وقع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الأميركي في بغداد ريان كروكر"مبدئياً"مسودة الاتفاق الأمني الذي أقرته الحكومة العراقية الأحد، واعتبر زيباري التوقيع"يوماً تاريخياً في علاقات البلدين"، فيما دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر البرلمان الى رفضه. كما رفضته سورية لأنه"يعطي المحتل حقوقاً على حساب العراق وجيرانه وأشقائه". ويعد الاتفاق الأمني اتفاق وضع القوات - صوفا وأطلق عليه عراقياً"اتفاق انسحاب القوات الاميركية"، مكملاً ل"اتفاق الإطار"الاستراتيجي الذي يشكل جوهر الالتزامات الأميركية حيال العراق في المجالات السياسية والديبلوماسية والثقافية والاقتصادية. وقال زيباري بعد توقيع مسودة الاتفاق الأمني و"الاطار"الذي قرئ قراءة أولى في البرلمان أمس، إنه"يوم تاريخي للعلاقات بين البلدين". وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع كروكر أن"الاتفاق يهدف الى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية بين البلدين، بالاضافة الى الاتفاق على خطة سحب القوات"، وزاد ان"مثل هذا الاتفاق تطمح اليه كل دول العالم". وكان مجلس الوزراء أقر بغالبية 27 وزيراً من أصل 37 مسودة الاتفاق الأمني، بالإضافة الى"الاتفاق الإطار"الذي يترجم المبادئ التي وافق عليها الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي نهاية عام 2007. وفيما يركز الاتفاق الأمني الذي شهد النسبة الأكبر من الجدل طوال الشهور الماضية لتنظيم وجود القوات الاميركية في العراق والتزاماتها على المستوى الأمني، يختص"الاطار"في التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والديبلوماسية بين البلدين على المدى الطويل. وينص على تقديم الولاياتالمتحدة الدعم الى الحكومة العراقية لحماية النظام الديموقراطي، واحترام الدستور وصيانته، وتحقيق المصالحة الوطنية، وتعزيز مكانة العراق في المنظمات والمؤسسات والمحافل الدولية والاقليمية، وتشجيع الجهود السياسية الرامية الى ايجاد علاقات ايجابية مع الدول في المنطقة والعالم. ويلخص الجانب الاقتصادي في الاتفاق الدعم الأميركي للنهوض بالعراق في مختلف المجالات الاقتصادية، ومساعدته في الانتقال الى اقتصاد السوق، ودعم ما ورد في وثيقة العهد الدولي، وتوفير المساعدات الفنية والمالية للعراق لبناء مؤسساته وبناه التحتية، وتسهيل تدفق الاستثمارات الاجنبية، بالاضافة الى المساعدة في إنهاء ديون العراق الخارجية والحصول على معاملة أميركية تفضيلية، تقابلها معاملة عراقية مماثلة للشركات الأميركية. وكان الاتفاقان نصاً واحداً حتى منتصف العام الجاري، عندما اضطر الجانبان الى فصلهما خلال المفاوضات لإنهاء"الاطار"قبل الدخول في تفاصيل الاتفاق الامني. وقال الرئيس جلال طالباني خلال استقبال كروكر ومسؤول ملف العراق في الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد ان"الاتفاق يعيد السيادة والاستقلال الى العراق. ويثبت دعائم الأمن والاستقرار وإنعاش الاقتصاد والاعمار وخروج العراق من البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة والتدخلات الخارجية". وعلى رغم تأييد قوى اساسية للاتفاق، ك"حزب الدعوة"و"المجلس الاعلى العراقي"والاكراد، قال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إن الاتفاق هو"بيع للعراق وشعبه كما بيعت أراضي شعوب مسلمة قبل ذلك"، ودعا البرلمان الى رفضه"بلا تردد". وزاد أن"هذه هي أولى بصمات الذل والعار تطبعها الحكومة العراقية الحالية بمساعدة كتلة الائتلاف وبعض الاحزاب الكردية". وتابع ان"خروج المحتل واجب وطني لا يحتاج إلى اي اتفاق مع من لا عهد له ولا دين". ويواجه معارضة وتحفظات قد تؤخر اقراره، أبرزها انضمام"الحزب الاسلامي"الى التيار الصدري في الدعوة الى الاستفتاء. وعلمت"الحياة"ان تسوية تمت بين الجانبين الاميركي والعراقي قضت ب"تنازل متبادل". وأوضح مصدر عراقي مطلع ان التسوية قضت"بتنازل بغداد في مسألة حصانة الجنود الاميركيين، واستثناء المتعاقدين معهم من الشركات الامنية، في مقابل تنازل الاميركيين في مسألة الانسحاب". مضيفاً ان"الجانب العراقي أصر على مواعيد محددة وغير قابلة للتأويل لسحب القوات الاميركية، ونجح في ذلك". واعتبر المصدر ان"هذه الصيغة أفضل الممكن في ظل الظروف والاوضاع الراهنة". في دمشق، انتقد وزير الاعلام السوري محسن بلال الاتفاق، وقال في كلمة خلال مؤتمر وزراء الاعلام والاتصالات العرب ان"الاحتلال الاميركي يعمل على فرض شروطه على العراق ويحاول شرعنة وجوده الغاصب والغاشم باتفاقية تكافئ المحتل وتمنحه حقوقاً ليس على حساب أصحاب الأرض فقط بل على حساب جيرانهم واشقائهم". وأكد ان"الشعب العراقي لا يمكن ان يتقبل ما يسيء الى تاريخه واستقلاله وكرامته وما يؤذي اشقاءه في الدول المجاورة". نشر في العدد: 16664 ت.م: 18-11-2008 ص: الأولى ط: الرياض