انتظر محبو "الملكة إليزابيث الثانية" وقتاً طويلاً قبل أن تطل برأسها من الأفق. رأوها فراحوا يلوحون بالرايات الإماراتية والبريطانية تحية لها، ويقابلهم بالمثل أشخاص أصروا أن يكونوا على متنها في رحلتها الأخيرة. تضارب المشاعر بين المودعين والمستقبلين أضاف نزعة إنسانية على صفقة تجارية تقضي بانتقال ملكية السفينة"كيو إي 2"إلى شركة"نخيل"الإماراتية، وتقاعدها في دبي. وفي موطنها الجديد، سيكون بانتظارها يوميات مختلفة تماماًَ عما عاشته مدة 40 سنة متنقلة بين موانئ العالم. هناك ستمضي بقية حياتها عند جذع جزيرة"النخلة - جميرا"، بصفتها فندقاً عائماً من فئة السبع نجوم، يضم متحفاً للتراث البحري يعرض تاريخها العريق. قبل وصولها إلى ميناء راشد في دبي، حيث أقيم لها استقبال رسمي، كانت ملكة الأمواج، كما تلقب، انطلقت في 11 من الشهر الجاري، من ميناء ساوثمنتون البريطاني، حيث كان الوداع الدامع مهيباً ويليق بها. فالراحلة هي أيقونة البحرية البريطانية بلا منازع. وبعد 16 ليلة، استغرقتها الرحلة للوصول إلى دبي، تحولت الدموع البريطانية فرحاً إماراتياً بوصول"الملكة"التي لن تغادرهم بعد الآن. فسفينة"كيو أي 2"تعتبر من أشهر السفن في العالم، منذ قيامها بالرحلة الأولى عام 1968 وحتى اليوم. لقد اكتسبت هذه السفينة شهرتها من تحطيمها عدداً من الأرقام القياسية في السرعة والثبات والقوة ومدة الخدمة وعدد الرحلات التي قامت بها. إذ أنها أبحرت حول العالم 25 مرة، وعبرت المحيط الأطلسي أكثر من 800 مرة. وحملت على متنها أكثر من 2.5 مليون راكب، بينهم ملوك وملكات ورؤساء دول وحكومات، وروّاد فضاء ومشاهير. كما نجت السفينة من موجة ارتفاعها 95 قدماً خلال هبوب إعصار"لويس". وشاركت في حرب جزر فوكلاند وحملت 3000 فرقة عسكرية خلالها. كما أنقذت 500 مسافر من حطامِ عابرة المحيطات الفرنسية"انتي"بعد نشوب حريق فيها. وظهرت السفينة في عددٍ من الأفلام والعروض التلفزيونية، ودائماً ما كانت تستقطب الأنظار في كل رصيفٍ ترسو فيه. وكانت"دبي العالمية"، الشركة الأم ل"نخيل"، اشترت السفينة في العام الماضي ب 100 مليون دولار. ويتوقع أن تبقى السفينة في ميناء راشد فترة معينة، لإجراء دراسات هندسية عليها، قبل نقلها إلى حوض دبي الجاف حيث ستبدأ أعمال إصلاحها وتحديثها التي تستمر نحو سنتين. ولكلا المكانين اللذين سترسو فيهما"كيو إي 2"، قبل انتقالها إلى وجهتها النهائية في جزيرة"النخلة"، رمزية خاصة. فالملكة إليزابيث، التي تحمل السفينة اسمها، كانت شاركت في تدشين الحوض الجاف قبل 29 سنة، وكذلك قامت بجولة في ميناء راشد للاطلاع على سير العمل في الميناء الذي كان يخضع للمرحلة الثانية من التطوير، وذلك في أول زيارة رسمية لها إلى الإمارات. نشر في العدد: 16674 ت.م: 28-11-2008 ص: الأخيرة ط: الرياض