لم تعد المسلسلات الكوميدية عامل جذب للمنتجين، خصوصاً مع بزوغ نجم مسلسلات ال"ست كوم"التي تستند إلى الاستسهال، سواء لناحية النص، او الديكور الواحد، أو الممثلين المعدودين، أو الكلفة الإنتاجية المنخفضة. ويعزو كاتب السيناريو لينين الرملي، احد ابرز كتاب المسلسلات الكوميدية مثل"ميزو"و"رحلة المليون"و"سنبل بعد المليون"، ندرة العمل الكوميدي على الشاشات العربية الى صعوبة تناول مثل هذه النوعية. ويضيف:"تتبنى جهات الإنتاج منهج"ضع العربة أمام الحصان"، بمعنى أن تأتي بالفنان ثم الكاتب الذي يطلب منه تأليف عمل فني على مقاس هذا الفنان، بعكس ما كان متبعاً قديماً، إذ كان الكاتب والمخرج يبحثان معاً بعد انتهاء الكتابة عن الممثل الأنسب للدور بصرف النظر عما إذا كان مشهوراً أم لا". ويتذكر الرملي عندما أتى بمحمد صبحي في مسلسل"علي بيه مظهر"، وبفردوس عبدالحميد في مسلسل"ميزو"على رغم انهما لم يكونا مشهورين في حينها". ويقول:"لعل احد ابرز عوامل الابتعاد عن المسلسلات الكوميدية هو استخفاف بعض الأعمال التي عرضت في السابق بعقلية المشاهد من خلال الإسهاب بالنكات الهابطة والمواقف المفتعلة". وعن رأيه في مسلسلات ال"ست كوم"، يقول:"ينطبق على المسلسلات الكوميدية الطويلة ما ينطبق على ال"ست كوم"، إذ هناك تجارب جيدة وأخرى سيئة، مثل احد المسلسلات الذي أتى بنجم سينما لمجرد انه أدى بعض الأدوار الكوميدية على رغم انه ليس بكوميدي على عكس اشرف عبدالباقي الذي تناسبه ادوار الكوميديا. أضف الى ذلك إن غالبية المنتجين يلهثون وراء الربح السريع فيضخون موازنة صغيرة وينتظرون عائداً كبيراً بصرف النظر عن الاهتمام بالعناصر الفنية"، مشيراً إلى أن"كل كوميديا تحمل ضحكاً لكن كل ضحك لا يحمل كوميديا". ويتفق الكاتب بلال فضل، مؤلف مسلسل"هيمه أيام الضحك والدموع"مع الرملي في أن الكوميديا باتت عملة نادرة على الشاشات، ويقول ان من الصعب اضحاك المشاهد، خصوصاً المصري. ويضيف:"لا يمكن إنكار أن المشاهد أضحى يملّ من العمل الدرامي الطويل الزاخر بالأحداث، لذا فإن ال"ست كوم"بديل فاعل يمكن أيضاً تصنيفه كمسلسل درامي ولكن، قصير. فالمشاهد يريد التشويق والبسمة بعيداً من المطّ والطويل، وال"ست كوم"اثبت نجاحاً كبيراً في ذلك وأصبح له جمهور عريض". ويرفض فضل تحميل المسلسلات الكوميدية اكثر مما تحمل، مثل الحديث عن معالجة سلبيات المجتمع من خلالها، ويقول ان هدف المسلسل الكوميدي هو الإضحاك وإسعاد المشاهد أولاً وأخيراً. ويقدم دليلاً على ذلك من السينما، إذ يقول ان فيلم"كراكون في الشارع"لعادل إمام ناقش أزمة الإسكان في مصر، لكنها لم تحل الى اليوم. ولا يرى باسم شرف، احد كتاب ست كوم"تامر وشوقية"و"راجل وست ستات"أن ال"ست كوم"سحب البساط من تحت أرجل الدراما الكوميدية، ويعتبر ان"كل ما في الأمر هو ان فناني الكوميديا يفضلون السينما على مسلسل من ثلاثين حلقة". ويعزو نجاح ال"ست كوم"الى سهولة تناوله من الناحية الفنية ولكلفته الإنتاجية الصغيرة. ويرفض شرف اعتبار ال"ست كوم"ظاهرة وستنتهي، مشدداً على أن"أسهم هذه النوعية من الأعمال مثلها مثل السينما والدراما التلفزيونية ستزداد في أوقات معينة، بينما سيعزف عنها الجمهور في أوقات أخرى، لكنها في الحالين أصبحت واقعاً فنياً لا يمكن إغفاله". ويضيف ان ال"ست كوم منتشر في الولاياتالمتحدة منذ خمسينات القرن العشرين، وما زال مستمراً حتى الآن بنجاح كبير وله قاعدة جماهيرية كبيرة، لكن هذا لا ينفي أن هناك استسهالاً في كتابته، وهناك حلقات فشلت عن جدارة". ويرى أن ال"ست كوم"هو أسرع وسيلة للوجوه الجديدة الموهوبة للإعلان عن أنفسهم، إذ انه كان سبب شهرة مي كساب واحمد مكي وسامح حسين". وحين يُسأل الناقد الفني طارق الشناوي عن سبب انحسار المسلسلات الكوميدية، يجيب:"هناك بديل لا يمكن إغفاله، يتمثل بمسلسلات ال"ست كوم"ذات الإيقاع الأسرع والأكثر جاذبية، وهو ما يتماشى مع فن الكوميديا في شكل عام، إذ إن غالبية ما يعرض من مسلسلات كوميدية تخلت عن توجهها الكوميدي. ولكن هذا لا يعني أن كل ما عرض من"ست كوم"كان على مستوى جيد". ويوضح الشناوي أن"للسوق آلية تحكمه وهي التي تؤدي الى نجاح العمل أو فشله، وهي تتمثل في اتباع الموجة السائدة أو التي يقبل عليها الجمهور، فإذا نجحت مسلسلات السير الذاتية تُنتج مسلسلات من هذا النوع وهكذا". ويضيف:" إن إقبال الجمهور على ال"ست كوم"ادى الى رواج هذا النوع، من هنا راحت شركات الإنتاج تتجه الى هذه النوعية". ويرى الشناوي أن إنتاج عمل كوميدي من اجل الإضحاك فقط ليس فيه أي حرج، ويقول:"لست ضد فكرة الكوميديا من اجل الكوميديا لأن من الممكن إنتاج عمل فني كوميدي لا يناقش أي قضية أو أزمة ويكون جيداً، لكن هذا لا يمنع المسلسل الكوميدي من أن يحمل قضية ويسلط الضوء عليها". نشر في العدد: 16705 ت.م: 29-12-2008 ص: 34 ط: الرياض