أمران يستطيع المتابع العربي للقنوات الأوروبية أو "الأجنبية"، أن يتأكد منهما بسهولة، الأول هو مدى رداءة الإعلانات على القنوات العربية، وسذاجتها في التعبير عن نفسها، أو في كيفية إقناع الناس بجودة المنتج، وكفاءته. والثاني، والذي سرعان ما سيكتشفه المشاهد هو رداءة السلع العربية المروّج لها نفسها. فالإعلانات العربية بمجملها، لا تروّج لبضائع محلية، ومعظم الإعلانات على الفضائيات العربية تروج لماركات أجنبية كالالكترونيات والهواتف المحمولة والتلفزيونات، أو السيارات وزيوت السيارات، وغيرها من ماركات الملابس والعطورات، حتى أن بعض المحطات تبث حملات إعلانية عن السياحة في تركيا أو ماليزيا. أما الإعلانات عن بضاعتنا العربية، فهي تقتصر على إعلانات"العلكة"و"البسكويت"و"السمن النباتي"أو الزيوت، ومستحضرات التنظيف، وتلميع الأحذية. حتى إعلانات السياحة المحلية نادراً ما تبث على هاته الفضائيات. وهذه الإعلانات في مجملها لا تستحق المتابعة والتركيز، فهي لا تتميز بالجدية، وبالفكرة، او بالطرح الذكي، ومعظم الدعايات التي تبث تصاغ على موسيقى إحدى الأغنيات المعروفة، بتبديل كلماتها، وتسريع اللحن قليلاً ليتلاءم معها. والقائمون عليها لا يتمتعون في شكل عام بالحس الإعلاني، ولا يمتلكون حتى ولو أقل القليل من سر المهنة. إذاً، فالإعلانات الوحيدة التي تستحق المتابعة أو الاهتمام على الفضائيات العربية هي تلك التي تسوّق لبضاعة أجنبية، بالتالي لا يكون الإعلان نفسه محلياً. من هنا لا بد من إسداء نصيحة لوجه الله للشركات الإعلانية العربية، بأن يمضوا ساعة من وقتهم أمام قناة NT1 الفرنسية، أيام السبت من كل أسبوع، في العاشرة ليلاً، لمتابعة برنامج، BEST Of - culture pub، وهو برنامج فرنسي، يبث على أكثر من محطة فرنسية على أي حال. البرنامج يقدم في كل حلقة لأفضل عشرة إعلانات لسلع ومنتجات في الأسواق. وهو يترك المجال للمشاهد لمتابعة الإعلان، مع تعليق على الأمور التي تم التركيز عليها خلال التصوير، لإتاحة المجال للمشاهد كي يتأكد من مدى جودة البضاعة المروج لها. الجرأة في طرح الفكرة، ونوع من الفكاهة والكوميديا، أو بعض التأثيرات التي قد تضاف إلى الدعاية، إضافة إلى التركيز على ما يرغب به المستهلك وغيرها من الأمور التي يتقنها المختصون، كل هذا يجعل الإعلانات محط أنظار، ولافتة للانتباه، لأنها تثير حس الفضول عن المتابع، وهو الأمر الذي تفتقده الإعلانات العربية. إحدى الدعايات صورت رجلين ضخمين يتمكنان من دخول سيارة مرسيدس صغيرة الحجم - لا تتسع سوى لشخصين - بسهولة وسلاسة. إعلان آخر للسيارة نفسها يصور مستوعباً بلاستيكياً للبنزين حزيناً، كونه أصبح عديم الفائدة بعد أن اشترى صاحبه سيارة صغيرة توفر في استهلاك البنزين. وللسيارة نفسها إعلان يصورها كملجأ لشاب وفتاة هربا إليها بعد أن دخل أحد الديناصورات مدينتهما، ولم يصمد تحت قدميه شيء سوى هذه السيارة الصغيرة. ثلاثة إعلانات لسلعة واحدة اهتمت بما قد يفكر به مشتري هذه السيارة: الاتساع، ومدى توفيرها في استهلاك البنزين، ومتانتها. الخفة في طرح الفكرة ومعرفة ما يسعى إليه المستهلك، وكل ما يثير انتباهه وفضوله، أمور يجب أن تتوافر عند القائمين على الإعلانات والدعاية في محطاتنا العربية، لتصبح إعلاناتهم - والتي تقطع كل البرامج والمسلسلات في الفضائيات - محط أنظار المشاهدين. لعلها توقف زحف الإعلانات الغربية على قنواتنا العربية. نشر في العدد: 16667 ت.م: 21-11-2008 ص: 26 ط: الرياض