قبل أن يفوز باراك أوباما بالرئاسة الأميركية وبعد فوزه وحتى اليوم كتبت محذراً من تعامل عرب ومسلمين كثيرين مع الرئيس الجديد وكأنه واحد منا، أو أنه حليف لنا، فهو أولاً وأخيراً أميركي، وليس مسلماً أو مواطناً كينياً، وسيسعى لما فيه مصلحة بلده ثم مصلحته السياسية الشخصية. وفي تقديري ان المصالح العربية والأميركية تلتقي كثيراً، وأن الانحياز الكامل لإسرائيل يضر بالمصلحة الأميركية، لذلك أرجو أن أرى علاقات عربية - أميركية أفضل في ولاية باراك أوباما، لا أكثر ولا أقل. نستطيع أن نتفق جميعاً على أمر آخر هو أن باراك أوباما أفضل رئيساً من جورج بوش، وقد تمنيت فوز أوباما وطلبت من الأميركيين في أسرتي، وهم كثر، أن يصوتوا له. أتوقع إدارة أفضل كثيراً مما رأينا في سنوات بوش الثماني العجاف، والإدارة ليست الرئيس وحده وإنما هي المسؤولون حوله، فالرئيس الجديد سيعيِّن ألوفاً منهم، إلا أننا نركز دائماً على المواقع الرئيسة أو تلك التي تؤثر فينا. ثمة أسماء كثيرة متداولة، بعضها أعلن رسمياً تعيينه، وبعض آخر سيعلن بعد عطلة عيد الشكر، وهي دائماً يوم الخميس الرابع من تشرين الثاني نوفمبر، أي اليوم، فلعلنا نسمع تأكيداً لتسلم هيلاري كلينتون وزارة الخارجية وتعيين الجنرال جيمس جونز مستشاراً للأمن القومي، وبيل ريتشاردسون وزيراً للتجارة، بعد ثبوت بقاء روبرت غيتس وزيراً للدفاع، وتسليم توم داشل الصحة والخدمات الإنسانية. وكنت سميت داشل يوماً السناتور فاشل لتأييده اسرائيل في كل تصويت. أما ريتشاردسون فمن أصول لاتينية أميركية هسبانك على رغم اسمه، وهذا يكفينا منه، فالأميركيون من أصل أميركي جنوبي، مثل السود، يتعاطفون مع العرب ويفهمون قضاياهم. أما جونز فهو جندي محترف شهرته انه مستقل الرأي وجريء، ويكفيني شخصياً منه أن يجد بديلاً لإليوت ابرامز، فأقل ذنوب هذا دوره في فضيحة ايران/ كونترا، وذنبه عندي انه محافظ جديد اسرائيلي لا يمكن أن يسلَّم مسؤولية الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي أو أي وكالة رسمية أميركية، لأنه سيمثل اسرائيل قبل بلاده، فهو من نوع السناتور جو ليبرمان الذي كان وجوده الى جانب جون ماكين في حملة الانتخابات سبباً كافياً لتأييد أوباما. يبدو من خيارات أوباما حتى الآن، ومن الأسماء المتداولة للمناصب العليا، ان الرئيس الجديد الذي كان شعاره على امتداد حملة الانتخابات التغيير يفضل الخبرة والتجربة، لأن جورج بوش ترك له تركة ثقيلة جداً، ولا يستطيع أن يأتي بناس يتعلمون العمل وهم يقومون به. وهكذا أستطيع أن أقول انني لم أسمع اسماً واحداً في نطاق التعيينات المؤكدة والمقبلة لم أسمع به من قبل، خصوصاً مع اكتمال الفريق الاقتصادي. تيموثي غايتنر كان خيار أوباما لمنصب وزير الخزانة المهم جداً في الأزمة المالية العالمية الحالية، وهو صاحب خبرة واسعة على رغم صغر سنه نسبياً، وسيأتي الى واشنطن من رئاسة الاحتياطي الفيديرالي في ولاية نيويورك. غير أنني أتابع التعيينات من منطلق اهتماماتي العربية وهمومي، وأسجل أن غايتنر كان من مساعدي لورنس سامرز، وزير الخزانة أيام بيل كلينتون، وسامرز ليكودي متطرف يتهم كل من يهاجم اسرائيل باللاسامية، وقد اشتبك مع أساتذة في جامعة هارفارد عندما رأسها بسبب اسرائيل واعتراضهم على عنف الاحتلال ضد الفلسطينيين، وسامرز الآن سيعمل مستشاراً اقتصادياً للرئيس. طبعاً كان أول تعيين مهم في ادارة باراك أوباما اختيار الإسرائيلي الأميركي رام ايمانويل كبيراً لموظفي البيت الأبيض، وهو النائب الديموقراطي الوحيد من الينوي الذي صوّت مؤيداً الحرب على العراق، وكان عمل جندياً في الجيش الإسرائيلي وابن ارهابي من عصابة شتيرن التي كان لها دور في نسف فندق الملك داود ومجزرة دير ياسين، وربما زدت اليوم ان الأب الإرهابي الطبيب بنجامين صرح الى جريدة"جيروزاليم بوست"بعد تعيين ابنه بهذه الكلمات:"واضح انه سيؤثر في الرئيس ليؤيد اسرائيل، لماذا لا يفعل؟ من هو؟ عربي؟ هو لن ينظف أرض البيت الأبيض". واعتذر الابن عن عنصرية أبيه بعد احتجاج المنظمات العربية - الأميركية، وقال ان أوباما لا يحتاج الى نفوذه"لتوجيه سياسته باتجاه اسرائيل". ايمانويل اسرائيلي وسامرز ليكودي، وغايتنر من نوع معلمه سامرز، إلا أن هذا لا يعني أن نشتمهم، فأنا هنا أكتفي بتسجيل ما أعرف عنهم، وهذا يشمل معرفتي بأن كلاً منهم مؤهل تماماً لمنصبه، وشهرة ايمانويل انه صدامي يحصل على ما يريد، أما سامرز فلا أعرف أحداً أفضل منه قدرةً اقتصاديةً في ظل الأزمة الحالية، وغايتنر مؤهل تماماً وسجله يؤكد ذلك. سأكمل غداً بالأسماء المتداولة مركزاً على ما يهم العرب والمسلمين من سياسة بعضهم، ولكن مع إنصاف القادرين منهم، وكل رجائي أن يقرأ العرب والمسلمون الإدارة المقبلة كما هي، لا كما يتمنون. نشر في العدد: 16673 ت.م: 27-11-2008 ص: الأخيرة ط: الرياض