خبر اعلان صحيفة"لوس أنجلس تايمز"إفلاسها الاسبوع الماضية كان أشبه بانفجار قنبلة اعلامية تردد صداه في انحاء العالم. وبدأ كثيرون يقرأون، من خلاله، تداعيات كارثية على الصحف ومؤسسات الإعلام والتسويق في ظل تراجع المبيعات الى ادنى المستويات وانهيار المداخيل الاعلانية وتوجه القراء بشكل متزايد الى الانترنت. وفي حين تبدو الصحف والمؤسسات الاعلامية في العالم العربي"آمنة"على الأقل في المدى القريب، نقلت وكالة"فرانس برس"عن رئيس مؤسسة"واشنطن بوست كومباني"دونالد غراهام ان"النموذج الاقتصادي للصحافة المكتوبة لم يعد مجديا". وهذا ما يتناقله عدد متزايد من مراقبي المشهد الاعلامي الاميركي، تعبيرا عن الظروف الصعبة للصحف الى حد باتت الاسماء الكبرى في تاريخ الصحافة في خطر. واعلن غراهام، في مؤتمر صحافي في نيويورك، عارضا التوقعات لاثنين من اصدارات مجموعته الكبرى، ان"واشنطن بوست ونيوزويك ستتكبدان خسائر العام 2008". كذلك اعلنت مجموعة"تريبيون"الاعلامية التي تملك صحيفتي"شيكاغو تريبيون"و"لوس انجلس تايمز"الاسبوع الماضي وضع نفسها تحت رعاية قانون الافلاس الفصل الحادي عشر. وقالت اريكا سميث الصحافية في"ساينت لويس بوست - ديسباتش"، المعنية باحصاء الوظائف التي يتم الغاؤها في هذا القطاع، ان الصحافة الاميركية سرحت نحو 15400 شخصا هذه السنة او دفعتهم الى الرحيل من خلال صناديق خاصة. وحتى صحيفة"نيويورك تايمز"، الابرز بين الصحف الاميركية، اعلنت الاسبوع الماضي انها ستقترض 225 مليون دولار لقاء رهن مقرها الجديد في منهاتن، لمواجهة ازمة السيولة الناتجة عن انكماش سوق القروض وتراجع ارباحها. ولا يمضي يوم واحد الا ويحمل حصته من الانباء السيئة، اذ يؤدي تباطؤ العجلة الاقتصادية الى تراجع العائدات الاعلانية ويحض العديد من شركات الاعلانات على تركيز عملها على المواقع المجانية على الانترنت، حيث لوحظت زيادة في العائدات الاعلانية. هذا في الولاياتالمتحدة، فكيف سيكون الحال في العالم العالم العربي؟ لا يبدو أن خبر إشهار "لوس أنجلس تايمز"إفلاسها سيكون له وقع كارثي على الصحف ومؤسسات الإعلام والتسويق في العالم العربي. ففضلاً عن الاختلاف في آلية ملكية المؤسسات الإعلامية بين أميركا والعالم العربي، والذي يعطي حصانة أكبر للأخيرة، فإن مخاوف تراجع نسبة الإعلانات بصورة مؤثرة لا تزال تشكل"خطراً غير وشيك"على الصحف العربية عموماً، والسعودية الأعلى دخلاً في المنطقة خصوصاً، طبقاً لمتخصصين في الإعلام والتسويق تحدثت اليهم"الحياة". واعتبر رئيس تحرير صحيفة"الوطن"السعودية جمال خاشقجي، أن المخاطر على الصحف السعودية"تمثل تحدياً قائماً، وإن ليس الآن بل في المستقبل، حتى مع عدم تشابه الظروف التي دفعت لوس أنجليس تايمز الى الإفلاس". وقال رئيس تحرير صحيفة"الاقتصادية"السعودية عبدالوهاب الفايز، إن البيئة التنافسية بين الصحف الأميركية والأوروبية تزيد من نسبة المخاطر، بعكس ظروف العالم العربي التي تزيد من تفاؤل المستثمرين في هذا القطاع من ذوي الفرص الكبيرة، لا سيما مع وجود إدارة رشيدة. ورأى المدير التنفيذي ل"الشركة الوطنية للإعلان"مروان ديماس، أن ملكية مؤسسات الإعلام الكبرى في العالم العربي لأشخاص أو دول"تعطيها حصانة أكبر ضد مخاطر أزمة الاقتصاد العالمي". وتوقع تراجع سوق الإعلانات التي نمت بشكل كبير في السنوات الثلاث الأخيرة، بنسب تتراوح بين 20 و30 في المئة، لكنه استبعد الربط بين تراجع أرباح مؤسسات إعلامية عربية كبرى منتصف السنة الحالية والأزمة المالية، إذ إن"التراجع كان لأسباب أخرى تتعلق بزيادة مشاريع الاستثمار لتلك الشركات، ما يعني أنها ستعود بزيادة في الأرباح مستقبلاً". وأكد أن المتخصصين في صناعة الإعلام ينادون دائماً بإدارة الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية من المنظور الإعلامي، وليس من المنظور التجاري، لأن الوسيلة الإعلامية المنتشرة لا خوف عليها، لأنها ستجلب إعلانات على قدر انتشارها. وإن اعترف ديماس بأن الأزمة المالية العالمية تنسحب على العالم بأجمعه، إلا أنه استبعد أن يكون في إفلاس مؤسسة إعلامية أميركية كبرى تهديداً لمثيلاتها في المنطقة، وقال:"لا نتوقع انخفاضات كبيرة في السوق الإعلانية للسنة 2009، لكننا أيضاً لا نتوقع نمواً". نشر في العدد: 16693 ت.م: 17-12-2008 ص: ط: الرياض عنوان: خبراء المؤسسات العربية "آمنة" في المدى القريب على الأقل . الصحافة الورقية العالمية : تراجع المبيعات وانهيار المداخيل وتقدم الأنترنت