وسع المصرف المركزي الروسي الجمعة الماضية، للمرة الثانية في أسبوع والثالثة هذا الشهر، هامش سعر صرف الروبل في مقابل سلة من العملات، ورفع سعر الفائدة في محاولة للحد من هجرة رؤوس الأموال، وكبح التضخم، وتخفيف الضغط على العملة الوطنية. وسمح المركزي للروبل بالهبوط أمام سلة العملات المعتمدة 0.45 يورو و0.55 دولار نحو واحد في المئة إلى 31.3 روبل، ما يعني عملياً عدم تدخله لدعم العملة الروسية في حدود أسعار الصرف الجديدة. وفاجأت الخطوة السوق، لكن محللين لفتوا إلى أن سياسة المركزي في"تعويم متدرج"للعملة، تستغل ضعف الدولار أمام اليورو في السوق العالمية، لتوسيع هامش صرف الروبل أمام سلة العملات. ويؤكد محللون وخبراء مصرفيون، أن المركزي سيواصل تعويم الروبل مستقبلاً، وربطَ بعضهم بين تغيرات في سياسة الصرف وسعر النفط. ففي حال اتجه الأخير نحو الارتفاع، يمكن توقع تحسن في صرف الروبل. ولم يستبعد خبراء انخفاضه 10 في المئة في حال تراجع سعر برميل النفط إلى 35 دولاراً، لكنهم توقعوا استمرار دعم المركزي الروسي"جزئياً"للعملة الوطنية حتى نهاية السنة بغض النظر عن أسعار النفط. وقال محلل في" ترست بنك"في حديث الى"الحياة"، إنه يتوقع انخفاض الروبل في مقابل سلة العملات نحو 3 في المئة حتى نهاية السنة الحالية، على ثلاث مراحل، وعدم السماح بهبوط كبير باستخدام احتياطات المركزي من الذهب والعملات الأجنبية، لكنه توقع تغيراً كبيراً في سياسة الصرف بداية السنة المقبلة وهبوط العملة الوطنية نحو 15 في المئة حتى نهاية 2009 مع تراجع احتياط العملات الأجنبية. واستغرب خبراء سياسة المركزي الروسي، اللجوء إلى سعر الصرف ورفع الفائدة. ولفت بعضهم إلى عدم فعاليتها في التخفيف من هجرة رؤوس الأموال من روسيا، بل على العكس قد تزيدها، وأكدوا أن السماح بتقويم صرف الروبل مرة واحدة"أكثر نجاعة"على رغم الأخطار السياسية والاقتصادية. وفي اطار محاولة الحد من هجرة الأموال رفع المركزي الفائدة على إعادة التمويل والقروض واحداً في المئة لتصبح 13 في المئة. لكن خبراء حذّروا من خطورة الخطوة على الاقتصاد الروسي إذ ترفع سعر الفائدة على الروبل، وتخفف حجم القروض لقطاعات الاقتصاد الحقيقي، وتحد من المنافسة ما يرفع معدّل التضخم في البلاد، بالتلازم مع نقص حاد في المواد الأساسية وعدم قدرة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على قروض رخيصة. ولن يحد رفع الفائدة في التخفيف من هجرة الأموال أو يخفف الضغط على الروبل، الذي سيواصل هبوطه مع هبوط أسعار النفط وتراجع احتياط العملات الأجنبية.