لاحظت مؤسسات عقارية إقليمية تراجعاً في نشاط الإقراض لغايات التمويل العقاري في الإمارات، كرد فعلٍ مباشر لتأثر معنويات المستثمرين والمزاج العام في الأسواق، جراء تهاوي مؤشرات الأسعار في أسواق المال، إضافةً إلى شح السيولة والائتمان المنكمش إقليمياً وعالمياً. وأظهرت بيانات غير رسمية تراجعاً في نشاط التمويل والرهن العقاريين في الإمارات، بنسبة 25 في المئة خلال الصيف الماضي، مقارنة بالفترة ذاتها قبل سنة. وأشار تقرير أصدرته"المزايا"القابضة أمس، إلى أن مصارف الإمارات اضطرت إلى التشدد في منح الائتمان نتيجة ظروف الأسواق العالمية، وانعكاسها على الأسواق الإقليمية، إذ منيت المصارف بخسائر دفترية جسيمة دفعتها إلى توخي الحذر في الإقراض وفي منح الائتمان للقطاع العقاري المرشح للتباطؤ هو الآخر. وبيّن التقرير، أن مصارف قلّصت أحجام القروض الممنوحة إلى الزبائن الجدد لتغطي 70 في المئة فقط من قيمة العقار، في مقابل ما يصل إلى تمويل 90 في المئة قبل شهور، بهدف التحوّط ضد انخفاضات محتملة في سوق العقارات في دبي على وجه التحديد. وتأثرت منطقة الخليج العربي بأزمة الائتمان العالمية، على رغم"قوة الاقتصاد ومتانة الأسس التي يرتكز عليها"، نتيجة تأثير الكساد العالمي بشكل سلبي على نفسية المستثمرين، كما انعكس بالقدر ذاته على سوق الأسهم التي استنزفت سيولته، ما دفع المستثمرين إلى تبني نهج الترقب والانتظار واستراتيجيتهما. وأشار تقرير أصدرته مؤسسة"كوليرز العقارية"، إلى أن الأدوات الأساسية للسوق العقارية في المنطقة، ستعود نشطة خلال العامين المقبلين. ويفسر المدير الإقليمي للشركة إيان ألبرت، حالة الاستثمار الانتهازي التي سادت الأسواق الإقليمية، حيث سعى مطورو العقارات إلى تكرار نجاح تجربتهم العقارية الأولى، عن طريق بناء منتجات مماثلة لسابقاتها وعلى نحو أكبر. أما المناخ الحالي للاستثمار، فإن تجزئة السوق وتقديم منتجات مميزة هي عوامل النجاح. وتشير أرقام المصرف المركزي الإماراتي حتى أيلول سبتمبر الماضي، إلى أن حجم الإقراض العقاري في الدولة بلغ 64 بليون درهم 17.5 بليون دولار، ارتفاعاً من 58 بليوناً في 2007. ولم ينجح تدخل حكومة الإمارات بضخها 120 بليون درهم للسيطرة على ارتفاع أسعار الفائدة واستعادة الثقة عبر ضمان الودائع في غالبية الدولة، في خفض أسعار الفائدة بين المصارف، إلا قليلا، دليلاً على استمرار الترقب والحيطة من قبلها، لما يمكن أن يحدث. ولعل التشدد في الائتمان وصعوبة الحصول على سيولة، دفع"أملاك"و"تمويل"للتمويل العقاري، إلى الدخول في مفاوضات اندماج لجمع الجهود وتحييد الأخطار المتقاطعة خلال المرحلة المقبلة. وتتواصل محادثات الاندماج بين"أملاك للتمويل"و"تمويل"بحيث بدأت الشركتان التشاور مع المساهمين الرئيسين في كل منهما، بهدف تكوين كيان يتمتع بمزيد من القوة والمتانة، يتعامل بفاعلية مع الفرص الجاذبة على الصعيدين المحلي والإقليمي من جهة، ومواصلة تقديم مزيد من القيمة إلى حملة الأسهم، والحكومة، والاقتصاد المحلي، والزبائن والموظفين من جهة أخرى. وأكد تقرير أصدرته مؤسسة"ستاندرد آند بورز"العالمية، أن تأثير أزمة الائتمان العالمية على الإمارات سيكون موقتاً، ويعزى إلى عوامل متغيرة تشمل نشاطات المضاربة، وربط الدرهم الإماراتي بالدولار، إضافة إلى سرعة النمو المحلي في السنوات الأخيرة، وتزايد المخاوف المتعلقة بقطاع العقارات. وفي حين أن بيئة التمويل ستصبح أكثر تحدياً، فإن ذلك لن يؤثر كثيراً على الملاءة المالية للشركات الكبيرة، بحسب التقرير، الذي رجح احتواء أخطار إعادة التمويل للشركات. وحذر من أن استمرار سيناريو أزمة الائتمان سيؤثر سلباً على النمو الاقتصادي للبلد، مقترحاً تخفيف وتيرة النمو، الذي من شأنه أن يخفف اختناقات البنية الأساسية والموارد التي تعرضت لضغوط التضخم، والحد من اخطار زيادة العرض في سوق العقارات. وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني، أن تواصل دول الخليج المصدرة للنفط تحقيق فوائض في الموازنة، إذا بلغ متوسط سعر النفط 79 دولاراً للبرميل عام 2009، لكن الموازنات في المنطقة ستعاني، في ظل استمرار أي انخفاض حاد في سعر الخام.