قررت الحكومة العراقية اتخاذ اجراءات تقشفية لملاحقة الانخفاض المستمر في اسعار النفط، فيما اكد"الائتلاف العراقي الموحد"أنه لن يصوت على موازنة لا تراعي النسب السكانية للمحافظات في ظل اصرار"التحالف الكردستاني"على اعطاء اقليم كردستان العراق نسبة 17 في المئة من الموازنة العامة. وحمّل بعض الكتل البرلمانية الحكومة مسؤولية"الضائقة المالية"التي يمر بها العراق، مؤكداً"انها نتيجة حتمية لعدم وجود سياسة اقتصادية مدروسة لدى الحكومة وعدم اهتمامها بإعادة اعمار البنى التحتية للثروة النفطية في البلاد". وكان من المقرر ان تكون الموازنة الاتحادية بحدود 79 بليون دولار الا ان انخفاض اسعار النفط، التي يعتمد عليها اقتصاد العراق بنسبة 96 في المئة، دفع الحكومة الى سحب مشروع الموازنة لإعادة النظر فيه على ضوء الاسعار الحالية للنفط. وقال النائب عن كتلة"الفضيلة"جابر خليفة ل"الحياة"ان"الحكومة خفضت في البداية الموازنة 15 بليون دولار، وهي تدرس الآن تخفيضاً آخر"نتيجة لهبوط اسعار النفط العالمية الى 34 بليون للبرميل، اي ان برميل النفط العراقي سيكون سعره 25 دولاراً، مرجحا ان"تصبح موازنة 2009 بحدود 40 او 45 بليون دولار". واعرب خليفة، وهو عضو لجنة النفط والغاز في البرلمان، عن تشاؤمه"من قدرة الحكومة على توفير هذا المبلغ". وحمل الحكومة مسؤولية الازمة المالية التي تواجهها البلاد"لعدم وضعها سياسة اقتصادية مدروسة وعدم اعادة اعمار البنية التحتية للثروة النفطية، ما جعل العراق يصدر اقل من مليون ونصف مليون برميل يومياً"، لافتا الى ان"العراق كان يمكن ان يعوض انخفاض اسعار النفط لو تمكن من رفع سقف انتاجه الى 3 ملايين برميل يوميا". وعن موقف"الفضيلة"من طريقة توزيع الموازنة على المحافظات والاقاليم العراقية، قال خليفة:"سنصر على توزيع الموازنة حسب النسب السكانية للمحافظات والاقاليم"، مشيرا الى انه"لو تم ذلك فستكون حصة اقليم كردستان اقل من 13 في المئة". لكن النائب عن"التحالف الكردستاني"محمود عثمان اكد ل"الحياة"ان"هناك اتفاقا بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان على ان تبقى نسبة اقليم كردستان 17 في المئة لحين اجراء احصاء سكاني". وقال:"اذا كانت نسبة 17 في المئة اكثر من الاستحقاق فإن اقليم كردستان عليه ان يعيد المبالغ المتجاوزة لاستحقاقه". وطالب عثمان الكتل السياسية ب"عدم عقد صفقات من خلال زج مشاريع قوانين وقرارات اخرى مع الموازنة". وكان البرلمان العراقي اجرى القراءة الاولى للموازنة الاتحادية نهاية الشهر الماضي الا ان الحكومة سحبت الموازنة لتعديلها اثر انخفاض اسعار النفط. وكان النائب عن"الائتلاف العراقي الموحد"الشيخ جلال الدين الصغير أعلن خلال خطبة الجمعة أول من أمس ان"الائتلاف أبلغ وزير المال بيان جبر صولاغ بأنه يصوت لصالح تمرير الموازنة المالية لعام 2009 ما لم تراع اعداد السكان في كل محافظة"خصوصاً انه"تسببت في خلق نوع من البطالة المقنعة وقللت فرص العمل"، لافتاً الى ان"الموازنة المقترحة لا تعطي الحق المفترض اعطاؤه لجميع المحافظات بالتساوي"، مشددا على"ضرورة وضع الموازنة حسب التعداد السكاني لكل محافظة". وتساءل الصغير:"لماذا نعطي محافظات اقليم كردستان حسب التعداد السكاني ونترك المحافظات الجنوبية التي باتت تعيش حالة من الكفاف؟ وبماذا تتميز المحافظات الشمالية عن باقي المحافظات". على صعيد آخر أعلن وزير التخطيط علي بابان ان"انخفاض أسعار النفط لن يؤثر سلبا في رواتب الموظفين في موازنة العام المقبل". وأوضح بابان في تصريح صحافي ان"التخفيض سيشمل موازنات تنمية الاقاليم التي من المرجح أن تنخفض الى النصف في العام المقبل، اضافة الى بعض النفقات التشغيلية الأخرى في موازنة الوزارات جميعها". وأضاف بابان ان"وزارة التخطيط تعمل بالتعاون مع الوزارات المعنية على إصدار مشروع قانون موازنة احتياطي يوضع بجانب قانون الموازنة الرئيسي ليتم العمل به في حال أصبحت أسعار النفط بعيدة عن السعر المعتمد في الموازنة، وفي حال إقرار المشروع سيصبح قانوناً بديلاً أو احتياطياً لقانون الموازنة". وكانت الحكومة العراقية قررت اتخاذ اجراءات تقشفية لملاحقة الانخفاض المستمر في اسعار النفط والازمة المالية العالمية بالاضافة الى اعتماد سعر جديد للنفط وخفض الموازنة التشغيلية ومخصصات الوزراء ومنع استئجار الطائرات الخاصة. وقال بيان للأمانة العامة لمجلس الوزراء،"إن المجلس صادق على توصيات اقترحتها اللجنة الاقتصادية تستهدف الحيولة دون تأثير الأزمة المالية العالمية في الوضع الاقتصادي". واضاف أن"اللجنة كانت توصلت الى اعتماد سعر 50 دولاراً لبرميل النفط وتصدير مليوني برميل يومياً، كأساس لبناء الموازنة العامة للدولة لعام 2009، وخفض الموازنة التشغيلية والموجودات غير المالية للرئاسات الثلاث بنسبة 80 في المئة عدا الرواتب والأجور، إضافة الى خفض مخصصات الوزارات لشراء السيارات أو الاثاث بأنواعه، و خفض المنافع الاجتماعية بنسبة 50 في المئة". واكد البيان أن اللجنة قررت"منع استئجار الطائرات الخاصة بشكل مطلق للجهات كافة عدا الرئاسات الثلاث، وعدم إعادة تعيين المفصولين السياسيين إلا بعد موافقة لجنة التحقيق في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وحصر رواتب شبكة الرعاية الاجتماعية بالفقراء والمحتاجين، والتوجه نحو منح إجازة رابعة للهاتف النقال". واشار الى ان اللجنة قررت قيام وزارة المال بإصدار الضوابط المتعلقة بالإيفادات والدورات التدريبية خارج العراق. نشر في العدد: 16697 ت.م: 21-12-2008 ص: 12 ط: الرياض عنوان: استمرار الخلاف بين "الائتلاف" الشيعي والأكراد حول حصة إقليم كردستان من الموازنة