توفيت ميريام ماكيبا عن 76 سنة في ليلة 9 الى 10 تشرين الثاني نوفمبر الجاري. وكانت تغني على مسرح كاستيل فولتورنو، وهي بلدة من بلدات جنوب نابولي، وتشارك في تأييد الكاتب روبيرتو سافيانو، صاحب"عمورة"، ومظاهرته على منظمة الكومورا، مافيا نابولي، وتهديدها الكاتب الشاب بالقتل. وجاءت ماكيبا، وسبعة من موسيقيي فرقتها، الى نابولي حيث قتلت العصابة في أيلول سبتمبر وحده 6 مهاجرين أفريقيين وإيطالياً واحداً. وحين أرادت ترك الخشبات بعد فصل غنائها، وألح الجمهور في استمرارها، سئل الجمهور عن طبيب في صفوفه. ف"ماما أفريكا"، أحد ألقاب مريم ماكيبا، أصيبت للتو بنوبة قلبية لم تلبث أن أودت بها وهي تغني لضحايا الجرائم العنصرية ومتعقبي رواة الحقائق والوقائع الفظيعة. ومنذ 1956 ومغنية"باتا باتا"على الشفاه كلها. وأغينتها الأولى هذه، بعثت في 1968، وحركات هذا العام الشبابية، في أرجاء العالم. وهي كانت، منذ الثامنة، تنشد في جوقة كنسية بجوهانسبورغ جنوب أفريقيا. وتنقلت بين المدن مع فريق هواة. ولما بلغت العشرين انضمت الى فريق"بلاك مانهاتان براذرز"، ونصبت نجمته في 1952. وكان مضت 5 سنوات على قيادة البيض القوميين والعنصريين جنوب أفريقيا. فتركت بلدها في 1957 من غير أن تعلم أن مناهضتها التمييز العنصري، وصور التعصب العرقي كلها، ستجر عليها الحكم بالنفي والإقصاء وإلغاء الجنسية. فسافرت الى الولاياتالمتحدة حيث غزت على المسارح الكبيرة، وأحيت جولات في طول البلاد وعرضها. واشتهرت بغناء يمزج شعر قوم كزونسا، أهل والدة مانديلا، وموسيقى الجاز، على ما لاحظ أحد النقاد في 1960. وطوال 30 سنة سافرت الى عدد كبير من البلدان. وفي 1966 نالت جائزة"غرامي أوارد"على غنائها مع هاري بيلافونتي. وكان لقاؤها بالمغني الأميركي الأسود، المناضل في سبيل الحقوق المدنية، ومستشار كينيدي الثقافي وسفير"يونيسيف"في 1987، حاسماً، فهما مصدر توليد موسيقي عرف باسمه التجاري"موسيقى العالم""وورلد ميوزيك". وكان بيلافونتي قريباً من مارتن لوثر كينغ. فتزوجت مريم ماكيبا أحد قادة"الفهود السود"، ستوكلي كارمايكل، في 1969. والتقى مارتن لوثر كينغ ومالكولم اكس سراً غير مرة. ولم يلبث أن اغتيل الرجلان، وقتل قادة"الفهود"تباعاً، ولم ينج واحد منهم. وطبقت شهرة"باتا باتا"الآفاق بينما تحولت صاحبتها شخصاً غير مرغوب به. فرحلت الى غينيا، وتوطنتها. وعودتها الى أفريقيا لم توصد أبواب أوروبا. فاختارت الإقامة مواطنة فخرية، أو مواطنة شرف في عشرة بلدان منها فرنسا. وفي 1987، غنت مع بول سيمون"غرايسلاند"، غداة وفاة بنتها وإصابتها بالاكتئاب. فزاعت الأغنية ذيوع"باتا باتا". وحين أعطتها فرنسا جنسيتها، في 1990، كانت جنوب أفريقيا تنقلب رأساً على عقب. فاستجابت دعوة نلسون ما نديلا الى العودة والإقامة. ولم ينفك صوتها الأليم والفرح يروي على مسامع العالم والشعوب"مديح الحقيقة وليس السياسة"، على قول مريم ماكيبا. عن فرنسيس مارماند"لوموند"الفرنسية، 12/11/2008 نشر في العدد: 16665 ت.م: 19-11-2008 ص: 29 ط: الرياض