توقع عدد من النواب العراقيين إقرار موازنة 2018 من دون تعديلات تعبر عن مطالب الكتل السياسية، مؤكدين وجود نوايا لبعض الكتل بتأخيرها للوصول إلى وقت حرج يستحيل معه التأجيل خوفاً من ردود فعل الشارع العراقي. وأعلن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن «جلسات الأسبوع الحالي، وبعد الانتهاء من تمرير قانون الانتخابات، ستخصص لمناقشات الموازنة وإقرارها في أقرب وقت ممكن إذ إنها من الأولويات التي تؤثر مباشرة في حياة المواطنين». وتوقعت مسودة القانون إيرادات تتجاوز 85.331 تريليون (71 بليون دولار)، من ضمنها إيرادات نفطية بنحو 72 تريليون دينار، على أساس سعر برميل النفط 43.4 دولار. وقالت نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية نورة البجاري إن «رئاسة مجلس النواب قررت تشكيل لجنة برلمانية مشتركة لبحث بنود القانون تضم نواب لجنتي المالية والاقتصاد والاستثمار ومن الممكن مشاركة نواب اللجان الأخرى لضمان الاتفاق عليها قبل رفعها للتصويت النهائي». وأضافت أن «الكل يعلم أن اتحاد القوى الذي تنضوي تحته كل الكتل السنية، تقدم ب11 نقطة يجب تضمينها القانون، وغالبيتها تتعلق بمستحقات المحافظات المحررة التي لم تشمل كل الحقوق خلال السنوات الثلاث الماضية، وتخصيص مبالغ لإعادة إعمارها والنهوض بأدائها الخدمي بعد تعرضها لدمار بنسبة 85 في المئة جراء احتلال عصابات داعش والعمليات العسكرية». ووضعت مسودة قانون الموازنة، على أساس تصدير النفط بمعدل 3.8 مليون برميل يومياً، من ضمنها 250 ألف برميل من نفط إقليم كردستان، و300 ألف برميل من نفط محافظة كركوك. وأضافت البجاري أن «على الحكومة حسم ملف نفط الإقليم بالكامل، فحكومة الإقليم لا تمانع تسليم النفط إلى شركة سومو التابعة لوزارة النفط الاتحادية، لكن الخلاف هو على مستحقات الشركات الاستثمارية الأجنبية العاملة في آبارها، والتي تدين لها بمبالغ طائلة تصل إلى 7 بلايين دولار». ونفت حكومة إقليم كردستان بعد انتهاء جولتها التفاوضية في بغداد ما أعلنه مكتب رئيس الوزراء عن الاتفاق على تسليم نفط الإقليم إلى الحكومة المركزية، مؤكدة أن هذا الملف لم يُناقش. وأظهرت الوثائق أن «إجمالي النفقات يقدر بأكثر من 108.113 تريليون دينار، من ضمنها مبلغ أقساط الدَين الداخلي والخارجي الذي يقدر بأكثر من 8.246 بليون دولار». وستقر الموازنة بعجز مخطط يصل إلى أكثر من 22.782 تريليون دينار، يغطى من الاقتراض الداخلي والخارجي ومن مبالغ النقد في حساب وزارة المال الاتحادية، ونسبة من الوفر المتوقع لزيادة أسعار النفط والتوسع في نطاق الضرائب والرسوم. وأوضح النائب برهان المعموري أن «قانون الموازنة يأتي كل مرة مثقلاً بالمشكلات التي لا حلول لها، والسبب هو أن الاقتصاد العراقي لا يزال ريعياً يعتمد على مصدر وحيد وهو النفط. وحتى الآن لا يمكن الاعتماد على أي قطاع آخر يضيف إلى الناتج المحلي الإجمالي أرقاماً ذات تأثير قوي». وأضاف: «بحسب التقديرات فإن عائدات النفط المتوقعة في ظل الأسعار الحالية التي تراوح بين 68 و72 دولاراً، لن يتجاوز في أحسن الظروف 75 تريليون دينار، فيما خمن خبراء إعداد الموازنة أن الإيرادات غير النفطية ستتجاوز 12 تريليون دينار، لكنها مجرد توقعات كما يحدث كل سنة، بينما في الواقع لن تتخطى 5 تريليون بسبب التهاون في تنفيذ القوانين الضريبية والفساد». واعتبر خبراء أن عملية تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية أمر معقد جداً في العراق، إذ كلما حاولت الدولة تحقيق فائض في الإيرادات لتعزيز الاستثمار والمشاريع التنموية، تتوسع في الوظائف والرواتب، التي تستنزف حالياً 50 في المئة من إجمالي الإيرادات، وحتى التوسع في التصدير لن يكون له أي أثر إيجابي في تحقيق التنمية. وتلتزم المحافظات الشمالية بتصدير ما لا يقل عن 250 ألف برميل يومياً وتسليم الإيرادات إلى الخزينة العامة الاتحادية، ومع عدم تزويد محافظات كردستان الحكومة الاتحادية بالإيرادات، تقوم وزارة المال باستقطاع الحصة المحددة. وهدد نواب محافظة البصرة بعدم التصويت على موازنة 2018، إلا بعد إقرار قانون البترودولار، وتضمينه تعهدات مالية بدفع مستحقات البصرة المتأخرة عن تصديرها للنفط، والتي تعهدت الحكومة المركزية بتسديدها منذ أكثر من سنة. وأشارت عضو اللجنة المالية النيابية محاسن حمدون إلى أن «الحكومة مستمرة بسياسة التقشف لأن الأزمة المالية مستمرة حتى العام المقبل، وساهم ارتفاع أسعار النفط إلى 46 دولاراً في تحقيق فائض في الموازنة، إضافة إلى الاستقطاعات من رواتب الموظفين والضرائب والتي كانت تجبى، وتمويل متطلبات الحشد الشعبي والنازحين». وانخفضت احتياطات العراق من النقد الأجنبي مع انخفاض أسعار النفط العالمية، لتصل إلى 45 بليون دولار نهاية عام 2017، مقارنة ب72 بليوناً عام 2014. ويراهن صندوق النقد الدولي على تعافي القطاعات غير النفطية مدعومة بتحسن الاستقرار الأمني المتوقع، وتطبيق الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية. ووجه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الكادر المتقدم في وزارة المال، بإجراء مراجعة دقيقة لاقتراح الموازنة العامة الاتحادية لعام 2018، وخفض النفقات التشغيلية للرئاسات ال3 وللوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة إلى الحدود الدنيا، لضمان تأمين النفقات الأساس، كما أكد ضرورة تأمين الالتزامات الدولية والوطنية في تسديد مستحقات القروض وفوائدها، والاستمرار في تأمين مستحقات المقاولين. وشدد العبادي على «العمل لتعزيز الإيرادات غير النفطية من خلال تفعيل النشاطات وزيادة الإنتاجية، وتأكيد تنشيط القطاع الخاص، ما يمكّنه من أداء دوره المنشود في تحسين الأداء الاقتصادي، ورفع مساهمته في الناتج».