مع نهاية السنة، تكثر الحفلات الفنية والعروض المسرحية في بيروت. وتزين اللافتات الشوارع والطرقات مُعلنة عن برامج حفلات رأس السنة. بيد أن ما قدمته الفنانة الأرمنية ايلين ختشادوريان في مسرح مونو أول من أمس، لا يشبه البتة العروض والحفلات التي تحتضنها بيروت. يفيد اعلان الحفلة بأن ختشادوريان ستقدم الفولكلور الأرمني على ايقاعات موسيقى الروك. ثمة غرابة في الموضوع، مزج التراث بالموسيقى الصاخبة هي تجربة قد تفتح الباب واسعاً امام حركة تجديدية في الموسيقى سيكون أبطالها الجيل الجديد المتعطش الى خرق العادات والتقاليد، كما انها ستتعرض لانتقادات عدّة. قبل سنوات قدّم المطرب القدير وديع الصافي بعض أغنياته مع الفنان الاسباني خوسيه الذي وضع كلمات غجرية على الحان الصافي، وغنى الأخير على وقع الموسيقى الغجرية. تجربة أخرى مثيلة قدمها كل من طوني حنا وحنين اذ شاركا فرقاً موسيقية تقليدية في دول عدّة. يبقى السؤال الأهم هل يقدر أي فنان في لبنان على تقديم الفلكلور اللبناني أو الأغاني التراثية، كما قدّمت الفنانة الأرمنية فولكلورها بطريقة عصرية تحاكي أفكار الجيل الجديد، وعلى انغام موسيقى الروك. يتميز ألبوم"ميدان"باكورة أعمال ختشادوريان، التي غنت معظم أغانيه، بجرأة كبيرة في التمرد على العادات والتقاليد وفتح المجال أمام مجموعة من الشبان لتقديم الفلكلور على أنغام موسيقى الروك التي تشابهت في بعض الأوقات مع موسيقى فرقة"العقارب"scorpions الصاخبة. جمهور القاعة تفاعل مع الفنانة التي ولدت في بيروت عام 1978 وعلا الهتاف والتصفيق بعد كل أغنية تقدمها ختشادوريان، وكأن النغمات وصوت ختشادوريان القوي أعادا الحضور غالبيتهم من الارمن الى سهول أرمينيا وجبالها. وبما أن معظم الاغاني باللغة الأرمنية، كانت ختشادوريان تشرح فحوى الاغنية. وتناولت الأغاني مواضيع عدّة كالأرض والوطن والصباح والربيع والهوية. تميزت الفرقة بأدائها وحيويتها وتبادلها أدوار عزف السولو لإبراز قدرات كل عازف على حدة، مع حركة ختشادوريان النشيطة وتنقلها الدائم بين أركان المسرح. اضافة الى الموسيقى الجميلة التي قدمت في الحفلة، كان للعبة الضوء الأثر الواضح في العرض الفني، اذ كانت الحيل الضوئية التي ابتكرها فادي قاسم عبارة عن منظار يعكس واقع الحياة الأرمنية بكل تجلياتها. انتقلت ايلين من العزف على البيانو الذي تعلمته لسبع سنوات الى الغناء الذي احترفته، وكان الامر بالنسبة اليها طبيعياً لتلقيها دروساً في السولفاج. وخلال تواجدها في باريس اكتشفت الاغنيات التراثية القديمة والتراتيل الدينية الارمنية التي لها تقنية غناء خاصة. معظم أغنيات الألبوم مأخوذة من التراث الارمني باستثناء أغنية"أرافوت" أي الصباح بالأرمنية التي شاركت في تأليفها، علماً أن كلماتها مأخوذة من كلمات شاعر أرمني من بدايات القرن العشرين. وستحيي الفنانة الارمنية حفلات في لندنوباريس وبروكسل في ربيع 2009. وسيكون ألبومها المقبل باللغة الانكليزية. واختارت ختشادوريان الغناء التقليدي في ألبومها الاول ليكتشف الشباب الارمني تراثهم بطريقة عصرية خصوصاً انهم لم يستمعوا الى تلك الأغنيات لأنها قديمة جداً. ألبوم"ميدان"هو ثمرة تعاون بين المغنية وموزعيها الموسيقيين ميران غورونيان و مازن سبليني، وانتاج كارول باببكيان كوكوني ونديم وفرحات، والعازفين، جاد عود ايقاع وهيثم شلهوب بيز غيثار وميران غورونيانغيثار ومازن سبلينيكيبورد. يذكر ان ايلين ختشادوريان ولدت في بيروت في 20 تموزيوليو 1978، وألفت منذ نعومة أظفارها الموسيقى والعزف على البيانو. وفي عام 1996 فازت بمسابقة سيلين ديون وغنت في نقل مباشر مع الكندي ماريو بيلشا خلال الحفلات الثلاث التي قدّمها. وفي عام 1997 سجلت أغنية منفردة بعنوان"lamma"لاقت رواجاً بين الجمهور. وعلى مدى السنوات السبع التي تلت ذلك غنت ايلين منفردة في حفلات الموزع الموسيقي الشهير غي مانوكيان، اضافة الى تقديمها أغنيات باللغة العربية وغنائها في مسرحية"سندباد من الأب الى الابن"، وهو انتاج لبناني - سويسري عرض في لبنان وفرنسا وسويسرا. كما غنت مع الفنان اللبناني زياد الاحمدية عام 2005. ومنذ عام 2007 كرّست ختشادوريان نفسها لألبومها"ميدان". نشر في العدد: 16696 ت.م: 20-12-2008 ص: 39 ط: الرياض