات... على الأكثر... من الجنود الأتراك دخلوا في الواقع إلى العراق حيث لدينا القدرة على رؤية ما يحدث". إلا أن محطة"ان تي في"التلفزيونية التركية أفادت أن حوالي عشرة آلاف جندي توغلوا في الاراضي العراقية لمسافة حوالي عشرة كيلومترات. وأكدت قيادة الجيش التركي أن القوات المسلحة"تعلق أهمية خاصة على وحدة وسلامة أراضي العراق واستقراره"، مشيرة الى أن القوات"ستعود الى البلاد في أسرع ما يمكن بعدما تحقق هدفها المحدد وهو شل عناصر المنظمة الارهابية وتدمير بنيتهم التحتية". وتابعت أن عملية التوغل تستهدف حصراً"حزب العمال الكردستاني"المتهم باستخدام شمال العراق لشن هجمات على الاراضي التركية. وجاء في البيان أن الجيش"سيولي العناية الضرورية لتجنب الحاق أي أضرار بالمدنيين والعناصر المحلية غير المعادية للقوات التركية". واعتبر الجيش أن"العملية ستمنع الارهابيين من استخدام المنطقة قاعدة آمنة ثابتة، ما سيسهم في إحلال الاستقرار والسلام داخل العراق". وأفاد شهود أن القوات التركية توغلت حوالي خمسة كيلومترات داخل الحدود العراقية فيما زار رئيس أقليم كردستان مسعود بارزاني محافظة دهوك القريبة من الحدود التركية لتفقد قوات البيشمركة هناك. ونقلت وكالة"أصوات العراق"عن مسؤول رفيع في قوات البيشمركة الحدودية أن"العمليات تجري حتى الآن داخل الحدود التركية في مناطق الزاب وخوا كرك". ونفى المسؤول العسكري وقوع أي توغل داخل الحدود العراقية"حتى الآن". وتتهم أنقرة"العمال الكردستاني"الذي يتخذ من شمال العراق معقلاً له منذ ثمانينات القرن الماضي بشن أعمال"إرهابية"داخل تركيا وهددت أكثر من مرة مناطق اقليم كردستان باجتياحها في حال استمرار نشاط الحزب ضد القوات التركية. وقال الناطق باسم الجيش الأميركي الاميرال غريغوري سميث تعليقاً على العملية العسكرية إن هناك ادراكاً بأن تكون العملية محدودة وقصيرة الأمد وتستهدف في وجه خاص مقاتلي"حزب العمال الكردستاني"في الاقليم الكردي من العراق. وأضاف سميث في بيان أصدره الجيش الأميركي أن"تركيا قدمت ضمانات بأنها ستفعل أي شيء ممكن لتجنب أي اضرار جانبية لمواطنين ابرياء او للبنية التحتية الكردية". وكان الخلاف احتدم في شكل كبير بين العراقوتركيا في أيلول سبتمبر العام الماضي بعد حشد أنقرة حوالي مئة ألف عسكري على الحدود العراقية لملاحقة"العمال الكردستاني"بعد تنفيذه عمليتين ضد جنوده أوقعت ثمانية قتلى. وسبق أن وافق البرلمان التركي على مذكرة قدمتها حكومة أردوغان منتصف تشرين الاول اكتوبر العام الماضي، تتضمن منح الضوء الاخضر للجيش التركي لفترة سنة لشن عمليات في شمال العراق. وكان رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان العراق فؤاد حسين اعلن لوكالة"فرانس برس"ليل أول من أمس أن"الجيش التركي الذي كان في قواعد قديمة داخل اقليم كردستان في محافظة دهوك حاول التحرك من قواعده وأخرج دباباته". وتابع أن القوات الكردية البيشمركة"حاولت منعه من التحرك لكنه اصر على ذلك"، معتبراً الموقف"حساساً ومقلقاً". لكن لم تحصل اشتباكات بين الطرفين. وأعلن اللواء جبار ياور الناطق الرسمي باسم قوات حرس الاقليم الكردية أن"المدفعية التركية قصفت قرى في مناطق سيدكان وخواركورك شمال محافظة اربيل"لكن"القصف لم يسفر عن سقوط ضحايا". وفي دياربكر، أكدت مصادر محلية تحرك مدرعات تركية قرب الحدود العراقية ليل أول من أمس. وأوضحت أن وحدة للدبابات متمركزة على بعد حوالي عشرة كيلومترات من معبر الخابور تحركت باتجاه الحدود العراقية وانتشرت على طول الخط الفاصل بين تركياوالعراق.