وافق مجلس الشورى البرلمان الإيراني أمس، على مناقشة مشروع قانون للإصلاح الاقتصادي قدمه الرئيس محمود أحمدي نجاد، لإلغاء الدعم الحكومي عن سلع أساسية بينها البنزين والكهرباء، والاستعاضة عنه بتقديم مساعدات مباشرة للمحتاجين بهدف التعويض عن ارتفاع الأسعار. لكن المشروع جوبه بمعارضة نواب اعتبروا انه سيزيد التضخم في البلاد. وعلى رغم عدم وضوح تفاصيل مشروع القانون، في صيغته المعدلة والنهائية المقدمة الى مجلس الشورى، إلا أنه يشدد على خصخصة القطاع العام وتعديل النظام الضريبي، في مقابل تقديم دعم مالي في شكل نقدي للطبقات الاجتماعية ذات الدخل المحدود. ويسعى المشروع إلى رفع الدعم الحكومي عن السلع الضرورية، وبينها النفط ومشتقاته والكهرباء، إضافة الى السلع الضرورية المقدمة للمواطنين عبر نظام البطاقات التموينية المعمول به منذ بداية الحرب العراقية - الإيرانية في 1980. وتحظى أسعار منتجات الطاقة والكهرباء والمياه والخبز، بدعم كبير في إيران. وتشير الأرقام الرسمية الى ان حجم الدعم المباشر وغير المباشر للاقتصاد، يصل الى نحو مئة بليون دولار سنوياً. ويباع البنزين ب10 سنتات أميركية لليتر، على رغم أن الحكومة طرحت العام الماضي خطة لتقنين الاستهلاك، بتحديد كميات الوقود المدعوم للسائقين. وقال احمدي نجاد ان مشروع القانون يستهدف"مواجهة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وإلغاء التمييز والسعي الى تقدم الاقتصاد الإيراني"، مضيفاً ان المرشد علي خامنئي"وافق على الإطار العام والأساس الذي استند إليه". وأضاف ان"الدعم مستحيل من دون تصحيح الأسعار، لذلك يجب تصحيح الأسعار وأن تصبح معبرة عن الحقيقة قدر المستطاع". وزاد:"انخفاض أسعار النفط يشجعنا على المسارعة الى اعتماد مشروع القانون، وحان الوقت لاتخاذ قرار". ولفت الى ان المواد التي تتلقى الدعم تفيد خصوصاً أصحاب المداخيل المرتفعة، مشيراً الى ان الحكومة ستدفع 60 في المئة من الأموال الناتجة من ارتفاع الأسعار، الى الطبقات الفقيرة وأصحاب الأجور المنخفضة. وقال ان المشروع يستهدف أيضاً الحد من اعتماد إيران على عائدات النفط. وأعلن ان مساعدة مباشرة تراوح بين 450 الفاً و700 ألف ريال 45 - 70 دولاراً، ستوزع على 70 في المئة من الأفراد الأكثر احتياجاً، من دون ان يحدد حجم هذه الشريحة التي ستقدم إليها المساعدات في بلد يصل عدد سكانه الى 70 مليون شخص. وكانت الصحف الإيرانية نقلت عن مساعد مدير المصرف المركزي رامين باشيفام ان سعر البنزين والكهرباء 0.6 دولار لكل 10 كيلوات/ ساعة قد يتضاعف أربع مرات، إذا اعتمد مشروع القانون. وأوضح ان خطة المساعدة المباشرة تنص على دفع 195 ألفاً الى 260 ألف ريال 20-26 دولاراً، الى المصنفين فقراء أو أصحاب الدخل المنخفض، إذا كان سعر النفط 35 دولاراً للبرميل. ورأى باشيفام ان إلغاء الدعم سيؤدي الى زيادة معدل التضخم بنسبة 11 - 15 في المئة خلال 12 شهراً، لكن بعض الاقتصاديين يتحدث عن أرقام أعلى. وكان التضخم تراجع في الأسابيع الماضية، بعدما بلغ نحو 30 في المئة. لكن نجاد اعتبر ان أي ارتفاع في الأسعار لن يستمر أكثر من 12 - 18 شهراً. وكان تجاهل أثر تراجع أسعار النفط، معتبراً ان بإمكان إيران ان تتحمل ثلاث سنوات،"ولو انخفض سعر النفط الى صفر". ويؤمّن النفط 80 في المئة من العائدات الخارجية لإيران. ولقي مشروع القانون معارضة الاصلاحيين والمحافظين على السواء. فالإصلاحيون الذين يركزون على المشكلات التي تعانيها حكومة نجاد لتوظيفها في الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران يونيو المقبل، يحاولون التشكيك بإمكان نجاح الخطة، بحجة عدم وضوح آلية تنفيذها وعدم وجود الفريق الاقتصادي المهيأ لادارة هذه الإصلاحات الاقتصادية المهمة. اما المحافظون الذين يسيطرون على غالبية مقاعد البرلمان، فيخشون من عدم إمكان تنفيذ المشروع أو حصول تلكؤ في تنفيذه بشكل يجعل معالجته متعذرة خلال الأشهر القليلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية، ما سيثير متاعب للحكومة ويؤثر سلباً على ترشح نجاد لولاية ثانية. لذلك، دعت شريحة كبيرة من المحافظين، في مقدمها رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، الى تأجيل تنفيذ مشروع القانون الى ما بعد الانتخابات الرئاسية، لئلا يدخل عاملاً فيها لمصلحة الإصلاحيين، خصوصاً في ظل الأعباء الاقتصادية التي ترتبها عقوبات فرضها مجلس الأمن بسبب البرنامج النووي الإيراني، وانخفاض أسعار النفط. نشر في العدد: 16707 ت.م: 31-12-2008 ص: الاولى ط: الرياض عنوان: ايران : مشروع نجاد لإلغاء دعم سلع أساسية يلقى معارضة