زار الرئيس الروسي، ديميتري ميدفيديف، الهند، وأعلن تضامنه معها في مواجهة الحوادث الدامية التي شهدتها مدينة مومباي، واستعداد روسيا للتعاون معها في محاربة الإرهاب. ونجح ميدفيديف في تعزيز العلاقات الروسية ? الهندية في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وأُبرم اتفاق مشترك تشتري الهند بموجبه 80 طائرة مروحية عسكرية روسية. وأبرز إنجازات هذه الزيارة الاتفاق على التعاون لتشييد أربع مفاعلات لإنتاج الطاقة النووية، وإقامة محطات كهربائية تستهلك الطاقة النووية. وبذلت جهود مضنية لعقد اتفاق يرضي الطرفين. وإثر إلغاء الحظر النووي على دلهي، بحثت الهند في قروض مغرية قدمها مقاولون أميركيون، ولكنها اختارت التعاون مع موسكو. ويجب البحث عن سر نجاح روسيا في تسويق إنتاج الطاقة النووية السلمية في السوق الهندية في مكان آخر. فالشركة الهندية الحكومية"أو. ف. لز"اشترت الشركة البريطانية،"إمبريال اينيرجي"، وهذه تنقب عن الطاقة في منطقة تومسك الروسية، ب 2.6 بليونين دولار. وهذه الصفقة من أضخم الصفقات الهندية في قطاع النفط والغاز الروسي. وحازت الشركة البريطانية 12 رخصة للتنقيب عن النفط واستخراجه في روسيا، ورخصة واحدة في كازاخستان. وملكية الهند هذه الشركة تخولها تكريس مكانتها في السوق الروسية، وتجاوز منافستها التقليدية في الصراع على النفط والغاز، شركة"سينويك"الصينية. وفي 2001، دعت روسيا شركة"أو ف لز"للمساهمة في مشروع"ساخالين ?1"بالشرق الأقصى. وحازت هذه الشركة 20 في المئة من المشروع، هي حصة الشركة الأميركية"إكسون موبيل". وبذلت الشركة جهوداً كبيرة لشراء أصول أخرى، ولكن مساعيها باءت بالفشل، ما أثار حفيظة دلهي. فهددت بإلغاء التعاون العسكري ? التقني مع موسكو. وهذه ردت بالتلويح بتغيير وجهة صادراتها، وإرسالها الى دول مجاورة للهند، مثل باكستان. ولا شك في أن اتفاق التعاون الروسي مع دلهي في مجال الطاقة النووية هو مصدر مكاسب كبيرة. ويبلغ ثمن المفاعلات الأربع التي اشترتها الهند نحو ثمانية بلايين يورو. وقد تدعو روسياالهند الى التنقيب عن مصادر الطاقة في سيبيريا الشرقية، والشرق الأقصى، والمنطقة المحاذية للقطب المتجمد الشمالي. ويبدو أن زيادة حجم التبادل التجاري بين روسياوالهند بلغت الثلث في العامين الأخيرين. ومعظم السلع يتمتع بقيمة مضافة عالية، ومنها السلع التكنولوجية المتطورة. وتميل موسكو الى سياسة تنويع التبادل التجاري الروسي ? الهندي، والتركيز على السلع التكنولوجية المتطورة، والانتقال من مرحلة تبادل تجاري عادي الى مرحلة إنتاج سلع مشتركة. ولكن أرقام التبادل التجاري بين روسياوالهند متواضعة، ولا تزيد عن 5،3 بلايين دولار. ويشمل التعاون الروسي ? الهندي مجال التكنولوجيا المتطورة، وبناء الطائرات، وإنتاج الطاقة الذرية. وروسيا قوة تنافسية في هذه المجالات. وتعاونها مع الهند يعزز موقعها القيادي على المستوى العالمي. لذا، لا يرمي التعاون بين البلدين الى تحريك عجلة التبادل التجاري فحسب، بل الى إرساء أسس علاقة استراتيجية دائمة. والحق ان العلاقات بين هذين البلدين الضخمين، واقتصادهما في طور النمو، تحيلهما مارداً عملاقاً قدماه من طين أو فخار. فهو يعجز عن انتشال الاقتصاد العالمي من مستنقع الأزمة المالية. ولكن هل يمهد التقارب بين موسكو ودلهي لنشوء المثلث الاستراتيجي بين موسكو وبكين ودلهي الذي اقترحه يغفيني بريماكوف قبل عقد من الزمن ؟ ففي موسكو، ترتفع أصوات تنادي ب"المشروع الوطني الشرقي"، قبل الانتقال الى مشروع الجانب الغربي، وتدعو الى بعث فكرة المثلث، على رغم الصعوبات. وأفلحت روسيا، في العقد الأخير، في إعادة توجيه سياستها نحو الشرق، وانتهجت سياسة غير أحادية تتناسب مع وزنها الحقيقي دولياً. وتنصب المساعي على التوصل الى حلول سريعة للمشكلات المترتبة على الأزمة المالية ? الاقتصادية العالمية في كثير من البلدان حول"المثلث"، وفي مربع البرازيلوروسياوالهند والصين. وهذا المربع، شأن المثلث، يسهم في إرساء الاستقرار في عالم متعدد الأقطاب. وهذا الاتجاه في السياسة الخارجية الروسية يلقي الضوء على أهداف الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف من زيارته أميركا اللاتينية والهند. عن فاليري سيتشوفا،"إيتوغي ري"الروسية، 8/12/2008 نشر في العدد: 16700 ت.م: 24-12-2008 ص: 25 ط: الرياض