شهدت الطلبات على إنتاج المصانع الصينية في تشرين الثاني نوفمبر الماضي تراجعاً ملحوظاً، في وقت يلجأ زبائنها من متاجر التجزئة الأميركية الى اعتماد خفوضات حادّة لجذب المتسوّقين مع اقتراب موسم عطلات آخر السنة، الذي تخيّم عليه مخاوف من ركود عالمي. وتعاني صادرات كوريا الجنوبية رابع أكبر اقتصاد في آسيا أكبر تراجع لها في سبع سنوات سجل الشهر الماضي بانخفاض 18.3 في المئة على أساس سنوي، وهو أسوأ بكثير من المتوقع. وصدرت تحذيرات صارمة من حكومتي طوكيو وبكين في شأن التهديات التي يواجهها ثاني ورابع أضخم اقتصادين في العالم. وينبئ تراجع قياسي في مؤشر التضخم في أستراليا، وانحسار معدلات التضخم في سائر أنحاء آسيا، بخفوضات جديدة في أسعار الفائدة الأساسية في المنطقة والعالم. ويتوقع أن تعمد البنوك المركزية في بريطانيا وپ"منطقة اليورو"وأستراليا ونيوزيلندا الى خفض تكاليف الاقتراض هذا الأسبوع من أجل إنعاش الطلب. وتراجع متوسط سعر الفائدة القياسي في 11 اقتصاد عالمي رئيس 124 نقطة أساس منذ مطلع العام الجاري. ويعزز فرص خفض سعر الفائدة مجدداً في بريطانيا، تقرير يظهر تراجع أسعار المنازل في انكلترا وويلز 8.1 في المئة في الشهر الماضي، مقارنة بمستواها قبل عام، وآخر ينطوي على تدهور كبير لتوقعات المصانع البريطانية على مدى الربع الأخير. ولا يزال صانعو السياسات المالية يجاهدون لتعزيز نظمهم المالية وحماية اقتصاداتهم، وهو العامل الذي أقر به الرئيس الصيني هو جين تاو مطلع الأسبوع، وقال لمسؤولين صينيين كبار:"في الفترة المقبلة سنواجه بصورة مباشرة تداعيات التفاقم المستمر للأزمة المالية العالمية وضغوطاً، مع تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي في شكل واضح". وظهرت المخاوف ذاتها في تصريحات لوزير الاقتصاد الياباني، كاورو يوسانو، خلال مقابلة مع صحيفة"فايننشال تايمز"قال فيها:"لا أستطيع أن أبلغكم ان الغد سيكون مشرقاً، لقد حان وقت الصمود". وحذّر من أن اليابان التي خرجت للتو في 2005 من معركة لعشر سنوات مع انكماش الأسعار، ربما تكون بصدد وضع مماثل مجدداً في ظل ركود الاقتصاد. ويعقد"بنك اليابان المركزي"اجتماعاً طارئاً هذا الأسبوع لاتخاذ إجراءات لتيسير حصول الشركات على سيولة، من طريق سوق سندات الشركات. ويدرس تخفيف معايير قبوله بسندات الشركات كضمان حتى نيسان أبريل المقبل، من أجل مساعدتها على اجتياز صعوبات فترة نهاية العام الجاري. وحاول الأميركيون الاستفادة من تدنّي الأسعار خلال عطلة الأسبوع الماضي في أكثر فترات العام نشاطاً بالنسبة الى متاجر التجزئة في الولاياتالمتحدة. وأظهرت النتائج المبكرة نمو المبيعات، سواء في المتاجر أو عبر الانترنت، تغذيها خفوضات هائلة في أسعار السلع. وبلغ الإنفاق الإجمالي في عطلة عيد الشكر التي امتدت أربعة أيام، نحو 41 بليون دولار، لكن هذا النشاط قد لا ينبئ بتحسين نتائج شركات التجزئة الأميركية. وتوقعت الناطقة باسم"رابطة التجزئة الوطنية"الأميركية ايلين ديفيز، أن يكون مجمل نمو مبيعات عطلات الأعياد هذا العام عند أضعف مستوى في ست سنوات وبهامش أرباح هزيل. ويشهد الطلب الاميركي على الصادرات الآسيوية الرخيصة ضعفاً، مع انحسار الاقتراض المكثّف الذي كان يمول هذا الإنفاق. وتراجع قطاع الصناعات التحويلية الصيني مع تدهور طلبات التوريد الجديدة، لا سيما من الخارج، ومعه مؤشران يستندان الى استطلاعات تشمل المئات من مسؤولي الشركات في أنحاء الصين، الى مستويات لم تسجل سابقاً. وأوضح مدير أبحاث الاقتصاد في شركة"سي ال اس ايه"اريك فيشويك، ان"الشهر الماضي كان قاتماً للصناعة الصينية والأول الذي يشهد طغيان ضعف الطلب الخارجي على ما كان تباطؤاً محلياً في الأساس". وأفاد كبير الاقتصاديين لدى"بنك كاليون"الفرنسي في هونغ كونغ، سبستيان باربي، ان"التباطؤ العالمي ينال من الدول الآسيوية من طريق كبح تدفقات التجارة ورأس المال". وأظهر استطلاع للرأي أن خبراء الاقتصاد يتوقعون في المتوسط خسارة 316 ألف وظيفة عالمياً، وهو أكبر مستوى منذ تشرين الأول أكتوبر عام 2001. وتدفع المخاوف في شأن طول الأزمة الاقتصادية العالمية المستثمرين الى الاستثمار في السندات الحكومية الأميركية، باعتبارها ملاذاً آمناً، ما دفع عائد الإصدار القياسي لأجل عشر سنين الى أدنى مستوى في 50 سنة. نشر في العدد: 16678 ت.م: 02-12-2008 ص: 23 ط: الرياض